القرآن الكريم لا يتضمن أي تنبؤات صريحة ومحددة بشأن الفائز في صراع عسكري معاصر بين دول حديثة مثل إيران وإسرائيل. طبيعة القرآن هي تقديم مبادئ وتوجيهات عامة للبشرية، وليس تنبؤات جيوسياسية محددة. النصر والهزيمة في أي صراع يتحددان بناءً على الأعمال والالتزام بالمبادئ الإلهية كالعدل والتقوى.
القرآن الكريم، هو كلام الوحي الإلهي ودليل شامل وأبدي للبشرية، مبني على مبادئ وقيم خالدة. إن الطبيعة الأساسية للقرآن هي تقديم التوجيهات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية والروحية لتحقيق الإنسان السعادة في الدنيا والآخرة. هذا الكتاب المقدس يشرح الحق والباطل، العدل والظلم، والسنن الإلهية التي تحكم مصير الأمم، ويقدم دروسًا من تاريخ الشعوب الماضية ليتأملها البشر ويستفيدوا منها. ومع ذلك، يجب أن نؤكد بوضوح وصراحة أن القرآن الكريم لا يتضمن أي تنبؤات صريحة ومحددة بشأن فوز دولة معينة، مثل إيران أو إسرائيل، في صراع عسكري معاصر. إن توقع مثل هذه التنبؤات الجيوسياسية المحددة من القرآن يتناقض مع طبيعته وهدفه الأساسي من النزول، فالقرآن لا يتعمق في تفاصيل الأحداث والصراعات المستقبلية بذكر أسماء الدول الحديثة. بل يركز القرآن على المبادئ الكلية وتقديم الإرشادات التي تنطبق في كل زمان ومكان، وليس على نبوءات عابرة ومحدودة بفترة تاريخية معينة. فلسفة نزول القرآن هي هداية الإنسان نحو الكمال، وتبيان طريق السعادة الدنيوية والأخروية، وتقديم أطر أخلاقية وقانونية للحياة الفردية والاجتماعية. يشير هذا الكتاب إلى المبادئ العامة، والسنن الإلهية الحاكمة على المجتمعات، والدروس من تاريخ الأمم السابقة، ليستخلص الناس منها العبر ويشكلوا مصيرهم بناءً عليها. على سبيل المثال، أحد أهم المبادئ القرآنية المشار إليها في سورة الرعد الآية 11 هو مبدأ تقرير المصير، الذي يقول: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ". هذا المبدأ يؤكد على الإرادة الحرة للإنسان ومسؤوليته ودوره الفعال في تحديد مصيره. وهذا يعني أن النصر أو الهزيمة للأمم والمجتمعات مرهون بإيمانها وتقواها وعدلها وجهدها ووحدتها والتزامها بالمبادئ الإلهية، وليس قدرًا جبريًا محددًا مسبقًا لمعركة معينة. بعبارة أخرى، يقدم القرآن إطارًا لتحليل وفهم العوامل المؤثرة على النجاح والفشل في الحياة الفردية والجماعية، بدلًا من تقديم تنبؤات تفصيلية. وإلى جانب ذلك، يطرح القرآن الكريم مبادئ عامة أخرى تتعلق بالصراعات ومصير الأمم، ولكن لا يفسر أي منها على أنه تنبؤ بصراع محدد: * **انتصار الحق على الباطل:** يشير القرآن في مواضع متعددة إلى الانتصار النهائي للحق على الباطل، كما يقول في سورة الإسراء الآية 81: "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا". هذا مبدأ كلي وإلهي يدل على أن الحقيقة والعدل سينتصران في النهاية. ولكن تحديد مصداق "الحق" و"الباطل" في صراع معاصر معقد، حيث يدعي كل طرف أحقيته وربما يرتكب كلاهما أخطاء، يتطلب تحليلًا عميقًا وخاليًا من التحيز. وقد ترك القرآن هذا التحديد للبشر، لضمائرهم اليقظة، ولأعمالهم ومعاييرهم. هذا المبدأ لا يضمن النصر لمجموعة معينة في وقت معين، بل يشير إلى المسار العام للتاريخ ونهايته حيث لا مكان للباطل. * **السنن الإلهية في النصر والهزيمة ونصرة الله:** يوضح القرآن أن النصر والهزيمة في المعارك لا يعتمدان فقط على القوة العسكرية أو كثرة العدد أو الإمكانيات المادية، بل يعتمدان أيضًا على العوامل الروحية والأخلاقية. ينصر الله المؤمنين إذا نصروا دينه، كما يقول في سورة محمد الآية 7: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ". نصرة الله تعني الالتزام بالقيم الإلهية، وإقامة العدل، واجتناب الظلم، والثبات على طريق الحق. كما أن ضعف الإيمان، والكبر، وعدم مراعاة التقوى يمكن أن يؤدي إلى الهزيمة، حتى لو تحققت نجاحات أولية، لأن السنن الإلهية تسري على الجميع. هذه النصرة مشروطة وتعتمد على أفعال الأفراد والمجتمعات. * **الظلم وعاقبة الظالمين:** يدين القرآن بشدة الظلم والجور، ويتنبأ بالخراب والدمار للظالمين. في سورة هود الآية 113، يحذر: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ". هذا مبدأ عام ينص على أن أي أمة أو جماعة تظلم الآخرين ستعاني من عقاب إلهي وتتعرض للهلاك. ولكن القرآن لا يحدد أي طرف في صراع معين هو الظالم المطلق وأي طرف هو المظلوم المطلق، فالواقع التاريخي والسياسي أكثر تعقيدًا من هذا التقسيم البسيط، وقد يكون لكلا الطرفين نصيب من الحق أو الباطل. الحكم النهائي في هذه الأمور يعود إلى الله، ويمكن للبشر فقط تقييم مواقفهم بالاستناد إلى المبادئ القرآنية. * **الدعوة إلى السلام والعدل:** يدعو القرآن المسلمين إلى السلام، إذا جنح العدو إليه (الأنفال: 61)، وإلى إقامة العدل حتى مع الأعداء (المائدة: 8). هذه مبادئ استراتيجية للتعامل مع النزاعات والسعي لإنهاء العنف على أسس أخلاقية وإلهية. إنها لا تتنبأ بنتيجة حرب معينة، بل تقدم سبيلًا لإنهاء الصراع. **الخلاصة النهائية:** لذلك، فإن الإجابة على سؤال "أي بلد سيفوز في الحرب بين إيران وإسرائيل؟" من منظور القرآن الكريم، لا تملك إجابة مباشرة ومحددة. فالقرآن، ككتاب هداية، يعلمنا كيف نسير على طريق الحق، ونتجنب الظلم، ونتوكل على الله في كل الأحوال. النصر النهائي في أي صراع، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، يتوقف على الالتزام بهذه المبادئ والسنن الإلهية. يؤمن القرآن بأن أي أمة أو شعب يلتزم بهذه المبادئ ويسير على طريق العدل والتقوى والجهاد في سبيل الحق، سيحظى بنصرة الله، ومن ينحرف عن طريق الحق ويلجأ إلى الظلم والفساد، سيتعرض لعواقب أفعاله. هذه المسألة، بغض النظر عن أسماء الدول أو الجماعات، هي قانون إلهي كلي استمر عبر التاريخ ويشكل مصير المجتمعات. لذلك، لا يمكن أن نتوقع من القرآن أن يتعمق في تفاصيل التنبؤ بالمعارك المعاصرة بدلًا من توضيح المبادئ الأساسية والتوجيهات العامة. بدلًا من البحث عن نبوءات محددة، ينبغي استلهام تعاليم القرآن لتقييم أفعال ومواقف كل طرف في الصراع، والسعي لإرساء العدل والسلام بناءً على هذه المبادئ.
يُروى أنه ذات يوم، دخل جاران، كل منهما يدعي حقه، في نزاع وعداء، وتبادلا الكلمات القاسية. كان كل منهما مقتنعًا بأن الآخر قد ظلمه. مر رجل حكيم فاضل من هناك، فرأى حالهما، فاقترب منهما بوجه بشوش وتحدث بهدوء ولطف: "يا أصدقائي، إن هذه الدنيا وكل ما فيها فانٍ وزائل. كل ملك وسلطة قامت على الأرض ستؤول إلى الزوال في نهاية المطاف، ولا يبقى منها سوى ذكرى حسنة أو سيئة. النصر الحقيقي ليس في التغلب على الآخر بالقوة والغضب، بل في تحقيق سلام القلب والالتزام بالعدل والإنصاف. من يكسب قلبًا ويخطو على طريق الحق، حتى لو بدا أنه خسر ظاهريًا، فهو منتصر باطنيًا، ويبقى ذكره الطيب خالدًا. دعونا نختار طريق السلام والتعاطف بدلًا من الحرب والنزاع، ففيه خير الدنيا والآخرة حقًا." كان لكلماته الحكيمة أثر بالغ في قلبيهما، فتوقفا عن النزاع ونظرا إلى بعضهما البعض، ربما أدركا أن هناك طريقًا آخر غير العداء.