لتجنب النظرات الضارة، يجب أن نركز على العفّة والحجاب ونتجنب الأماكن التي قد تظهر فيها المعاصي.
يُعَدُّ القرآن الكريم من أهم المصادر الروحية والأخلاقية التي توجِّه الأمم وتعزز قيمها. فهو الكتاب المقدس الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم، يحمل في طياته دروسًا وعبرًا تُهدِي الأفراد والمجتمعات إلى سبل الرشاد والفلاح. ومن بين القيم التي يوليها القرآن الكريم أهمية كبيرة، نجد قيمة العفّة والحفاظ على الفضيلة، حيث تبرز هذه القيم في العديد من الآيات القرآنية التي تعزز الأخلاق الطيبة وتحث على العيش في طهارة ونقاء. تحدث القرآن بوضوح عن ضرورة تحصين النفس من الفتن والابتعاد عن الذنوب، ويظهر ذلك في آيات عدة، أبرزها في سورة النور. في هذه السورة، يرسم الله تعالى معالم الحياة الطاهرة وكيفية تعامل المؤمنين مع أنفسهم ومع بعضهم البعض، فيتجلى فيها مفهوم العفّة كقيمة راسخة لا بد من الالتزام بها. تبدأ الرسالة الربانية بالحديث عن العفّة، ففي الآية 30 من سورة النور، يأمر الله الرجال بغض أبصارهم عن النظر إلى غير المحارم، قائلاً: 'قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ'. هذه الآية تحمل رسالة عظيمة تنبه الرجال إلى أهمية التحكم في النظرات التي قد تقود إلى الانزلاق في المعصية. فالنظرة الأولى قد تكون مدخل الذنب، لذا يجب أن نكون حذرين ونتسلح بإرادة قوية لمواجهة هذه الفتن. وفي نفس السياق، تأتي الآية 31 من سورة النور، التي تُؤكد على ضرورة حماية النساء لجمالهن وعفتهن، حيث يأمرهن الله بارتداء الحجاب والابتعاد عن الأفعال التي قد تثير الانتباه غير المناسب. يقول الله تعالى: 'وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا'. هذه الآيات توضح بشكل صريح أن كلاً من الرجال والنساء عليهم مسؤولية مشتركة لدعم بعضهم البعض في طريق الحفاظ على العفّة والطهارة. تتعدد الطرق العملية التي يمكن أن يتبعها المؤمنون لتجنب النظرات الضارة والأفعال غير اللائقة. من أبرزها هو الابتعاد عن الأماكن التي تقدم مشاهد غير لائقة، سواء كانت في وسائل الإعلام أو الإنترنت أو حتى في الحياة اليومية. كما يمكن الاستثمار في أوقات الفراغ من خلال الانغماس في نشاطات إيجابية مثل ممارسة الرياضة، القراءة، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء. تلك الأنشطة لا تعزز جودة حياتنا فحسب، بل تساعد أيضاً في تعزيز إيماننا وتقوية ارتباطنا بالقيم الأخلاقية. علاوة على ذلك، تعتبر الصلاة من أهم الوسائل التي تساعدنا في التوجه نحو النقاء. فالصلاة ليست مجرد طقوس تؤدى، بل هي رابطة روحية تجمعنا بالله تعالى، وتحببنا في الخير وتبعدنا عن قسوة الفتن. ومن الأمور التي يجب أن نهتم بها أيضاً هو الاستغفار، حيث أن الاستغفار يمكن أن يساهم بشكل كبير في تخليص النفس من الآثام وتطهير القلب. يقول الله سبحانه وتعالى: 'وَأَنِّ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ'. في النهاية، تقوية الإيمان والعلاقة مع الله هي من أهم السبل التي تساعدنا في الابتعاد عن مشاغل الحياة والدنيا. فعندما يكون الإيمان قوياً، يصبح الفرد أقل عرضة للانزلاق في الذنوب. إن محاولة تقوية الروح من خلال قراءة القرآن والأذكار وممارسة الطاعات يمكن أن تكون حماية إضافية من الفتن. إن المسلم الذي يتحلى بكل هذه القيم يمكنه بناء مجتمع صحي نظيف وخالٍ من الآثام. لذا، يجب أن يتعاون الجميع على نشر هذه القيم وتعزيزها، سواء في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع. ينبغي علينا أن نكون قدوة حسنة للأطفال والشباب، نعلمهم أهمية العفة، ونسعى لخلق بيئة تحترم القيم الأخلاقية والإنسانية. إن العفّة ليست مجرد واجب ديني فحسب، بل هي أساس لبناء حياة كريمة ومجتمع يتسم بالاحترام والمحبة. في الختام، يجب علينا أن ندرك أن الحفاظ على العفّة هو مسؤولية جماعية والفردية على حد سواء. لذا، يجب أن نتعهد ببذل قصارى جهدنا لتحقيق ذلك، لنكون قدوة حقيقية يَرَاهَا الأجيال القادمة.
في زمن ليس ببعيد ، كان هناك رجل يدعى فرهاد يعيش حياة بسيطة. كان دائمًا يُوصي ابنه بأن يكون حذرًا في نظره. في يوم من الأيام ، بينما كان في السوق مع أصدقائه ، لفت انتباه فرهاد امرأة جميلة. لكنه تذكر تعاليمه وأدار نظره على الفور. وقال بهدوء لأصدقائه: 'أصدقائي ، يجب أن تكون حياتنا مبنية على العفة والطهارة.' في ذلك اليوم ، علم فرهاد ابنه أن يقاوم النظرات الضارة وأن يسير دائمًا في الطريق الصحيح.