لا يتحدث القرآن عن النجاح الدنيوي ولكنه يؤكد على السعي للحياة الدنيوية مع التركيز على الله.
النجاح الدنيوي هو من المفاهيم الأساسية التي يسعى إليها كل إنسان في حياته، فهو يمثل ذروة الطموحات والأهداف الشخصية التي يرغب الفرد في تحقيقها. ولئن كان النجاح مظهراً من مظاهر الحياة وهدفاً يسعى الجميع إلى بلوغه، إلا أنه ليس مجرد تحقيق مادي أو سعي للحصول على ثروات، بل يمتد ليشمل الجانب الروحي والاجتماعي للأفراد. وإذ يعتبر النجاح في حياتنا اليومية أمراً ضرورياً، يجب أن نتأمل ما يقوله القرآن الكريم حول هذا المفهوم، وكيف يوازن بين العمل والعبادة، وبين الحياة الدنيا والآخرة. يعتبر النجاح عنصرًا محوريًا في حياة الإنسان، حيث أن كل فرد يبحث عن تحصيل لقمة عيش كريمة وتحقيق أهدافه وطموحاته. ورغم أن القرآن الكريم لم يتحدث بشكل مباشر عن النجاح الدنيوي بمفهومه الاجتماعي أو الاقتصادي، إلا أنه أشار إلى جوانبه بطريقة غير مباشرة. حيث جاء في العديد من آياته تذكير بشدة أهمية العمل والاجتهاد من أجل الرزق الحلال وتحقيق الاستقرار المعيشي. ففي سورة الجاثية، الآية 13، نجد قوله تعالى: "وَسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ". تعكس هذه الآية بشكل واضح كيف جعل الله سبحانه وتعالى الكون بجميع موارده متاحاً للإنسان كي يسعى وينجح في مجالات الحياة المختلفة. إن هذه الآية تدعو البشر للتفكر والاستفادة من موارد الأرض والسماوات في سبيل تحقيق النجاح المنشود. غير أن النجاح لا يأتي من فراغ، فهو يحتاج إلى جهد ومثابرة. فالإنسان مطالب أن يبذل ما في وسعه ليحقق أهدافه، وهذا ما تشير إليه الآية 201 من سورة البقرة: "وَمِنْهُمْ مَن يَقُولُ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ لَدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا". تعكس هذه الدعوة أهمية إدراك الحاجات الدنيوية والسعي لطلب الرزق مع الثقة في رحمة الله وتوفيقه. لكن النجاح في الحياة يتجاوز مجرد العمل والكفاح من أجل الحصول على الرزق. فهناك مسؤولية ملقاة على عاتق كل فرد لتحسين ظروفه الحياتية، مع الالتزام في ذات الوقت بواجباته الروحية والاجتماعية. فتوازن الإنسان بين سعيه لتحسين وضعه الشخصي وبين احترامه لحقوق الآخرين ومراعاة واجباته الدينية هو ما يحث عليه القرآن الكريم. إن القرآن الكريم يشجع على العمل والإنتاج، غير أن أدوات النجاح تتجاوز الحدود المادية، فهي تشمل التعاون والمشاركة. فالنجاح يحتاج إلى دعم المجتمع والعمل بروح الفريق، وهذا ما يظهر في كثير من الآيات التي تحث على التعاون بين الناس وتعزيز الروابط الإنسانية. إن النجاح ليس مجرد تحصيل للمال أو السلطة، بل هو أيضاً نجاح روحي وأخلاقي يرتقي بالروح البشرية ويعزز القيم فالتفكر في آيات الله والتأمل في خلقه يشكلان طريقاً إلى النجاح الحقيقي. فالله سبحانه وتعالى يذكر في سورة البقرة، الآية 164 آياته التي تدل على عظمته، ومن هنا يمكن فهم ضرورة التفكر والتأمل في تحقيق النجاح. تتجلى رؤية القرآن الكريم حول النجاح في كونه ليس فقط سعيًا وراء الدنيا، بل هو رؤية شاملة تجمع بين العمل والعبادة. ويتطلب الأمر تناسقًا بين السعي لتحسين الأحوال الشخصية والدنيوية والإخلاص في العبادة والتقوى. إن هذا التوازن هو السبيل للوصول إلى النجاح الدنيوي والآخروي، وهو ما يجب أن نبرمجه في حياتنا اليومية كمسلمين مشغولين بتحقيق أهدافنا، مع الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف. في الختام، نجد أن النجاح الدنيوي يجب أن يكون نابعًا من الرغبة في خدمة الله ومجتمعنا، مع الالتزام بتعاليم الدين. إن السعي نحو النجاح يجب أن يقترن بالتقوى، فبتقوى الله تُفتح الأبواب وتُيسر الأمور. لذا، علينا أن نعمل وفق ما يُرضي الله، في الوقت الذي نسعى فيه لتحقيق أهدافنا الدنيوية.
ذات مرة، في زاوية من المدينة، كان هناك شاب اسمه فرهاد. كان دائمًا يسعى للنجاح في عمله وبناء حياة جيدة لنفسه. ومع ذلك، لم يكن ينسى الله أبدًا. نظر في آيات القرآن وفهم أن العمل الجاد مهم، لكن تذكر الله أيضًا ضروري. قرر فرهاد تخصيص جزء من وقته كل يوم للصلاة والدعاء. تدريجياً، لاحظ أن حياته قد تغيرت وأن بركات عمله قد زادت.