لكي نكون راضين عن حكمة الله، يجب أن نلتزم بالإيمان والأوامر الدينية ونمارس الصبر.
الرغبة في الرضا عن حكمة الله هي واحدة من أبرز القيم الروحية التي يحتاجها المسلم في حياته اليومية، حيث أن الحكمة الإلهية تمثل جوانب عميقة من الفهم الإيماني الذي يعزز قوة المؤمن عند مواجهة مختلف تقلبات الحياة. إن فهم حكمة الله وعظمته في تدبير الأمور ليس مجرد فكرة نظرية، بل هو موقف يتطلب إدراكًا عميقًا وممارسة عملية في الحياة. في هذا المقال، سنستعرض رؤى متعددة حول مفهوم الرضا عن حكمة الله، وكيف يمكن للمسلم أن يستند إلى تعاليم القرآن الكريم لتحقيق هذا الرضا، بالإضافة إلى بعض النصائح العملية التي تعين على ذلك. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" (سورة البقرة، الآية 286). إن هذه الآية تحمل رسالة قوية للمؤمنين بأن كل اختبار وابتلاء هم فيه ليس إلا بمقدار طاقاتهم وإمكاناتهم. فمهما كانت الصعوبات التي يواجهها الإنسان، عليها أن تكون في نطاق قدرته. وهذا يعكس مدى رحمة الله وحنانه على عباده الذين يواجهون مختلف التحديات في حياتهم. تتجلى الحكمة الإلهية أيضًا في الفهم العميق لطبيعة الحياة ووجود الاختبارات التي تُعتبر جزءًا لا يتجزأ منها. فالحياة ليست دائمًا سهلة، بل انما تتضمن صعوبات وتحديات، وهذه هي السنن الكونية التي أقرّها الله. إن الإيمان بحكمة الله يساعدنا على تقبل هذه التحديات والنظر إليها كفرص للنمو والتطور بدلاً من اعتبارها محناً. وفي سياق آخر، جاء في سورة آل عمران، الآية 186: "إنما أموالكم وأولادكم فتنة...". هذه الآية تُذكر المسلم بأن الحياة ليست مرادفة للراحة والسعادة المستدامة، بل تتضمن عناء وتجارب قد تُعكر صفو الحياة. إن الأموال والأولاد، وكما يذكر الله، فتن تُختبر فيها إيماننا وقدرتنا على الصبر. يجب أن نكون واعين أن ما لدينا في هذه الحياة هو نعمة سنُسأل عنها، وبالتالي فإن شكر الله وحمده على هذه النعم يساعدنا في تعزيز الرضا بقضائه وقدره. إن الرضا عن حكمة الله يُعطينا القدرة على النظر إلى الحياة من زوايا مختلفة. عندما نتجاوز فكرة التفاؤل والاعتقاد بأن كل شيء يجب أن يكون مثالياً، نصبح قادرين على التعلم من كل تجربة، سواء كانت جيدة أم سيئة. الحياة تجارب، ومن خلال التجارب نتعلم دروسًا قيمة تساعدنا في مسيرتنا نحو الكمال الإنساني. علاوة على ذلك، يُذكّرنا الرضا عن حكمة الله بأهمية التوجه بالدعاء والعبادة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُغَيِّرُ الله مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ". وهذه العبارة تلقّننا درسًا عظيمًا في أهمية تغيير النفس وتعزيز الإيمان بداخلنا، وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تحقيق الرضا عن حكمة الله وتجديد الحسنات. علينا أن نحرص على العبادة والدعاء في أوقات الشدة، لأن ذلك يعزز صلتنا بالله ويجعلنا أكثر قدرة على التأمل في حكمته وعظمته. تجدر الإشارة أيضًا إلى أن الالتزام بالأوامر الدينية والصبر في مواجهة الصعوبات هما من السبل الرئيسية للوصول إلى الرضا عن حكمته. عندما نعمل وفقًا لما أمرنا الله به ونصبر على الابتلاءات، نكون في مسار لتحسين أنفسنا ونقترب أكثر من الله. علينا أن نذكر أنفسنا دائمًا بأن كل حدث في حياتنا هو جزء من خطة إلهية، حتى وإن لم نكن قادرين على فهم هذه الخطة في اللحظة الراهنة. كون الرضا عن حكمة الله حالة ذهنية وروحية تحتاج إلى العمل المستمر. لذا، يجب على كل مسلم أن يسعى لتغذية هذه الحالة من خلال الأعمال الصالحة، مثل القراءة في كتب التفسير والنهل من معانيها، ومجالسة العلماء وأهل الفضل، والتفكر في آيات الله وعجائب خلقه. إذ كلما نظرنا إلى عظمة الخالق وعجائب الكون من حولنا، نكتشف أن حكمته تفوق إدراكنا، ونتعلم أن نستسلم لمشيئته بقلب مطمئن. في الختام، الرضا عن حكمة الله هو عملية تحتاج إلى إيمان حقيقي واستعداد نفسي. إن فهمنا العميق لوظيفة الحياة ولحكمة الخالق عز وجل يساعدنا في تجاوز الصعوبات ويُعطينا القناعة والسكينة الداخلية. لذا، يجب علينا أن نسعى دائمًا نحو تقوية إيماننا والتعمق في معاني الحكمة الإلهية، حتى نحصل على السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة.
في زمن بعيد، كان هناك رجل يُدعى حسن دائمًا ما كان يشعر بالقلق بشأن قرارات الله. ذهب إلى عالم حكيم وسأله كيف يمكنه أن يكون راضيًا عن حكمة الله. رد العالم بحب: 'لله سبب لكل شيء، وعلينا أن نؤمن به.' عاد حسن إلى منزله في تأمل وتعلم أن كل مشكلة ومصيبة كانت في الواقع هدية أرسلها الله لنمو روحه. ومنذ ذلك اليوم، استمر حسن في حياته بثقة أكبر، مؤمنًا دائمًا في قلبه بأن الله لديه أفضل الخطط.