هل يهدي الله الجميع؟

الهداية الإلهية تعتمد على إرادة واختيارات الأفراد ، وقد منح الله البشر الحرية للاختيار.

إجابة القرآن

هل يهدي الله الجميع؟

الهداية الإلهية هي من المفاهيم الأساسية التي تتناولها النصوص الدينية، وتحديداً في القرآن الكريم، حيث تُظهر لنا كيف تتفاعل إرادة الإنسان مع إرادة الله. إن الهداية ليست مجرد هبة تُمنح بل هي عملية تتطلب من الفرد جهدًا ورغبة صادقة في السعي نحو مرضاة الله وفهم رسالته. يعتبر موضوع الهداية من الموضوعات العميقة التي تتناولها العديد من الآيات القرآنية، وبخاصة في سور البقرة والأنعام، حيث يُشار إلى أن الهداية والضلال هما في الحقيقة نتيجة لاختيارات الإنسان وميوله. يبدأ الحديث عن الهداية الإلهية من خلال الآية 26 من سورة البقرة، والتي تبرز كيف أن الله لا يشعر بالخجل من استعمال الأمثال، حتى وإن كانت أمثال بسيطة كالبعوضة، وذلك لأن في هذه الأمثال حقائق عميقة يمكن أن تُفيد المؤمنين وتُضيء لهم الطريق. يقول الله: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۗ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ۚ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ". تُظهر هذه الآية بوضوح أن ضلال الأمة أو هدايتها ليست مسألة قضاء وقدر حتمية، بل هي تتعلق بعقولهم وقلوبهم. فالمؤمنون الذين يتقبلون هذه الأمثال يدركون أنها تمثل حقائق تستند إلى علم الله وحكمته، بينما الذين يكفرون بها يرونها مجرد تخبطات ذهنية لا تدل على شيء. ومن هنا، نكتشف أن الهداية الإلهية هي بمثابة دعوة لاختيار الحقائق التي تعرض عليها، مما يُبرز أهمية الإرادة الفردية. كما يُهَمّش هذا المفهوم في الآية 125 من سورة الأنعام، حيث يوضح الله تعالى: "فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ۖ وَمَن يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء". في هذه الآية، نرى أن الله يمنح الهداية لمن يشاء ولكن يتطلب ذلك أن يكون لديه نية صادقة وأن يسعى بجدية إلى معرفة الحق. إن شرح الصدر للإسلام علامة واضحة على الهداية، في حين أن الضيق والحرج هما إشارة إلى الضلال. الحرية في الاختيار هي من أعظم النعم التي منحها الله للإنسان، حيث جعل له القدرة على اتخاذ قراراته بناءً على إدراكه وإرادته. تتطلب الهداية لذلك من الفرد مجهوداً لفتح قلبه وعقله لاستقبال الرسالة الإلهية. فلك أن تتخيل كم من الحقائق يمكن أن تتضح للفرد إذا ما قرر أن يسعى بصدق نحو الحقيقة، وكم من الأبواب يمكن أن تُفتح أمامه إذا ما سعى في سبيل الله. الهداية، إذن، تحتاج إلى خطوات عملية يقوم بها الفرد. ومن هذه الخطوات: التفكر في آيات الله، وقراءة القرآن الكريم، والسماع إلى العلماء، وطلب العلم، والاستغفار والدعاء. كل هذه الأمور يمكن أن تكون بمثابة محفزات للهداية. كما أنه يجب على الإنسان أن يكون مستعدًا لدراسة نفسه وتحليل خياراته وتوجهاته، حتى يتبين له دوماً ما هو الأفضل له في الدنيا والآخرة. فكلما زادت صداقة الفرد مع الحق وابتعد عن الزيف، كلما كانت الفرصة أكبر لنيل الهداية. ولنتذكر دائماً أن الله هو الهادي، وأننا بحاجة إلى أن نتقرب منه من خلال الطاعات والتقوى والأخلاق الحميدة. وعندما يصير الإنسان في حالة من العبودية لله، فإن الهداية ستكون دربه الطبيعي نحو الحق. في النهاية، يجب أن نؤكد أن الهداية الإلهية تحت تصرف الله وحده، وأنه قادر على هداية من يشاء. ولكن علينا نحن أيضًا أن نتحمل المسؤولية ونكون جزءًا من هذه الرحلة، وذلك من خلال الإيمان والعمل على تقوية قلوبنا وعقولنا. وأن نذكر دوماً ما جاء في القرآن الكريم من آيات تتحدث عن الهداية والضلال، وأن نسعى جاهدين لأن نكون من المهتدين. فللهداية شروط، وأهمها الصدق والإخلاص، والسعي الدؤوب في طريق الحقيقة. والنتيجة هي أن الهداية الإلهية ليست مجرد اعتقاد، بل هي أسلوب حياة يتجسد من خلال أفعالنا وأخلاقنا.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم من الأيام ، كان رجل يسافر ويبحث عن النور والهداية. استند إلى آيات القرآن وأدرك أن الهداية الإلهية نتيجة لاختياراته وجهوده. مع الأمل والاعتماد على الله ، قرر أن يحسن أفعاله ويعود إلى الله. شيئًا فشيئًا ، شعر أنه أقرب إلى النور الإلهي واختبر السكون في قلبه.

الأسئلة ذات الصلة