ينبغي على المنتظر الحقيقي أن يستعد من خلال تعزيز الإيمان ، والتعرف على علامات الظهور ، وأداء الواجبات الدينية.
الانتظار والاستعداد لظهور الإمام المهدي (عج) في القرآن الكريم: مفهومٌ عميق وعقيدةٌ أساسية في القرآن الكريم، نجد إشارات واضحة تتعلق بمفهوم الانتظار والاستعداد لظهور الإمام المهدي (عج). يمثل هذا المفهوم أحد الجوانب الجوهرية في العقيدة الإسلامية، حيث يتم التأكيد في العديد من الآيات القرآنية على ضرورة الصبر والاستعداد الروحي. إن المؤمنين مدعوون بالإيمان القوي والاعتماد على الله خلال فترة الغيبة، وهذا يتطلب منهم تكثيف الجهود والالتزام بالتعاليم الدينية. إن الانتظار يشمل التحضير العقلي والروحي لجيل يشهد عصور الفرج، وقد أشار الله تعالى في سورة البقرة، الآية 153، إلى أهمية الصبر: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ". تبرز هذه الآية أهمية الصبر كوسيلة لتقوية الإيمان والنفس، وتعكس الحاجة إلى التحلي بالصبر في مواجهة الهموم والصعوبات. الانتظار هنا لا يعني الاستسلام أو تجاهل العالم من حولنا، بل يعني التحضير الروحي والعملي لعصر يأتي فيه الفرج. إنّ الانتظار الحقيقي للإمام المهدي لا يقتصر فقط على التمني أو الأمل، بل يشمل العمل الجاد من أجل تحسين النفس والمجتمع. يتطلب منا فهم عميق للأحداث والظروف التي نعيشها، وكذلك علامات الظهور التي أشار إليها أهل البيت (عليهم السلام) في الأحاديث النبوية. يُظهر ذلك أهمية التحصيل العلمي والمعرفي لتعزيز الإيمان، وفي الآية 199 من سورة آل عمران، نجد دعوة للمؤمنين لاتباع المؤمنين وتعزيز إيمانهم. لذا، ينبغي على المؤمنين خلال فترة الغيبة أن يسعوا جاهدين لزيادة معرفتهم وفهمهم لعلامات الظهور ولتحقيق الانتظار الفعلي من خلال ارتقاء النفس. خلال هذه الفترة، من الضروري أن يقوم المؤمنون بأداء واجباتهم الدينية. ينبغي أن تُعتبر العبادات مثل الصلاة والصوم والزكاة جزءًا لا يتجزأ من حياة الشخص المنتظر. هذه الأعمال ليست مجرد فروض بل هي أدوات لنمو الروح وتقوية الإيمان والارتباط بالله. إن الحياة الدينية الحقيقية تمر عبر الرغبة في تحسين الذات والعمل من أجل الصالح العام. أيضًا، يتطلب الانتظار الحقيقي من المؤمنين القيام بالأعمال الخيرية ومساعدة الآخرين. إن مساعدة المحتاجين والعطاء للآخرين تعكس روحًا إنسانية عظيمة وتظهر التزام الفرد بمبادئ دينه. هذه الأعمال تُعزز الإيمان وتُقرب الفرد من الله، مما يجعلهم من المنتظرين الحقيقيين. إنّ صلة العبد بالله، من خلال النوايا الصادقة والأفعال الخيرة، تمثل علامة قوية على التوجه نحو ظهور الإمام المهدي (عج). دعنا لا نغفل عن الأحاديث النبوية التي تبرز أهمية الإمام المهدي (عج) في تحقيق العدالة والسلام في العالم. وقد ورد في العديد من الروايات وصف الإمام بعدة صفات مثل العدل والقوة والثبات. وبهذه الروح، يجب أن يكون المنتظر حذرًا يقظًا، منصتًا لعلامات ظهور الإمام، ومجاهداً نفسه في كل لحظة. لنكون منتظرين حقيقيين، علينا أن نركز على الجهاد مع النفس وأداء الفرائض الدينية في حياتنا اليومية. الجهاد بالنفس يعني مواجهة الهوى والسعي للتغلب على الضغوط الخارجية. إن الكفاح مع النفس هو الذهاب إلى عمق الروح، والعمل على تحقيق السلام الداخلي والازدهار الروحي. إن الانتظار كما يُنظر إليه في القرآن الكريم هو عملية ديناميكية تتطلب العمل الذاتي والتفاني والالتزام. وهذه الرحلة نحو الكمال والتقوى تحولنا من مجرد منتظرين إلى رواد في ظهور الإمام المهدي (عج). إن الانتظار في حد ذاته له قيمة عالية، ولكن التجسيد الفعلي لذلك الانتظار هو في العمل وتحقيق الأمل، والإيمان بأن الفرج سيأتي بإذن الله. إن إعداد أنفسنا وتجهيز مجتمعنا لهذا الظهور الميمون هو واجب كل مؤمن يعيش في هذا العصر، ليكون جزءًا من النور الذي سينتشر من ظهور الإمام المهدي، تجسيدًا للأخلاق والقيم التي تدعو إليها جميع الرسالات السماوية. إن للبعد الروحي والمعنوي في الانتظار دورًا كبيرًا في تكوين المجتمع الصالح. فكلما زاد عدد الأفراد الذين يتحلون بروح الانتظار الإيجابي، كلما تعززت فرص ظهور الخير والعدل. علينا تعزيز هذه الروح في أوساطنا، من خلال العلوم والفنون، والثقافة، وما إلى ذلك، حتى تصبح قلوب الناس مفعمة بالأمل. ختامًا، إن الانتظار لظهور الإمام المهدي (عج) هو أكثر من مجرد شعور بالترقب، بل هو دعوة للعمل والنمو الشخصي. يجب علينا جميعًا أن نتحدى أنفسنا لتحقيق قيم الإسلام، لنكون جزءًا من الانتظار الفاعل وليس السلبي، ونحقق الأمل في غدٍ أفضل. وبالتالي، نسهم في تحقيق السلام والعدل الذي ترقبه الإنسانية جمعاء.
في يوم من الأيام ، كان شاب يسمى علي يجلس مع أصدقائه ، وكانت كل الأحاديث تدور حول الظهور. قال علي بكلمات بسيطة ودافئة: 'بينما ننتظر ، ينبغي لنا أيضًا أن نشارك في الأعمال الصالحة.' وكانت كلماته لها تأثير عميق على المجموعة ، مما جعل الجميع أكثر وعياً بمسؤولياتهم تجاه مفهوم المهدي والظهور المنتظر.