نعم، لله علاقة خاصة بكل البشر، بمن فيهم الأفراد العاديون. تتجلى هذه العلاقة من خلال قربه الدائم، وسماعه الدعوات، وهدايته للطريق المستقيم، وغفرانه اللامحدود، مما يتيح لكل فرد إقامة اتصال مباشر به.
نعم، قطعاً لله سبحانه وتعالى علاقة خاصة وفريدة مع جميع البشر، دون أي استثناء وبغض النظر عن مكانتهم أو موقعهم. هذه العلاقة لا تقتصر على الأنبياء والأولياء فقط، بل تشمل كل فرد عادي، وكل قلب ينبض، وكل روح تعيش في هذا العالم. لقد أوضح القرآن الكريم هذه العلاقة العميقة والدائمة في آيات عديدة، مبيناً أن الله أقرب إلينا من أي شيء آخر، وهو يسمعنا دائماً ويستجيب لاحتياجاتنا. من أهم مظاهر هذه العلاقة الخاصة، الوجود الدائم والشامل لله. في سورة ق، الآية 16، نقرأ: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ». هذه الآية تظهر بجمال أن القرب الإلهي ليس مجرد قرب مكاني، بل هو تعبير عن إحاطة الله الكاملة علماً وحضوراً بكل كيان إنساني. تخيلوا، خالقاً خلق الكون بكل تفاصيله ويدركها، كيف يمكن أن يغفل عن مخلوقه، عن ذلك الإنسان الذي خلقه بيديه؟ هذا القرب يعني علم الله المطلق بكل فكرة ونية وألم وأمل لكل فرد عادي؛ حتى أولئك الذين لا ينطقون بكلمة في خلواتهم أو يخفون حاجة في قلوبهم. جانب آخر من هذه العلاقة هو استجابة الله لدعوات ونجوى كل فرد. في سورة البقرة، الآية 186، جاء: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ». هذه الآية تبين أن الله، بلا وسيط وبدون الحاجة إلى مراسم خاصة، يستجيب لنداء كل عبد يدعوه. هذا ليس فقط للأنبياء أو الأشخاص المميزين، بل لـ «عبادي» (عبادي)، وهي كلمة شاملة تتضمن جميع البشر. إنها علاقة ذات اتجاهين: الإنسان يدعو والله يستجيب. هذه العلاقة حميمة وأبوية، حيث يشعر كل فرد أنه يتحدث مباشرة مع خالقه، وأن حاجاته ورغباته مسموعة. كما تتجلى علاقة الله الخاصة بالناس العاديين في هدايتهم ومساندتهم. يلقي الله نور هدايته على القلوب المستعدة لتقبله. في سورة العنكبوت، الآية 69، يقول: «وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ». هذا «الجهاد» يمكن أن يعني السعي في سبيل الله، مجاهدة النفس، أو الكفاح لأداء الأعمال الصالحة. هذه الآية توضح بجلاء أن كل فرد يسعى لتحقيق رضا الله، فإن الله يأخذ بيده ويهديه إلى الصراط المستقيم. يمكن أن تكون هذه الهداية على شكل إلهام داخلي، أو فتح طرق، أو حتى توجيه من خلال أشخاص آخرين؛ كلها علامات على اهتمام الله الخاص بمسار تطور وسعادة كل فرد. علاوة على ذلك، فإن غفران الله ورحمته التي لا حدود لها، تشكل أساس هذه العلاقة. لقد فتح الله باب التوبة أمام جميع العباد، حتى أولئك الذين ارتكبوا ذنوباً عظيمة. في سورة الزمر، الآية 53، يقول: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». هذه الآية دعوة عامة ومحبة لجميع البشر للعودة إلى رحمة الله ومغفرته. إنها تظهر أن علاقة الله بكل فرد، حتى أكثر الناس ذنوباً، هي علاقة أمل وغفران وافر. هذا الغفران غير المشروط لكل تائب، هو علامة على الارتباط القلبي والمتعاطف لله مع عباده. باختصار، علاقة الله بالناس العاديين هي علاقة دائمة، حميمة، متفاعلة، موجهة، ومليئة بالرحمة. تتجلى هذه العلاقة من خلال علم الله الكامل بوجودنا، واستجابته لدعواتنا، وهدايته لنا في الطريق الصحيح، وغفرانه الواسع لذنوبنا. يمكن لكل فرد أن يقوي هذه العلاقة الخاصة من خلال ذكر الله، العبادة، الدعاء، الشكر، والسعي لأداء الأعمال الصالحة، ليشعر بالوجود الإلهي المحب في حياته لحظة بلحظة. هذه هي أعظم نعمة مُنحت لكل إنسان عادي: القدرة على إقامة اتصال مباشر وشخصي مع خالق الكون.
يُحكى أنه في قديم الزمان، وفي مدينة صاخبة، كان يعيش درويش بسيط القلب وقانع. لم يكن يملك ثروة ولا مكانة؛ كان كنزه الوحيد قلبًا مليئًا بالتوكل على الله. ذات يوم، عندما اشتد به الجوع ولم يجد ما يأكله، رفع يديه بالدعاء وقال بأقصى درجات الإخلاص: «يا ربي، أنت الذي ترزق جميع الكائنات، هل نسيت عبدك الضعيف هذا؟» لم ينته دعاؤه بعد حتى ظهر رجل فجأة، وأعطاه كيساً من الخبز الساخن والطازج، ومضى في طريقه دون أن يتفوه بكلمة. فرح الدرويش فرحًا عظيمًا وأدرك أن الله قد سمع دعاءه ورزقه من حيث لا يحتسب. تذكرنا هذه القصة الجميلة بأن الله لا ينسى أبدًا عباده، سواء كانوا مميزين أو عاديين، ويستجيب دائمًا لاحتياجاتهم إذا لجأوا إليه بقلب صادق ووضعوا ثقتهم فيه.