لماذا يجب أن نشعر بالمسؤولية تجاه المحتاجين؟

الشعور بالمسؤولية تجاه المحتاجين هو عنصر جوهري في الإيمان ويساعد في تحسين المجتمع.

إجابة القرآن

لماذا يجب أن نشعر بالمسؤولية تجاه المحتاجين؟

في القرآن الكريم، نجد أن مفهوم التكافل الاجتماعي والاهتمام بالفقراء والمحتاجين يحتل مكانة بارزة، حيث إن القرآن يدعو المسلمين إلى خلق مجتمع يسوده العطاء والمشاركة. يؤكد الله سبحانه وتعالى في عدة آيات على أهمية مساعدة المحتاجين كشكل من أشكال الإيمان. فالإيمان بالله لا يقتصر على مجرد الاعتراف بوجوده، بل يتطلب أيضًا تحقيق العدل والمساواة في المجتمع، مما يجعل من المساعدة للإخوة الفقراء جزءًا لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية. على سبيل المثال، تشير سورة البقرة، الآية 177، إلى أولئك الذين يؤمنون حقًا بالمبادئ الإنسانية، حيث يقول الله: "لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وَجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ، وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ، وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا، وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ، أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ." توضح هذه الآية أن جزءًا من البِر الحقيقي الذي يقتضيه الإيمان هو الإنفاق من المال، وهذا يؤكد أن الالتزام بمساعدة الآخرين ليس مجرد حد أدنى من الأخلاق، بل هو انطلاقة حقيقية نحو مجتمع يتكاتف أفراده. وفي آية أخرى من القرآن، سورة آل عمران، الآية 92، يقول سبحانه: "لَن تَبْلُغُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" هذا القول له دلالة عميقة، حيث أنه يذكر المؤمنين بأن العطاء ليس مجرد عمل جيد، بل هو اختبار حقيقي للإيمان، إذ يتطلب تضحيات من النفس والمال. إن الإنفاق مما يحب الشخص يعكس درجة التعلق بالمادة وقوة الإيمان. إذا أراد المسلم أن يظهر صدق إيمانه، فعليه بالإنفاق مما يحب، مما يعكس جمال مدرسة العطاء في الإسلام. كما أن الشعور بالمسؤولية تجاه المحتاجين لا يعني فقط منحهم المال، بل قد يعني تقديم المساعدة من خلال توفير فرص التعليم والعمل، وتعليمهم المهارات التي تخرجهم من تلك الحالة. إن التعليم هو المفتاح الأساسي لتغيير حياة الأفراد والمجتمعات، وعندما يستثمر الأغنياء في الآخرين، فإنهم يسهمون في بناء مجتمع أقوى وأكثر استدامة. العطاء يتجاوز البطالة إلى الإبداع. عندما يشعر الفقراء بأنهم جزء من المجتمع، فإنهم يصبحون أكثر قدرة على تقديم إسهامات تعود بالفائدة على الجميع. التفاعل الإيجابي بين الفئات المختلفة في المجتمع يعاز إلى بذور الانفتاح والتسامح. في المجتمعات التي تعزز من التضامن، نجد أن روح التعاون تسود، مما يسهل التقدم في مختلف المجالات. في رسالته إلى الإنسانية، حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على التفكير في حال الفقراء والمحتاجين، حيث ورد في الحديث الشريف: "إنما تؤثّرون على ضعيفكم". إن ذلك يعكس روح الرحمة والإنسانية التي يدعو إليها الإسلام. فهناك مسؤولية جماعية تجاه هؤلاء الأشخاص، يجب علينا كأفراد ومجتمعات أن نكون أيادي مساعدة لنرفع القهر عن كاهلهم. لا تقتصر أهمية تواصلنا مع المحتاجين على النطاق الروحي والديني، بل إن لها أثرًا اجتماعيًا ونفسيًا أيضًا. فعندما يشعر الناس بأنهم محبوبون ومحترمون، ينتجون مجتمعًا متجانسًا وقويًا. التأثير الإيجابي الذي يحدث عند استجابة أهل الخير أو أي شخص لنداء المصطفى في البذل والعطاء، يخلق أجواءً من الحب والتعاون والتسامح. بفضل هذا النوع من التعاون، تتولد العديد من المشاريع الاجتماعية والتنموية، كما يساهم في خلق بيئة من السلام والمحبة. إن الفقر لا يتعلق فقط بعدم وجود المال، بل هو حالة تعكس غياب الأمل والفرص. لذا، فمن خلال التضامن والعمل الجماعي، يمكننا تحويل الأوضاع لصالح الجميع. بالتالي، يتضح أن الإحسان للفقراء والمحتاجين لا يسهم فقط في تحسين حياتهم، بل هم في النهاية جزء من المنظومة الاجتماعية التي تضمن الرفاهية والاستقرار للجميع. إن مسؤوليتنا تجاههم لا تساعدهم فقط، بل تسهم في الدفع بالمجتمع نحو التحول الايجابي والنمو المستدام. وعلينا جميعًا أن نتذكر أن القيم الإنسانية العالية التي دعا إليها القرآن والرسول الكريم هي الأساس الذي يجب أن نبني عليه حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. وفي الختام، نذكر أن القرآن الكريم هو دليل شامل لحياة المسلم، وأن الأخذ بعين الاعتبار الأمور المتعلقة بالفقراء والمحتاجين يجب أن يكون جزءًا من أي استراتيجية اجتماعية تهدف إلى بناء مجتمع متلاحم. فعلينا أن نؤمن بتلك المسؤولية ونلتزم بها، ونضعها نصب أعيننا، لنستطيع العيش في عالم أكثر عدلاً ورحمة.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم من الأيام ، واجه رجل في السوق طفلاً محتاجًا طلب منه المساعدة. قرر الرجل مساعدته وفكر في نفسه: 'يجب أن أشعر بالمسؤولية تجاه هذا المحتاج.' لم يغير عمله فقط حياة ذلك الطفل بل أيضًا جلب له السلام والراحة النفسية. منذ ذلك اليوم فصاعدًا ، استمر في مساعدة الآخرين وزادت مسؤوليته تجاههم.

الأسئلة ذات الصلة