يؤكد القرآن على العمل الجاد والجهد، مشيرًا إلى أن الكسل يعد عقبة أمام النجاح.
إن القرآن الكريم يُعَدّ من أهم المصادر الروحية والعلمية التي توجّه الإنسان نحو تحقيق النجاح والازدهار في حياته. فالعمل والاجتهاد هما جزء لا يتجزأ من تعاليم الإسلام، ويمثلان عنصرين أساسيين في تطور الفرد والمجتمع. من الجدير بالذكر أن الله تعالى قد ذكر أهمية العمل في العديد من الآيات القرآنية، مما يدل على ضرورة إيلاء العناية القصوى للجهود المبذولة في مختلف مجالات الحياة. لقد أشار القرآن الكريم، في سورة التغابن، الآية 16، إلى ضرورة استثمار الرزق الذي يمنحه الله للمؤمنين في سبيله، حيث قال: "فَمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَأَحْسَنَ فَلَهُ مَا مَكَثَ فِي الدُّنْيَا". يُظهر هذا التوجيه القرآني أن العمل ليس فقط وسيلة لكسب المال، بل هو عبادة تُقرب الإنسان من ربه. إنّ السعي والاجتهاد يجسدان الإيمان الخالص، ويعكسان استعداد المؤمن لتحقيق أهدافه بجد واصرار. من الآيات الأخرى التي تشدد على أهمية العمل، نجد في سورة آل عمران، الآية 142، دعوة واضحة للمؤمنين للسعي وعدم التراجع أمام العقبات. ويقول الله تعالى: "أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ". يتضح من هذا النص أن الجهاد والسعي الفعال هما طريقا المؤمنين الحقيقيين نحو نيل الجنة، وأن الفرحة الحقيقية في الآخرة مرتبطة بمجموعة من الجهود الحقيقية التي يبذلها الإنسان. إن الكسل، كما يجسد القرآن، هو عائق مُعَطِّل للتقدم، ليس فقط على المستوى الشخصي، بل أيضًا على مستوى المجتمعات. وهذا ما أشار إليه محمد الدسوقي في تفسيره حول سورة النمل، الآية 55: "إن الإنسان يحتاج إلى حركة ودفاع عن نفسه من أجل البقاء وكسب الرزق". وهذا يشير إلى ضرورة أن يكون الشباب، وبالأخص، الأكثر قوة وطاقة، نشيطين ويجتهدون في العمل، حيث يؤكد الإسلام أن الوقت هو إحدى أعظم النعم. يتوجّب على المسلم أن يُقَدِّر قيمة الوقت ويدرك أن الرزق سيأتي فقط لمن يسعى في الأرض ويعمل بجد. يقول الله تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 105). يُظهر هذا النص العربي الواضح للمؤمنين أن العمل هو الأساس الذي يُحَدِّد مكانتهم في الدنيا والآخرة. إن تربية النفس على المثابرة والاجتهاد تُعتبر من الدعائم الأساسية للنجاح. وقد ورد في حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه". وبذلك نفهم أن الجهد ليس مجرد نشاط خارجي بل يجب أن يتصف بالتقنية والإتقان لكي تكون ثمار العمل واضحة. وفي عالم اليوم، حيث تتسارع الأحداث والتغيرات، يصبح التوجه نحو الإبداع ونشر الأفكار الجديدة أمرًا ضروريًا. إن استثمار قدرات الشباب والأفكار الجديدة يعود بفوائد عظيمة على الفرد والمجتمع، وهو ما يحضّ عليه الإسلام. حيث يتطلب النجاح اليوم أن يكون للناس معرفة واعية بمستجدات العصر وتحدياته إذ أن أبسط عمل أمين يقوم به الفرد يمكن أن يحدث فرقًا هائلًا في المجتمع. لا يجب على المؤمن أن يركن إلى الكسل أو الاستسلام بحجة الخوف من الفشل. بل يجري العمل على تحويل الفشل إلى أداة للتعلم والنمو. إن الفشل جزء طبيعي من التجارب، ولكن ما يجعله مفيدًا هو كيفية التعامل معه، حيث أن الدروس المستفادة من التجارب الفاشلة يمكن أن تُكون وراء نجاحات مستقبلية. وختامًا، يتضح أن العمل في الإسلام يكتسب مكانة بارزة، سواءً كان في المجال المهني أو الشخصي. فكل مجهود يبذل في سبيل الله والمجتمع يعكس ثقافة التعاون والعطاء التي دعا إليها الإسلام. ومن الضروري أن يدرك المسلمون أن النية في العمل الخالص تخص الله وحده، وهذه النية وحدها تعتبر عبادة عظيمة. إن الإيمان برب العالمين يوجب على المؤمنين السعي والحركة نحو تحقيق أهدافهم. لذلك، يعتبر العمل الجاد أساسًا لنجاح كل إنسان، ويجب أن يُحَفِّز المسلمون لأنفسهم ولمن حولهم لتحقيق المجد والرفعة. إن كل ما يفعله الإنسان في هذه الحياة من جهد وصبر وتطبيق تعاليم الإسلام يُعينه على تحقيق السعادة والفوز في الآخرة. فلنتذكر جميعًا أن العمل والإخلاص هما من أعظم العبادات التي تقرب العبد إلى ربه، وتجعله من الناجحين في الدنيا والآخرة.
كان هناك شاب يُدعى علي، وكان يعاني من الكسل. كان كثيرًا ما يتأخر في مهامه ويتجنب تلبية مسؤولياته. في يوم من الأيام، بينما كان يقرأ القرآن، صادف آية تتحدث عن العمل الجاد. أدرك علي أنه لتحقيق أهدافه، يجب أن يسعى وألا يؤجل الأمور. لذا قرر أن يُحدث تغييرًا في حياته بإيمانه بالله وجهوده.