لمواجهة الغطرسة ، يجب أن يسعى المرء إلى التواضع وذكر الله ، مع تجنب الصفات غير المرغوب فيها.
إن الغطرسة والاعتزاز بالنفس هما من الصفات التي تم الإدانة بها في نصوص القرآن الكريم، وقد حظيت هذه الظاهرة باهتمام خاص في العديد من الآيات القرآنية التي تحض على قيم التواضع. عُرفت هذه الصفات بأنها من الأمور التي تهدد التوازن الاجتماعي وقد تؤدي إلى فقدان الروابط الإنسانية قيمتها وأهميتها. لقد جاء في سورة لقمان، الآية الثامنة عشرة، تحذير واضح للنفس من التكبر حين قال الله تعالى: "وَلَا تَصْعَرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا". إن هذه الآية تنم عن دعوة قوية للصبر والتواضع في المواقف اليومية، فهي تؤكد على أهمية دور التواضع في العلاقات الإنسانية. فالكبرياء لا يمثل فقط حالة من العجب بالنفس، بل إنه سبب رئيسي لتفكيك المجتمعات وظهور الفجوات بين الأفراد. فالأشخاص الذين يعانون من هذه الصفة غالبًا ما يميلون إلى التناحر والخصام، وهذا ينعكس على كافة جوانب حياتهم الاجتماعية. ولذلك، فإن التحلي بالتواضع هو السبيل لتحقيق توازن اجتماعي وأسري. لقد كانت حياة الأنبياء والصالحين مثالًا يُحتذى به في كيفية التعايش مع الآخرين بتواضع وحسن أخلاق. فقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم نموذج يُحتذى به، حيث عُرف بتواضعه الشديد وحسن معاملته مع الناس. كان يجتمع مع صحابته ويسمع لهم، ويشاركهم همومهم، مما يعكس أسس الأخوة والتراحم. كما يُظهر القرآن الكريم كيف أن صفات المؤمنين الصالحين تتسم بالتواضع والخضوع لله. في سورة الفرقان، الآية الثالثة والستين، حاول الله كشف الصفات الفريدة لعباده الصالحين: "وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا". ومن هنا، يتضح أن تواضع المؤمن هو أحد المفاتيح التي تقود إلى النجاح في الدنيا والآخرة وإلى القرب من الله. إن محاربة الغطرسة تبدأ من وعي الفرد بقدراته وحدوده. فقد أشار القرآن الكريم في سورة البقرة، الآية الرابعة والثلاثين، إلى قصة إبليس عندما عارض الأمر الإلهي بالسجود لآدم، والذي طرد بسبب كبريائه. إن هذا التذكير بالآثار السلبية للكبرياء يجب أن يكون دافعًا لنا لاكتساب صفة التواضع في حياتنا اليومية. كما يُعتبر الدعاء والصلاة وسيلتين فعالتين للتخلص من آفة الغطرسة، حيث تتيح لنا الصلاة فرصة للتواصل المباشر مع الله والتعبير عن تواضعنا بين يديه. فعندما يحضر الفرد قلبه إلى الصلاة ويشعر بالتواضع والاحترام، فإنه يستعد لتجديد روحانيته واكتساب السلام الداخلي. إن الدين الإسلامي يُعلّمنا أن كل ما لدينا هو من فضل الله ورحمته، لذا يجب علينا الانغماس في شكر الله بدلاً من التفاخر بما نتملك. تُعزز التأملات وتذكير النفس بعظمة الله من قيم التواضع. من خلال ممارسة الذكر وقراءة القرآن، يمكن لكل فرد عكس هذا التواضع في سلوكياتهم وتفاعلاتهم اليومية. إن هذه الممارسات ليست فقط لتقدير الله، بل أيضًا لتقدير الآخرين. فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "من لا يُؤثِر الناس، يُؤثِر نفسه". إن الإقرار بالنعمة والشكر لله أمر هام في تعزيز صفة التواضع. وعندما نتجمع كأفراد ونتعامل مع بعضنا البعض، يجب أن ندرك أن الجميع معرضون للخطأ، وتجدد العلاقات الإنسانية من خلال التواضع والاحترام المتبادل. وفي نهاية المطاف، يُعتبر الكِبْر أحد الأسباب الرئيسية وراء المعاناة الاجتماعية. إن التمسك بتعاليم الدين وفهم عظمة الله، يبعدنا عن هذه الصفة الذميمة. عبر وسائل مثل الصلاة وطلب المغفرة، يُمكننا توظيف قيم التواضع في الحياة اليومية. إن التواضع ليس سلوكاً عابراً، بل هو عادة يجب أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من شخصية الفرد، وبالتالي نحقق مجتمعاً نرجو فيه السلام والمحبة بين جميع الأفراد. إن قيم التواضع تُعتبر حجر الزاوية الذي يُساعد في بناء مجتمع مثالي يُقدر العلاقات الإنسانية ويُعزز من الروابط الإنسانية النبيلة.
في يوم من الأيام ، حضر شاب يُدعى حسن جلسة استشارية. كان دائمًا يتفاخر ويشعر بالتفوق على الآخرين. خلال المحادثة ، قرأ المستشار آيات قرآنية له وأكد على أهمية التواضع. أدرك حسن أن غطرسته تعيق نجاحه وقرر أن يعامل الله والآخرين بتواضع. منذ ذلك اليوم فصاعدًا ، لم يحسن فقط نظرته لنفسه ولكن أيضًا حسن علاقاته مع الآخرين.