وفقاً لتعاليم القرآن، الصلاة ركن أساسي وعلامة على الإيمان الكامل. ويُعتبر تركها نقصاً خطيراً في إيمان المرء، لأن الإيمان في الإسلام يشمل الاعتقاد والعمل.
السؤال حول إمكانية أن يكون المرء مؤمناً بدون صلاة (الصلاة) يلامس جوهراً أساسياً من الإيمان والممارسة في الإسلام: العلاقة بين القناعة الداخلية (الإيمان) وأداء الواجبات الدينية المفروضة. في الفهم الإسلامي، الإيمان ليس مجرد إعلان شفوي أو إقرار فكري سلبي؛ بل هو حالة حيوية ديناميكية تتجلى من خلال الأفعال والالتزام بالأوامر الإلهية. القرآن الكريم، بصفته المصدر الأساسي للتوجيه الإسلامي، يؤكد مراراً وتكراراً على الدور المركزي الذي لا غنى عنه للصلاة في حياة المؤمن الحقيقي. لفهم ما إذا كان يمكن للمرء أن يكون «مؤمناً» بدون صلاة، يجب علينا أولاً تعريف ما يعنيه أن تكون «مؤمناً» وفقاً للقرآن. المؤمن هو من أطاع إرادة الله، وقبل وحدانيته، ورسله، وكتبه، ويوم القيامة، والقضاء والقدر الإلهي. ومع ذلك، فإن هذا القبول ليس مجرداً؛ بل يتطلب مشاركة نشطة وطاعة للأوامر الإلهية. غالباً ما يربط القرآن الإيمان بـ «الأعمال الصالحة»، ويذكر في العديد من الآيات أن الذين «آمنوا وعملوا الصالحات» سيكون لهم أجر عظيم. ومن بين هذه الأعمال الصالحة، تعد الصلاة هي الفعل الأساسي والأكثر تكراراً في الأمر به، وتشكل العمود الفقري لحياة المسلم بعد إعلان الشهادة نفسها. يحتوي القرآن على العديد من الأوامر الصريحة التي لا لبس فيها بإقامة الصلاة. على سبيل المثال، في سورة البقرة، الآية 43، يقول الله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ». هذه الآية، إلى جانب العديد من الآيات الأخرى، توضح بجلاء أن الصلاة هي أمر إلهي، واجب مفروض على المؤمنين. وتأكيد قوي آخر موجود في سورة النساء، الآية 103: «إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا». تؤكد هذه الآيات أن الصلاة ليست عملاً اختيارياً من أعمال التقوى، بل هي ركن أساسي من أركان الإسلام، تنظم الحياة اليومية والانضباط الروحي للمسلم. وإهمال مثل هذا الركن يعني تجاهل أمر أساسي من الخالق، مما يشكل تحدياً جوهرياً لكمال خضوع المرء. تحمل الصلاة أهمية قصوى في القرآن تتجاوز مجرد الوجوب؛ فهي تصور كشريان حياة روحي حيوي. إنها تعمل في المقام الأول كوسيلة لذكر الله. في سورة طه، الآية 14، يعلن الله تعالى: «إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي». تؤكد هذه الآية بقوة أن الصلاة هي العمل الجوهري الذي من خلاله يحافظ المؤمنون على الوعي المستمر بربهم، مما يعزز الامتنان والتواضع والقوة الروحية. وهذا الذكر المستمر ضروري لمواجهة تحديات الحياة، كما ينصح الله في سورة البقرة، الآية 153: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ». إن العمل المستمر بالتوجه إلى الله خمس مرات في اليوم يرسخ الاعتماد والارتباط بعمق في نفس المؤمن، مما يجلب السلام والطمأنينة الداخلية. علاوة على ذلك، يصف القرآن الصلاة كقوة تحويلية تطهر الروح وتنهى عن الفحشاء والمنكر. تنص سورة العنكبوت، الآية 45، على: «اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ». تؤكد هذه الآية البعد الأخلاقي للصلاة؛ فهي ليست مجرد طقس، بل هي تمرين روحي مصمم لتنقية شخصية المرء وتوجيهه بعيداً عن السلوكيات الخاطئة. إذا كانت الصلاة تعمل حقاً كحاجز ضد الفحشاء، فإن غيابها المستمر قد يعني نقص هذا الحارس الروحي، مما يجعل المرء أكثر عرضة للتجاوزات والشوائب الروحية. ويورد القرآن أيضاً الصلاة كصفة مميزة للمؤمنين الصادقين. في سورة المؤمنون، الآيات 1-2، تبدأ معايير الفلاح في الآخرة بـ: «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ». هذا المقطع، وغيره، يصور الصلاة ليس فقط كفعل، بل كـ «موقف» – موقف من التواضع والتركيز والإخلاص. إنه يشير إلى أن الصلاة حالة داخلية تتجلى، تعكس صدق وعمق إيمان المرء. فـ «المؤمن» الذي يتغاضى عمداً وباستمرار عن هذه الصفة الأساسية، التي يبرزها الله نفسه كعلامة للفلاح، سيجد صعوبة في تجسيد المعنى الكامل للإيمان الشامل كما يتصوره القرآن. بينما يكمن أساس الإيمان في القلب، يؤكد القرآن باستمرار أن هذه القناعة الداخلية يجب أن تجد تعبيراً في الطاعة الخارجية والأعمال. المفهوم الإسلامي للإيمان شمولي؛ فهو يشمل الاعتقاد، والإقرار، والممارسة. أن يؤمن المرء بالله، ومع ذلك يتجاهل عن وعي وباستمرار أوامره الصريحة، وخاصة تلك المركزية مثل الصلاة، يثير تساؤلات جدية حول كمال وصدق هذا الإيمان من وجهة نظر قرآنية. يحذر القرآن من النفاق والإيمان السطحي، مما يعني أن الإيمان الحقيقي يجب أن يتغلغل في أفعال المرء ويكون واضحاً في التزامه. علاوة على ذلك، تقدم بعض الآيات القرآنية تحذيرات شديدة بخصوص إهمال الصلاة. على سبيل المثال، تذكر سورة مريم، الآية 59: «فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا». وحوار مؤثر بشكل خاص موجود في سورة المدثر، الآيات 42-43، حيث يسأل أهل الجنة أهل النار: «مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ؟» فيكون ردهم: «قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ». بينما تسلط هذه الآيات الضوء على عواقب وخيمة وتعمل كرادع قوي، فإنها تؤكد أيضاً الأهمية العميقة التي يوليها الله للصلاة كجانب أساسي من علاقة المرء به، وفي النهاية، لنجاته. باختصار، بناءً على الأوامر الإلهية المباشرة، وتصوير القرآن للصلاة كخاصية أساسية للمؤمنين الحقيقيين، وفوائدها الروحية العميقة، ودورها في التطهير والنهي عن المنكر، والتحذيرات الخطيرة ضد التخلي عنها، يقدم القرآن الصلاة (الصلاة) كركيزة لا غنى عنها ومظهر للإيمان الكامل والصادق. إنها عمل مستمر من الذكر والخضوع والعبادة يقوي الرابطة بين الفرد وخالقه. بينما رحمة الله واسعة، وهو وحده يعلم حقيقة ما في القلوب، فإن رسالة القرآن الشاملة تشير بقوة إلى أن «المؤمن» الذي يمتنع عن الصلاة عمداً وباستمرار يفقد مكوناً حاسماً ومتكاملاً مما يعنيه تجسيد الإيمان بالكامل والسعي للقرب من الله. الصلاة ليست مجرد طقس؛ إنها عمل عبادة يؤكد الحياة ويحافظ على رحلة الإيمان.
يُروى أنه في الأزمنة الغابرة، كان هناك رجل يخشى الله باستمرار ويتأمل في يوم الحساب، ولكنه بسبب الضعف والكسل، كان يستخف بالصلاة. ذات يوم، أتى إلى حكيم ذي بصيرة وسأله: «يا حكيم، هل يمكن لقلبي أن يكون مع الله ولكن أطرافي لا تكون؟ هل يمكنني أن أكون مؤمناً ولا أصلي؟» ابتسم الحكيم وقال: «يا شاب، اسمع قصة من زمن سعدي. كان هناك رجل يقول: 'كم من قلب يحترق سراً، ولا يعلم بذلك أحد إلا الله.' ولكن يا أخي، أليس صحيحاً أن القلب الذي يحترق سراً يظهر منه لهيب في النهاية؟ أليس صحيحاً أن العاشق الذي يدعي المحبة سيشق طريقه إلى ديار المحبوب ويلتزم بآداب العشق؟ الصلاة هي الطريق الذي فتحه الله بنفسه للقاء والحديث مع عبده. فإذا كان أحد يرغب في التحدث مع محبوبه، فهل يترك الطريق الذي حدده المحبوب بنفسه؟ إذا كان القلب يؤمن حقاً، فإن الجسد أيضاً سيتبع قيادته ويتجه نحو القبلة. لذا، إذا كان قلبك مع الله، فدع جسدك يرافقه في هذا الطريق، حتى يكتمل إيمانك وتجد الطمأنينة الحقيقية.» استلهم الرجل من كلمات الحكيم، ومنذ ذلك الحين أولى اهتماماً لصلواته ورأى نور الإيمان يزداد قوة في داخله.