الهداية الإلهية تعتمد على إرادة الله وتؤثر خيارات الأفراد في هذا الأمر.
يُعتبر موضوع الهداية والضلالة من الموضوعات الحيوية التي تُعالج في القرآن الكريم، حيث يُشير إلى أن الهداية هي منحة إلهية يسوقها الله لمن يشاء، بناءً على علمه وحكمته. في هذا المقال، سنستعرض بعمق مفهوم الهداية كما وُرد في آيات القرآن، ونُحلل الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة الروحية. يُعبر القرآن الكريم عن مفهوم الهداية في عدة مواضع، وأحد أبرزها ما نراه في سورة البقرة، الآية 261، حيث يقول الله: "الله يهدي من يشاء". يُظهر هذا النص القرآني بوضوح أن الهداية هي من خصائص الله وحده، وتأتي وفق إرادته ومشيئته. هذا الأمر يتضمن أنه لا يُمكن للإنسان أن يحصل على الهداية إلا بموافقة الله، مما يجعل أولئك الذين يهتدون في وضعه الفريد من نوعه، وهو ما يدلل على أهمية السعي نحو رضاء الله والفهم العميق لأنظمة الكون. في بعض الآيات، يُترك الله للناس حرية الاختيار، مما يعني أن كل فرد لديه القدرة على اتخاذ قراراته الشخصية. وهذا الحق في الاختيار يمكن أن يكون له تأثير كبير على المصير الروحي للشخص. إن قدرة الإنسان على الاختيار تُعزز من أهمية خياراته، حيث يُعتبر كل خيار يمثل موقفًا مبدئيًا تجاه الله. وبهذا، فإن الهداية لا تعتبر فقط علامة على رحمة الله، بل أيضًا نتيجةً لقرارات الذات البشرية. كما يُشرِح القرآن الغرض من الخلق واختبار الناس من خلال تلك الخيارات، حيث يُفيد في سورة الأعراف، الآية 178: "ومن يضلل الله فلا هادي له". يشير هذا النص إلى أنه بناءً على تصرفات وسلوك الأفراد، يتم توجيه بعض الأشخاص نحو الهداية بينما يُحرم البعض الآخر. هنا، نرى تجسيدًا للعدالة الإلهية؛ فكل شخص يجد نفسه في مسار الحياة بناءً على خياراته الذهنية والروحية. تتجسد الرحمة والمعرفة الإلهية في فكرة أن الله يُفرق بين الشخص الذي يسعى جادًا نحو الهداية والشخص الذي يغفل أو يتجاهل دعوة الله. إن طبيعة البشر وسلوكهم تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مصيرهم. فالجشع، المجادلة، والرغبة في السلطة أو المال يمكن أن تؤثر على اختياراتهم، مما قد يؤدي إلى العدمية أو الضلال. تُظهر هذه الديناميكية أن الهداية والضلالة ليستا مجرد قضايا ثنائية، بل تمتد لتشكل منهجًا يُؤثر على الحياة اليومية للأفراد. فالتعامل مع مسائل مثل الخلاف، الاختلاف، والتنوع هو جزء من اختبار الله. حيث يُشير الله في سورة المائدة، الآية 41: "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة"، مُظهرًا أن وجود الاختلافات بين الناس هو جزء لا يتجزأ من طبيعتهم واختبارهم. يُشير ذلك إلى أنه على الرغم من رغبة الله في توحيد الناس، إلا أنه يُفضل أن يتخذ كل شخص طريقه الخاص، بناءً على خياراته وإرادته. قد يأخذ البعض في اعتباراتهم أن الهداية تُعطى كجوائز للأفكار أو الممارسات الجيدة بينما تُعتبر الضلالة عقاباً للأعمال السيئة. ولكنه من المهم التأكيد على أن الله هو الذي يُحدد من يستحق الهداية ومن هم الذين سيُخلى سبيلهم للضلال. هذا الأمر يعكس سياسة الله في التعلم والتصحيح، حيث يريد من عباده أن ينظروا في قلوبهم وأفعالهم ويسعون نحو التغيير الإيجابي. إن هذه الحقائق تُبرز كيف أن الهداية هي علامة من علامات قوة الله وحكمته. كل من الهداية والضلالة تُعتبر جزءًا من الاختبار الذي خُلق الإنسان لأجله، حيث يسعى كل فرد إلى فهم مغزى وجوده واتباع الطريق الصحيح. هذا الاختبار يستلزم من الناس أن يُعيدوا تقييم خياراتهم ويتجددوا باستمرار الداخلي للالتزام بالقيم والمبادئ العليا. الخلاصة أن الهداية والضلالة تعكسان معاني عميقة من التفاعل بين إرادة الله وحرية الإرادة البشرية. كل من الهداية والضلالة هما جزء من المنظومة الإلهية التي تُمتحن بها النفوس وتتعلم منها. ومن خلال فهم هذه الأبعاد، يمكن لكل فرد أن يُتقن طريقه نحو الله ويُحسن من اختياراته في حياته، ساعيًا دائمًا نحو الهداية وموضحًا أنه مستعد لمواجهة تحديات الحياة بقوة وعزيمة.
في يوم من الأيام ، اقترب رجل ذو معتقدات مختلفة من حكيم وسأل: "لماذا لا يُهدي بعض الناس؟" رد الحكيم مبتسمًا: "يا ولدي ، لقد منح الله الجميع حرية الإرادة. يختار العديد من الأفراد الطريق الذي سيسلكونه. من لا يستعد للهداية قد يبقى محرومًا منها. لذلك يجب علينا دائمًا البحث عن الحقيقة وفتح قلوبنا نحو الإلهي."