يقوم الله بتربية البشر بالصعوبات ليتمكنوا من النمو والوصول إلى مستويات أعلى من الكمال.
في القرآن الكريم، يُعتبر موضوع تربية البشر من الأمور الهامة التي تطرق إليها الله بتفصيلات متعددة، تُظهر لنا أهمية التجارب والصعوبات التي يواجهها الإنسان في هذه الحياة. ففي إطار هذه الموضوعات، تشير الآيات القرآنية إلى أن التحديات والمحن ليست محض عوائق، بل هي جزء لا يتجزأ من طبيعة الحياة البشرية، حيث تُعد الأداة الأساسية لنضوج الشخص وتطوره على الصعيدين الروحي والعقلي. في سورة البقرة، يتحدث الحق سبحانه وتعالى بتأكيدٍ على أهمية التجارب عندما قال: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَ الْأَنفُسِ وَ الثَّمَرَاتِ ۗ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ". من خلال هذه الآية نستنتج أن الصعوبات التي نواجهها، سواء كانت نتيجة للخوف أو الجوع أو الخسائر المالية أو فقدان الأحبة، هي اختبارات تأتي من الله تهدف إلى اختبار إيماننا وصبرنا. الإيمان الحقيقي هو الذي يتجلى في مواجهة الشخص للتحديات بنفس مطمئنة وصبورة. إن كيفية تعامل الإنسان مع الصعوبات تُساهم في تشكيل شخصيته القوية والمتكاملة. الصبر الذي يشير إليه القرآن، كما جاء في سورة آل عمران، يُعتبر فضيلة عظيمة تساهم في تعزيز قدرة الفرد على التحمل والثبات في مواجهة صعوبات الحياة. قال الله تعالى في الآية 186: "وَ لَتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثيرًا ۖ وَلَتَصْبِرُنَّ وَ تَصْبِرُوا وَ تَصْبِروا على ما تَقومُوا به". الصبر ليس مجرد تحمل للآلام، بل هو مسار نحو النمو والتطور الروحي. يمثل الصبر أحد الأدوات الأساسية التي تُسهم في تشكيل إيمان الفرد وتعزيز قدراته في مواجهة التحديات. ففي عالم مليء بالضغوط والتحديات، يُظهر الصبر الإيمان العميق برحمة الله وقدرته التي لا تنفذ، كما يعزز قدرة الإنسان على التكيف مع الظروف الصعبة. إن الربط بين التحديات وتطور الإنسان يمكن فهمه على أنه وسيلة من الله لتربية الفرد وتوجيهه نحو أهدافه الروحية العُليا. فكل إنسان قد يتعرض للعديد من الاختبارات الحياتية، منها الفقد، المرض، والفشل، وجميع هذه الظروف تُعد أدوات تُساهم في إعداد الإنسان لتحقيق أهدافه السامية. ومع تغير الظروف الحياتية بشكل مستمر، يصبح من الضروري الوثوق بالله والصبر على الأزمات. فالإنسانية العظيمة لا تتشكل في أوقات الراحة، بل تُبنى في مواجهة الصعوبات والجهود المبذولة. لذا، يُركز القرآن الكريم على ضرورة الصبر وعدم الاستسلام، حيث نجد أن هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تحثّ على تحمل الأذى والآلام، إذ تُظهر قوة وثبات الإنسان في الصبر. كثيرًا ما ينسى الناس أن التجارب الصعبة، رغم قسوتها، تحمل في طياتها دروسًا قيمة. فالشخص الذي مرّ بصعوبات وتغلب عليها يصبح إنسانًا مهيئًا لمواجهة تحديات أكبر مستقبلاً. وهذا الأمر يعزز من فكرة أن الصعوبات تُعتبر وسائل من الله لتشجيع نمو الإنسان وإعطائه الفرصة لتطوير مهاراته الحياتية وإيمانه. أما بالنسبة للصبر، فهو ليس مجرد صفة فطرية، بل هو عقلية يُمكن تطويرها. تعني تربية الفرد على الصبر منحه الأدوات اللازمة لمواجهة جميع جوانب حياته بشكل إيجابي. عندما يصبر الإنسان على الصعوبات، يتعلم كيفية التفكير بطرق إيجابية وكيفية استخدام التحديات كفرص للنمو بدلاً من اعتبارها نهاية. في الختام، يظهر القرآن الكريم أن الصعوبات ليست لعنة بل هي نعمة، وأنها أدوات تربية تُستخدم لتحقيق الكمال الإنساني. إن تعلم كيفية الصبر وتطبيقه في مختلف جوانب الحياة يُزيد من حكمة الإنسان وقدرته على التغلب على العقبات. فالتجارب التي نواجهها مع التحديات تقودنا نحو التقدم الروحي والنمو الشخصي، شاركينا الرحلة الأبدية في سعي الحياة نحو الإيمان والنمو.
في يوم من الأيام ، كان هناك شاب اسمه سينا يسير في الشارع عندما لاحظ العديد من الأطفال يلعبون. أحدهم ركل الكرة بسهولة خارج منطقة اللعب وركض الآخرون وراءها ضاحكين. تذكر سينا الآية من سورة البقرة وأدرك أنه يجب أن يكون لديه صبر في مواجهة المشكلات والثقة بالله. قال لنفسه: 'الصعوبات جزء من الحياة ، ويجب أن أصبح أقوى من قبل!' واستمر في حياته بهذه الطريقة.