يجب أن تكون التربية الدينية مصحوبة بالمحبة والاحترام لتمكين الأطفال من الشعور بالأمان والرعاية.
في القرآن الكريم، نجد أن التربية الدينية تشكل جزءاً أساسياً من بناء شخصيات أطفالنا وتنميتهم الروحية والأخلاقية. فهي دائماً ترتبط بالمحبة والرحمة، وهذا ما يبينه العديد من الآيات القرآنية. تفيد الدراسات التربوية بأن العلاقة بين الآباء وأبنائهم تؤثر بشكل كبير على تربيتهم الدينية. لذا، من الضروري أن يقوم الآباء بتربية أطفالهم بالمودة والحنان بدلاً من العنف والخوف. وهذا ما أكده الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" (الإسراء: 23). هذه الآية تشير إلى مدى أهمية الاحترام والحب في العلاقة بين الآباء والأبناء. في سورة لقمان، نجد مثالاً واضحاً على هذه التربية الإيجابية. ينصح لقمان ابنه في الآية 13 قائلاً: "يا بني لا تشرك بالله...". هذه الآية تُبرز أهمية التعليم القائم على الاحترام والمحبة، حيث إن لقمان يجعل من الواجب على ابنه الابتعاد عن الشرك وتعاليم أخرى تعزز الإيمان. فهذا التوجيه يتطلب من الآباء ليس فقط تقديم المعلومات، بل أيضاً التأكيد على الحب والاحترام في عملية التعليم. علاوة على ذلك، تحث العديد من الأحاديث النبوية على أهمية حب الأطفال وتعليمهم بطرق إيجابية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب من عبده إذا عمل عملاً أن يتقنه"، وهذا يعني أن التربية تحتاج إلى الالتزام والإتقان، والذي لا يتسنى إلا من خلال بيئة مليئة بالمودة والرحمة. فمن الواضح أن التربية الدينية يجب أن تركز على جعل الأطفال يشعرون بالأمان والمحبة، حتى يتمكنوا من النمو السليم فكرياً وعاطفياً. عندما ينمو الطفل في بيئة مليئة بالعطف، فإنه يتم تربيته بشكل أفضل، مما يساعده على استيعاب التعاليم الدينية بشكل عميق. هذا يساهم في تطوير قدراته على التفكير النقدي واستيعاب ما يتعلمه. لذلك، فإن إنشاء علاقات عاطفية إيجابية داخل الأسرة هو أحد الأمور الأكثر فعالية في التربية الدينية. يجب على الآباء أن يظهروا الحب والاحترام لأبنائهم وأن يضعوا مساحة مفتوحة لمناقشة القضايا الدينية. هذا النهج يساعد الأطفال على الشعور بالحرية في خياراتهم الدينية والأخلاقية، مما يسهم في تطوير ارتباط أعمق بإيمانهم وبالله سبحانه وتعالى. إن الانفتاح على النقاش والتعبير عن الأفكار والمعتقدات يمنح الأطفال الشعور بأنهم جزء من المجتمع الديني، ويعزز من تعلقهم بقيمهم. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الحوار المتبادل بين الآباء والأبناء من أولويات التربية الدينية. من خلال مناقشة القضايا المختلفة، يمكن للآباء تعزيز فهم أبنائهم للأخلاق والقيم والمبادئ الدينية. فالحوار يُعد وسيلة فعالة للتربية، حيث يمكن من خلاله تصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز القيم الإسلامية. يدخل في هذا السياق أيضاً أهمية الاستماع. يجب على الآباء أن يكونوا مستمعين جيدين لأبنائهم، وأن يأخذوا بعين الاعتبار مشاعرهم وآرائهم. فالأطفال يحتاجون إلى أن يشعروا بأنهم مُقدَّرون وأنهم قادرون على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون خوف من الرفض أو الحكم عليهم. كما يجب على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم، حيث أن تصرفاتهم وسلوكياتهم تلعب دوراً مهماً في تشكيل قناعات الأطفال. فعندما يرون آباءهم يحققون القيم الدينية في حياتهم اليومية، يميلون إلى تقليدهم واتباع نهجهم. إن التربية الدينية تتطلب من الآباء أن يكونوا المثال الحي للخصال الحميدة. أيضاً، من المهم أن يتلقى الأطفال التعليم الديني بطريقة مناسبة تتيح لهم الفهم الجيد. هذا قد يتضمن إشراك التعليم بالقصص القرآنية وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أن استخدام القصص يساعد على تجسيد القيم والمعاني. عندما يسرد الآباء القصص، يمكن للأطفال استيعاب الدروس بشكل أفضل ويرتبطون بالرسائل الدينية بشكل أعمق. في الختام، يمكن القول إن التربية الدينية يجب أن تكون قائمة على الحب والاحترام، وأن تُعزز من خلال الحوار والتفاهم. فضلاً عن ذلك، يحتاج الأطفال إلى بيئة آمنة تعزز من قيمهم وتمنحهم الفرصة للتعبير عن أنفسهم. إن التأكيد على المحبة والرحمة في التربية يكون له أثر كبير في بناء شخصيات دينية صحية، حيث يمكنهم لاحقاً أن يصبحوا أفراداً ناجحين في المجتمع، ملتزمين بأخلاق دينهم وقيمهم الإنسانية. لذلك، يتوجب على الآباء والمربين أن يجعلوا من التربية الدينية أولوية في حياتهم، لضمان نشوء جيل جديد مفعم بالإيمان والحب.
في يوم من الأيام ، كان والد يتحدث مع ابنه وشعر أن ابنه بدأ يبتعد عن الدين وقيمه. تذكر آيات القرآن وقرر أن يعلم ابنه بالمحبة والعاطفة. قال لابنه: 'عزيزي، يحبنا الله ويريد منا أن نحب بعضنا البعض أيضًا. دعنا نصلي معًا ونتذكر قيم ديننا.' بمثل هذه المحبة ، شعر الابن بالأمان وأبدى اهتمامًا بالدين والممارسات الدينية مرة أخرى.