القرآن يؤكد بشكل صريح على مساعدة الفقراء والمحتاجين ويعتبر إنفاق المال واجبًا على المسلمين.
القرآن الكريم هو الكتاب المقدس في الإسلام، والذي يحتوي على توجيهات وإرشادات واضحة للمؤمنين في جميع مجالات الحياة. ومن بين هذه التوجيهات المهمة هي ضرورة مساعدة المحتاجين والفقراء. فالاهتمام بالفقراء والمحتاجين ليس فقط واجبًا دينيًا، بل هو أيضًا تعبير عن الإنسانية والتسامح. تمر المجتمعات في جميع أنحاء العالم بتحديات اقتصادية واجتماعية تؤثر على حياة العديد من الناس، مما يجعل مسؤولية مساعدة المحتاجين من الجوانب الأساسية التي يجب أن يتحملها المسلمون. تتضمن التوجيهات القرآنية العديد من الآيات التي تبرز أهمية الإنفاق على الفقراء. في سورة البقرة، الآيتين 177 و273، يأمر الله المؤمنين بإنفاق من أموالهم لمساعدة المحتاجين. فالأية الأولى تُسمى "آية الصدقات"، حيث يقول الله: "أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واغنوا عمن لا يستطيعون طلب العون." وهنا نرى الربط بين الإيمان بالله وبين الأعمال الصالحة، مما يوضح أن الإسلام يحث أتباعه على استخدام أموالهم في الخير. في السياق نفسه، تُشير الآية 273 من سورة البقرة إلى وجوب تقديم الزكاة. الزكاة هي أحد أركان الإسلام، وتُعتبر أداة مهمة لتوزيع الثروة في المجتمع. فعندما يلتزم المسلمون بإعطاء زكواتهم، فإنهم يساهمون في تقليل الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية. بهذا الشكل، يكون توزيع الثروات بين الأفراد هو وسيلة فعالة لمكافحة الفقر وتقديم العون لمن هم في حاجة. لم يقتصر الحديث عن الفقراء والمحتاجين على سورة البقرة فقط، بل نجد في سورة المؤمنون، الآية 60، أن الله يقول: "والذين ينفقون أموالهم على اليتامى والمساكين وفي سبيل الله هم الذين يدخلون الجنة." هذا ينفي أي فكرة عن أن المساعدة هي مجرد فعل عابر، وإنما يُعبر عن التواصل العميق بين الإيمان والأعمال. النفقات التي يُقدمها المؤمنون على المحتاجين تعتبر أفعالًا تساعد على رفع مستوى الحياة في المجتمع. وترتبط مسألة مساعدة الفقراء في القرآن الكريم بالدعوة إلى التعاطف والرحمة. فالقرآن يذكرنا أن الإنسان يجب أن يكون دائمًا مراجعًا لنفسه، ومدى استعداده لمساعدة الآخرين. هذه الدعوة تزرع في قلوب المسلمين احترامًا عميقًا للآخرين واحترامًا لحقوقهم في الحياة. وفي مجتمعاتنا الحالية، يتزايد الفقر بصورة مستمرة، ويحتاج العديد من الناس إلى المساعدة. يُعتبر العمل الخيري جزءًا لا يتجزأ من حياة المسلمين، حيث يقوم الكثيرون بإنشاء مؤسسات خيرية، وتنظيم حملات مساعدة لتعزيز التضامن الاجتماعي. بذلك تُعزز هذه الأعمال روح التعاون والمشاركة بين أفراد المجتمع. مع تطور تقنيات وسائل الاتصال، أصبح بالإمكان تسهيل عملية جمع التبرعات وتوزيع المساعدات. كانت الجمعيات الخيرية في السابق تعتمد على التبرعات المباشرة من الناس، ولكن اليوم يمكن استخدام المنصات الإلكترونية لجمع الأموال والتواصل بشكل أفضل مع المحتاجين. تُظهر الأبحاث والدراسات أن المجتمعات التي تلتزم بمساعدة الفقراء تعيش في سلام ورفاهية أكثر. إذ يقوم المتطوعون والخيرون بمشاركة وقتهم ومواردهم من أجل بناء مجتمع يتسم بالرحمة والرعاية. فهم يُسهمون في بناء صورة إيجابية عن الإسلام، مما يساعد على نشر القيم المجتمعية الجيدة. يجب أن نفهم أيضًا أن مساعدة المحتاجين ليست مقصورة على الزكاة أو الصدقات المالية. بل تشمل أيضًا توفير المساعدات الاجتماعية والتعليمية والصحية. فالتعليم هو الأساس الذي يمكن الفقراء من تحسين مستوى معيشتهم والمشاركة بشكل فعال في المجتمع. بإعطائهم الفرص التعليمية، نكون قد ساعدناهم على رفع مستوياتهم المعاشية وتقديم قيمة إضافية لمجتمعهم. على سبيل المثال، يمكن للمدارس أن تلعب دورًا رئيسيًا في هذا السياق من خلال تقديم المنح الدراسية والبرامج التعليمية العالمية. تتطلب الأسرة المتعلمة أقل نفقة طبية، وبالتالي تُخفف من الأعباء التي قد تلقيها على كاهل النظام الاجتماعي. بمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء، نكون فعليًا في طليعة المساهمين في بناء مجتمع أكثر انسجامًا وتعاونًا. يشير الإسلام بشكل واضح إلى أن المساعدة هي أولًا وقبل كل شيء مسؤولية جماعية. يجب أن تكون لدينا نظرة إيجابية تجاه الفقراء، وأن نبذل قصارى جهدنا لمساعدتهم. من المؤكد أن الله جل جلاله يكافئ من يسعى لمد يد العون للمحتاجين. تُظهر الآيات الكريمة أن مساعدة الآخرين تُعتبر طريقًا للجنة، وما أجمل أن تكون مساعينا في الدنيا وسيلة لنعيم الآخرة. في هذا الإطار، يعتبر الإنفاق على المحتاجين عملًا حسناً يعزز من صورة الدين الإسلامي. ختامًا، نجد أن مساعدة الفقراء والمحتاجين أمرٌ معنوي وملزم دينياً، حيث تشكّل جزءًا سليمًا من الأخلاق الإسلامية. إن قوة الإيمان تُظهر من خلال الأعمال والخدمات الاجتماعية. ولذلك، نحن مطالبون بالاستجابة لنداء الله بتقديم الخير ومساعدة كل محتاج في أوقات الشدة. عبر هذه الجهود، نبني مجتمعًا يسوده التعاون والتآزر، حيث يكون الفقراء والمحتاجين قادرين على العيش بكرامة وسعادة.
كان يا مكان في أحد شوارع المدينة، رجل مسكين يجلس بجانب جدول ماء. كان ينظر إلى المارة بعيون مليئة بالأمل. اقترب منه رجل طيب القلب ولاحظ احتياجاته الشديدة. قرر مساعدته. عندما أعطى الرجل المسكين بعض المال والطعام، امتلأت عيون المسكين بالدموع. قال له: "أنت لا تساعدني فحسب، بل تعطي لي الأمل والسلام. بارك الله فيك في هذه الدنيا والآخرة." هذه القصة تذكرنا بمسؤوليتنا تجاه المحتاجين وتظهر أن مساعدة الآخرين يمكن أن تغير المجتمعات.