السعادة الحقيقية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال ذكر الله والحفاظ على اتصال به; بدون هذا الاتصال ، لا يمكن للمرء أن يصل إلى السلام الحقيقي.
في القرآن الكريم، يُعلّمنا الله سبحانه وتعالى أن السعادة الحقيقية تتجاوز كل ما يُمكن أن تقدّمه لنا الحياة المادية. إنّ السعادة الحقيقية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بذكر الله ووعيه، كما أنّها تتعدى المظاهر الخارجية التي قد يُساء فهمها على أنها سعادة. فالقلب هو موطن السعادة، ويتطلب الوصول إليها جهداً داخلياً وإيماناً صادقاً. في سورة الرعد، الآية 28، جاء فيها: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ". تُظهر هذه الآية أن الطمأنينة والسلام الداخلي لا يُمكن تحقيقهما إلا من خلال اتصال القلب بذكر الله وتفكّره في آياته وأخلاقه. إن الشخص الذي يغفل عن الله تعالى سيجد نفسه في حالة من الافتقار إلى السعادة الحقيقية، حيث يبتعد عن مصدر الراحة والهدوء الذي يبعثه ذكر الله. في عالمنا المُعاصر، يتجه الكثير من الناس إلى البحث عن السعادة من خلال متاع الحياة الدنيا، مثل الثروة والسلطة. لكن كما تشير العديد من الآيات القرآنية، فإن الفرح الحقيقي لا يمكن أن يتواجد في الحياة إلا عندما يرتبط القلب بخالقه. الكثير من الأشخاص يعيشون في حالة من الفوضى الداخلية، حتى مع وجود الرفاهية المادية من حولهم. يُظهر الواقع أن سُبل السعادة التي ليست مبنية على الإيمان ستؤدي حتماً إلى شعور بالفراغ قد يتحوّل إلى إحباط وفشل. إن الإحسان إلى الوالدين والأقرباء واليتامى والمحتاجين هو جانب آخر مهم في تحقيق الرضا الداخلي، وهو ما يُشير إليه الله في سورة النساء، الآية 36، حيث يقول: "وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذَا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ". يُعتبر الإحسان هنا ليس مجرد واجب ديني بل هو أيضًا طريق للسعادة الحقيقية. فعندما نُقدّم الاهتمام والمساعدة للآخرين، فإن ذلك يُعطي لحياتنا معنى ويجعلنا نشعر بالتواصل والانتماء. من هنا، تُصبح السعادة الحقيقية غير مرتبطة بما نمتلكه من أشياء مادية، بل هي مرتبطة بما نقدّمه من مشاعر طيبة وأفعال صادقة تجاه الآخرين. وفي سورة التوبة، الآية 24، نجد تأكيدًا على مكانة محبة الله ورسوله، حيث يقول الله عز وجل: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ". يشدّد الله على أن محبة الأشياء الدنيوية إن كانت أكبر من محبة الله ورسوله، فإن الشخص قد يُصبح بعيداً عن طريق السعادة الحقيقية. لذا، فإن التوازن بين الجوانب الروحية والدنيوية هو ما يُمكّن الفرد من الحصول على رضا داخلي دائم. تكتسب العلاقة مع الله أهمية قصوى في تحقيق السعادة الحقيقية. هذه العلاقة لا تقتصر على العبادة فحسب، بل تشمل التمسك بمبادئ الأخلاق والتعامل بصدق ورحمة مع النفس ومع الآخرين. إن تعزيز القيم الإنسانية مثل الرحمة، والكرم، والتسامح، والأمانة، يجعل الحياة أكثر بهجة وإشراقًا. السعادة الحقيقية لا تحتاج إلى تصنّع أو مُظهر خارجي، بل هي شعور يخرج من العمق. عندما يُحقّق الشخص القرب من الله من خلال إقامة العبادات والتعبّد، فإنه يُحقق السعادة والطمأنينة في حياته. إن هذه حالة مُجرّبة، حيث نجد المؤمنين رغم المصاعب والابتلاءات يعيشون في حالة من السعادة الداخلية. في نهاية المطاف، يمكننا القول بأن السعادة الحقيقية لا تأتي من جمع المال أو استحواذ السلطة، بل تأتي من علاقة قوية مع الله والاعتدال في استخدام النعم. يُعد القرآن الكريم مرشدًا أساسيًا لتوجيه الناس نحو الفهم العميق للحياة وكيفية العيش فيها بسعادة وراحة بال. من خلال الهداية الإلهية، نتعلّم كيفية ممارسة الفرح الحقيقي ونستطيع تحقيق أهم هدف في حياتنا. لتحقيق السلام الداخلي، يجب أن نُراعي علاقتنا بالله وطريقة تعاملنا مع الآخرين. وعليه، فإن السعادة ليست مجرد لحظة من الفرح، بل هي حالة دائمة تجلب الطمأنينة والسلام للقلب.
في يوم من الأيام ، كان عليرضا يتأمل في حياته ويتساءل لماذا لا يشعر بالسعادة. فكر في نفسه: "ربما يجب أن أسعى للسعادة في الأشياء الخارجية؟" لكنه كان يغفل عن أهمية الله. في يوم من الأيام أثناء قراءته للقرآن ، صادف الآية التي تقول: "إن ذكر الله يطمئن القلوب". جعلت هذه الآية يفكر ويدرك أن السلام الحقيقي والسعادة تكمن في ذكر الله والحفاظ على اتصال معه. قرر تكريس المزيد من الوقت للصلاة ومساعدة الآخرين. تدريجيًا ، شعر أن حياته تتغير وأصبح أكثر سعادة.