يجب إجراء مساعدة المحتاجين بنوايا صادقة ودون رياء لتكون مقبولة من الله.
في القرآن الكريم، يتجلى مفهوم العمل الخيري ومساعدة المحتاجين كجزء أساسي من تعاليم الإسلام. فالأعمال التي تهدف إلى مساعدتهم ليست مجرد إفرازات نفسية، وإنما هي مسؤوليات شرعية أخلاقية، تؤكد على أهمية التعبير عن الرحمة والتعاطف بين أفراد المجتمع. هذه الفكرة تتجسد في العديد من السور والآيات القرآنية، التي تعكس توجيهات الله تعالى للناس حول كيفية التعامل مع الآخرين، وخاصة مع أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى العون والدعم. أحد الآيات البارزة في هذا السياق هي قوله تعالى في سورة البقرة، الآية 271: "وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ." هذه الآية تعكس أهمية النية والإخلاص في القيام بالأعمال الصالحة. فالله سبحانه وتعالى يريد من عباده أن تكون نواياهم صادقة، وأن تأتي أعمالهم نتيجة لرغبة حقيقية في مساعدة الآخرين وليس لمجرد التظاهر أو الكسب الاجتماعي. فإخلاص النية هو المفتاح الأساسي للقبول عند الله سبحانه وتعالى، وهو ما يدعو المسلم ليكون أكثر وعياً بدوافعه عند القيام بالأعمال الخيرية. كانت المجتمعات التقليدية تعتمد أساساً على التفاعل البشري والرحمة لتلبية احتياجات الأفراد الضعفاء. وللإسلام دور كبير في تعزيز هذه الثقافة، حيث يتوجب على المسلمين تفعيل مبادئ التعاون والمشاركة. وهذا ما تبرزه الآية الأخرى في سورة الأنعام، حيث يقول الله تعالى: "وَمَن يُخْفِرْ شَيْئًا من الصدقات يُعَاقَبْ به." إن الآية توجهنا إلى أهمية الزكاة والصدقة، وتبيّن أن كل عمل يُخفى أو يُظهر لم ينطلق من إخلاص، سيكون له عواقب سلبية على الشخص، وهو ما ينبه الناس إلى أهمية صدق النية في كل عمل يدعم الآخرين. علاوةً على ذلك، في سورة المائدة، الآية 22، يقول الله تعالى: "اذكروا نِعَمَ الله واطلبوا المساعدة لأن الأعمال الجيدة بينكم مقبولة." هذه الآية تدعونا للتفكر في النعم التي أكرمنا الله بها، وتحثنا على حث الخطى نحو التضامن والمساعدة بين أفراد المجتمع. فالأعمال الجيدة، سواء كانت صدقة، أو مساعدة اجتماعية، أو عطاءً، ينبغي أن تكون مقبولة ومتجددة في كل زمان ومكان. إضافة إلى ذلك، فإن التأكيد القرآني على نية المساعدة وتجنب الرياء يبرز جوهر القيم الإنسانية. فالمسلم مطالبٌ أن يكون قلبه عامراً بالمحبة والعطف تجاه جميع خلق الله. ولعل أحد النقاط المهمة هنا هو إدراك أن الخير يمكن أن يظهر في أبسط الأعمال، سواء كان ذلك عن طريق تقديم المساعدة المادية، أو الدعم المعنوي، أو حتى الابتسامة التي قد تزرع الأمل في قلب محتاج. يؤكد الإسلام أيضاً على أهمية الصدقة الجارية، التي تُعَدّ رمزًا للحياة المستدامة بعد الموت. وقد جاء في الحديث الشريف: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له." إن هذا الحديث يبيّن لنا أن الأعمال الخيرية لا تنتهي وقوفاً عند حدود الحياة الدنيوية، بل هي استثمار دائم يمتد لآجل غير مسمى. وبالتالي، من المهم أن يتعلم المسلمون كيفية إنفاق أموالهم ووقتهم في الأعمال الخيرية، حتى يتسنى لهم نيل رضا الله والفوز بمعيّته. فقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أهمية العطاء، حين قال: "أفضل الأعمال أدومها وإن قلَّ." هذا يشير إلى أن الاستمرارية في العمل الخيري، مهما كان بسيطاً، يعد جهدًا يستحق التقدير. وفي المجمل، يمكن أن نستنتج أن القرآن الكريم قد أرسى قواعد عظيمة في حب مساعدة المحتاجين، وأن العطاء يجب أن يكون نابعاً من قلب سليم ونية صادقة. إن الفلسفة الإسلامية في العمل الخيري تميزت بأنها تسعى لتحقيق التآزر والمساندة بين الناس. لذا، فإن التخطيط الفعال لتنفيذ الأعمال الخيرية وتنفيذ المشاريع الاجتماعية ذات الطابع الإنساني هي مسؤولية عامة يتحملها جميع أفراد المجتمع، ولها أثر عميق في تعزيز الوحدة والتكافل الاجتماعي. ختاماً، يجب علينا أن ندرك جميعًا أن الأعمال الخيرية هي ليست مجرد طقوس أو عادات، بل هي قيم إنسانية ينبغي أن تُغرس في نفوسنا وتُمارس في حياتنا اليومية. فالكريم هو من يسعى لإسعاد الآخرين، والمجتمع القوي هو الذي يعتني بأفراده كلهم دون استثناء. إذن، يجب أن نكون على استعداد دائم لنترك أثراً طيباً ومساعدات مستمرة، دون انتظار المديح أو الثناء. إن الطريق إلى القلوب السعيدة يبدأ من خلال الأفعال النبيلة والأعمال الصادقة، وهذا ما يحثنا عليه ديننا الحنيف في كل قامة نبيلة تؤدي إلى تحسين حياة الآخرين وتحقيق التوازن الاجتماعي.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يدعى حسن يتجول في السوق. لاحظ شخصًا محتاجًا يجلس بجانب الشارع يبدو حزينًا جدًا. تذكر آيات القرآن التي تؤكد أهمية مساعدة المحتاجين. قرر حسن أن يعطي بعض المال لذلك الشخص دون إظهار ذلك، وبنية صادقة. عندما فعل ذلك ، شعر بسلام أكبر في قلبه وأعطى روحًا جيدة لذلك الشخص. في تلك اللحظة ، أدرك أن مساعدة الآخرين تجلب البركة والطمأنينة ليس فقط للمحتاجين ولكن أيضًا لنفسه.