يجب أن نتعامل مع الوالدين والأسرة بالاحترام والمحبة مع الانتباه إلى احتياجاتهم.
يؤكد القرآن الكريم على أهمية التصرف الصحيح مع الأسرة والإحسان إليهم في جميع الأحوال، حيث تُعد الأسرة نواة المجتمع وأساس التماسك الاجتماعي. وهي لا تتعلق فقط بالروابط الدموية، ولكن أيضًا بالحب والرعاية والاحترام المتبادل. فالأسرة تُعتبر المكان الذي يتعلم فيه الفرد القيم والمبادئ التي تساهم في بناء شخصيته، لذا فإن الواجب الديني والأخلاقي يستوجب علينا التعامل مع أفراد الأسرة بطريقة تعزز من روابط المحبة والتفاهم. في سورة الإسراء، الآية 23، يأمرنا الله بعبادة أحد غيره ومعاملة والدينا بلطف. هذه الآية تُبرز أهمية وواجب المعاملة الحسنة للوالدين، خاصةً في سن الشيخوخة. ففي كثير من الأحيان، قد يتعرض الوالدان للضعف الجسدي أو العقلي مع تقدم العمر، وهنا يجب علينا أن نُظهر لهم الدعم والرعاية والاحترام. يتجلى ذلك في كيفية الحديث إليهم واختيار الألفاظ اللائقة التي تعبر عن الاحترام والتقدير، كما يُفضل أن نخصص أوقاتًا للاستماع إليهم ومساعدتهم في مشكلاتهم، مهما بدت بسيطة. إن معاملة الوالدين باحترام تُعتبر واحدة من أعلى أشكال العبادة في الإسلام، حيث يتم تعزيز العلاقة الأسرية بشكل يفيد المجتمع ككل. فعندما نُحسن إلى والديْنا نكون قد قدمنا نموذجًا يحتذى به لأبنائنا في كيفية التعامل مع كبار السن، وكيفية بناء مجتمع يقوم على الاحترام والرعاية. علاوة على ذلك، في سورة لقمان، الآية 14، يذكر الله أنه يجب أن نقدم الخير لوالدينا ونحبهم ونساندهم في شيخوختهم. هذه الرسالة واضحة، حيث تُفيد بأنه يجب علينا عدم التواني في تقديم الرعاية والمساندة لوالدينا، سواءً من الناحية المالية أو العاطفية. إن تقديم المساعدة والمساندة لهما في هذه المرحلة الحرجة من حياتهما يُعتبر واجبًا شرعيًا وعبره أخلاقي. هذا السلوك الديني مع الأسرة لا يقتصر على أفعال بسيطة، بل يمتد إلى فهم احتياجاتهم ومشاكلهم. إذ يجب علينا أن نكون متنبهين لكل ما قد يواجههم من صعوبات. التأكد من راحتهم النفسية والجسدية، وإيجاد الوقت الكافي للتحدث إليهم ومناقشة مشاكلهم، يُعتبر علامة واضحة على الرعاية والعطاء. بالإضافة إلى ذلك، في سورة الأنفال، الآية 28، يتم التأكيد على أنه لا ينبغي أن تشغلنا ثروتنا وأولادنا عن ذكر الله. فتعلّقنا بمشاغل الحياة، رغم أهميتها، يجب ألا يؤثر على علاقاتنا الأسرية. من السهل أن ننشغل بالأعمال والالتزامات اليومية، لكن يجب علينا ألا ننسى أهمية الأسرة وضرورة تخصيص الوقت لهم. العديد من الناس يُشغلون أنفسهم في السعي وراء المال، وقد ينسون العناية بذويهم، مما يؤدي إلى حدوث قطيعة للأسف. وبذلك، ينبغي أن نكون دائمًا حاضرون لذوي الاحتياجات الخاصة، سواء كانت معنوية أو مادية. إن التوازن بين العمل والواجبات الأسرية يتطلب جهدًا وتوفيقًا، ولكن النتائج ستكون إيجابية بكل تأكيد. في الواقع، إن الأبناء الذين يعاملون آباءهم بإحسان واحترام يصبحون بدورهم آباءً أكثر عناية بأبنائهم، فتتكون حلقة من الاحترام المتبادل والرعاية في المنزل. بوجه عام، فإن التصرف الديني تجاه الأسرة يعني الحب والاحترام والدعم. فهذا السلوك لا يقتصر فقط على أفراد الأسرة التقليدية ولكنه ينطبق أيضًا على كل من نعتبرهم عائلة، مثل الأصدقاء والمعلمين والجيران. فكل علاقة تتطلب الاحترام والتفاهم، وما إن تمت مراعاة هذه القيم، فإن ذلك سيخلق بيئة مليئة بالسعادة والوئام. إن العائلة السعيدة هي عائلة مفعمة بالحب، وهذا ما يأمرنا به ديننا الحنيف. في الختام، فإن القرآن الكريم يضع الأسرة في مقدمة أولويات الحياة. لذا، يتوجب علينا جميعًا أن نكون قدوة حسنة في التصرف مع عائلاتنا، لننشر قيم الاحترام والمودة. فإذا انتشرت هذه القيم في الأسر، فإن المجتمع بأسره سيكتسب مزيدًا من التماسك والاحترام. فليكن كل منا حريصًا على تحقيق التفاهم والمحبة مع عائلته، ولنضمن أن تبقى هذه الروابط قوية ومتماسكة على مر الزمن.
في يوم من الأيام ، كان هناك ولد صغير يدعى علي كان لديه رغبة في إسعاد والدته. قرر أنه خلال الأيام الثلاثة القادمة ، سيقوم بعمل خير لها كل يوم؛ من مساعدتها في الأعمال المنزلية إلى تحضير وجبة خفيفة لذيذة. في اليوم الأول ، استيقظ علي مبكرًا وحضر فطورًا لذيذًا لوالدته. كانت والدته سعيدة للغاية وشكرته. في اليوم الثاني ، عرض علي على والدته أن تستريح بينما ذاهب إلى المتجر لشراء المواد الغذائية. نظرت إليه والدته بدهشة، إذ لم تتوقع أبدًا أن يكون مع اهتمام كبير. في اليوم الثالث ، كتب علي لها رسالة محبة ووضعها على مكتبها. عندما قرأت والدته الرسالة ، امتلأت عينيها بالدموع من الفرح. شعر علي بالسلام والسعادة خاصتين داخله لأنه كان يعلم أن هذه الأفعال جلبت السعادة لوالدته.