يمكن أن تبعد الثروة الإنسان عن الله إذا كانت تتقدم على حب الله في حياة الشخص. يمكن أن يساعد الاستخدام الصحيح للثروة في الاقتراب من الله.
يتناول القرآن الكريم بوضوح مسألة الثروة وتأثيرها على الروح الإنسانية. إن الثروة ليست بالضرورة شيئًا سلبيًا، بل يمكن أن تكون وسيلة لخدمة الآخرين وعبادة الله. حيث أن المال في ذاته لا يعكس أخلاق الإنسان، بل يتعلق بكيفية استخدامه. في مجتمعنا المعاصر، أصبح المال عاملًا حاسمًا يؤثر على جميع جوانب حياتنا، من مكان الإقامة إلى مستوى التعليم والطعام والرفاهية. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن القيم الأخلاقية والدينية يجب أن تتجاوز الاهتمامات المادية. تعد الثروة من أهم الموضوعات التي يسلط عليها القرآن الضوء، فالآيات والسور الكثيرة تتحدث عن دور المال في حياة الإنسان. إن المال أو الثروة في الإسلام ليست هدفًا بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الغايات النبيلة. لذا، يتوجب علينا توجيه نوايانا نحو استخدام هذه الثروة في ما يرضي الله ويلبي احتياجات المجتمع. في سورة التوبة، الآية 24، يتحدث الله إلى عباده وينبههم إلى أن حب المال والممتلكات يمكن أن يكون خطرًا عظيمًا، حيث يقول الله: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبُّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" (التوبة: 24). وبهذه الآية، يحذرنا الله من أن نسمح للمال بأن يصبح محور حياتنا، حيث يتطلب الأمر منا تحديد أولوياتنا وتوجيه نوايانا نحو العبادة والتقرب إلى الله. إن تركيز الإنسان على الثروة يمكن أن يؤثر سلبًا على سلوكه وأخلاقه. فكلما ازداد حب المال، تضاءلت القيم الإنسانية مثل الكرم والعطاء والحب. وقد يؤدي ذلك إلى مشاعر الانتقام والأنانية، حيث يسعى الفرد لتحقيق مكاسبه على حساب الآخرين. لذا فإن استخدام الثروة بحكمة وبنية صادقة يساعد على تعزيز الروابط المجتمعية والحب بين الناس. جاء في سورة آل عمران، الآية 14، حيث يتحدث الله عن الرغبات الدنيوية وكيف تمنع الإنسان من السير على الطريق الصحيح. يقول تعالى: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنَّطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالزَّرْعِ وَالْحَبِّ أُولَـٰئِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَئَابِ" (آل عمران: 14). ولذا، يجب أن نكون حذرين من مشاعر الجشع والرغبات المفرطة التي قد تقودنا إلى ضياع ما هو أهم، وهو الإيمان بالله وخدمة المجتمع. عندما تنفصل الروح عن قيم الإيمان وتتجه نحو المادة، تنشأ فجوة روحية تؤثر على الإنسان بشكل عميق. لذا، فإن استخدام الثروة يصبح أمرًا ضروريًا لتحقيق الأهداف النبيلة. فعندما نستخدم ثرواتنا لدعم الضعفاء والمحتاجين، نكون بذلك نحقق العبادات التي أمرنا الله بها. إن تقديم المساعدة للآخرين وزيادة الوعي تجاه احتياجات المجتمع يعكس القيم الأخلاقية الصحيحة التي دعا إليها الدين. يجب على كل فرد أن يسعى إلى استخدام ثروته كوسيلة لخلق تغييرات إيجابية في حياة الآخرين. فخدمة الإنسانية تعتبر عبادة في حد ذاتها، خاصةً عندما تُقدَّم بنية خالصة لله. وبالتالي، يصبح المال وسيلة وابتكار يُعتمد عليه لتعميم الخير في المجتمع. إن على المسلمين أن يسعوا بجدية لترجمة تعاليم دينهم في حياتهم اليومية، متذكرين دائمًا أن الله هو المعطي وهو الذي أصطفى القلوب للخير. خلاصة القول، ينبغي أن تكون الثروة وسيلة لتحسين حياتنا وحياة الآخرين، ولكن يجب أن تبقى دائمًا في مرتبة ثانوية مقارنةً بحب الله ورسالته. فالمال ليس هدفًا، بل وسيلة لتحقيق أهداف أخلاقية ودينية. لذا، يجب علينا جميعًا أن نتفكر في كيفية استثمار مواردنا بطريقة تحقق الفائدة للجميع، ونتجنب الانحرافات التي قد تقودنا بعيدًا عن الطريق المستقيم. بالاطلاع على الآيات القرآنية، نجد أن الله دائمًا ما يدعونا إلى التفكير في أولوياتنا ويذكرنا بأهمية تقوية علاقتنا معه من خلال أفعالنا ونوايانا. وعليه، فإن استخدام الثروة بحكمة جريمة دلَّت عليها التعاليم الدينية، التي تشجع على توازن حياة المسلمين بين المادة والروح.
كان هناك رجل يُدعى جلال كان فخورًا جدًا بثروته ، معتقدًا أن امتلاك المال يجلب السعادة. ومع ذلك ، أدرك قريبًا أن هذه الثروة أبعدته عن أصدقائه وعائلته حيث قضى وقته في ترفيهات تافهة. في أحد الأيام ، خطرت له فكرة أن حياته بحاجة إلى تغيير. تذكر آيات القرآن وقرر أن يتبرع بجزء من ثروته للمحتاجين. بهذه الطريقة ، لم يكتسب فقط المزيد من الاحترام في مجتمعه ، بل شعر أيضًا بوجود صلة أقرب بالله وراحة ذهنية أكبر.