تطهير النية يعني أداء أعمال العبادة فقط لله وتجنب النفاق.
تطهير النية لله هو أحد المبادئ الأساسية في حياة المسلمين، حيث يُعتبر النية هي أساس كل عمل نقوم به. فالمسلم يحتاج إلى أن يوجه أعماله اليومية نحو الله تعالى، مُخلصًا له الدين، ساعيًا بذلك إلى تحقيق الطاعة والامتثال لأوامره. ويُظهر القرآن الكريم أهمية هذا الأمر من خلال العديد من الآيات التي تدعو إلى إخلاص النية. في سورة يونس، الآية 85، يقول الله: 'وما أُمِرُوا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين'. من خلال هذه الآية، ندرك أن عبادة الله تستلزم إخلاص النية، وهو ما يُعد مطلبًا أساسيًا في حياة المسلم. وفي هذا الإطار، قد يُعتبر تطهير النية جهادًا نفسيًا متواصلًا يتطلب من المسلم مواجهة نفسه والتخلص من الأهواء والدوافع الخاطئة التي قد تؤثر على نواياه. إن النية ليست مجرد كلمة تُقال، بل هي حالة قلب وعاطفة شاملة تؤثر على سلوك الفرد وأعماله. فعندما نعمل بنية خالصة، يجعلنا ذلك نُقبِل على أعمالنا بقلب مفتوح، كما أن ذلك يُعطينا القوة للإصرار على القيام بما هو صحيح. من المهم أن نفهم أن تطهير النية يتجاوز مجرد التوجه إلى الله في الطاعات، بل يشمل أيضًا جميع جوانب الحياة. فمثلاً، في المعاملات اليومية، إذا كانت نيتنا حسنة، فإن ذلك سيعود بالنفع علينا، وبالتالي يجب على المسلم أن يُحسن نواياه في كل عمل يقوم به، سواء كان في العمل أو العبادات أو حتى في العلاقات الاجتماعية. للأسف، قد يُصاب المسلم أحيانًا بالرياء أو النفاق، مما يفسد أعماله ويحولها إلى أعمال فارغة. لذلك، فإن الذكر الدائم لله والتأمل في نياتنا يمكن أن يساعدنا كثيرًا في تجنب هذه الفخاخ الروحية. يمكن أن يُساعد لنا وضع أساليب معينة لاستمرار تفكرنا في نوايانا، مثل كتابة أهدافنا أو قراءة كتب تتعلق بإخلاص النية. في سورة البقرة، الآية 177، نجد إشارة أخرى مهمة تتعلق بالنية: 'لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ...'، حيث يُوضح الله أن الأعمال الطيبة يجب أن تُؤدى بنوايا صادقة لكي تُقبل. إن هذه الآية تُضيء الطريق للمسلمين لتقييم نياتهم بشكل دائم، وعليهم أن يسألوا أنفسهم دائمًا: لماذا نعمل؟ ولمن نعمل؟ ومع ذلك، فإن النية ليست فقط في الأعمال التعبدية، بل تشمل أيضًا النية في السلوكيات اليومية. فكلما عشنا حياتنا ونظرتنا للعالم من حولنا بنية حسنة، زادت فرصة تقبل أعمالنا وأحسنّا معاملتنا مع الآخرين. إن النية الجيدة تُعتبر قِوامًا مهمًا في التعامل مع الآخرين، حيث تُسهم في بناء علاقات إيجابية وصحيحة، مما يُشعر الإنسان بالسعادة والرضا النابع من قناعة داخلية. في ضوء ذلك، فإن مراجعة الذات والانتباه إلى نياتنا تعدّ من أمور التزكية التي يمكن أن تساعدنا على البقاء في الطريق الصحيح. عندما ندرك ما يجول في خاطرنا ونُعيد تقييم نياتنا بشكل مستمر، فإننا نكون أكثر استنارة بخصوص الحدود والمعايير المطلوبة في حياتنا. وهذه المراجعة تتطلب من المسلمين خطوات عملية تتضمن الدعاء والاستغفار، حيث أن الاستغفار يرتبط مباشرةً بتطهير القلب وتنقيته. أخيرًا، يتعين علينا أن ندعو الله دائمًا أن يُطهّر نياتنا وأن يعيننا على السير في الطريق المستقيم. فعلينا أن نُكرّس جهودنا في خدمة الله، وأن نعمل دائمًا على تنمية صدق النية في قلوبنا. فالأعمال تُقبل على قدر نياتها، وفي ذلك يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: 'إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى'. بمرور الوقت، سيعمل ذلك على تعزيز إيماننا ويجعل أعمالنا مُقبولة ومباركة، وسنجد من خلال ذلك السعادة والرضا في قلوبنا. إن تطهير النية للأعمال هو بمثابة مرآة تعكس مدى إخلاصنا وتقوانا، مما يُعزز علاقتنا بالله ويُقربنا أكثر منه.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يُدعى إحسان مشغولاً بمساعدة المحتاجين في حيّه. كان يحاول دائمًا تطهير نياته لله، لكنه أحياناً كان يتوقف ويتساءل: هل مساعدتي حقاً لله أم من أجل الاعتراف؟ بعد فترة قرر أنه في كل مرة يساعد فيها شخصاً، سيقول آية من القرآن أو ذكر لله. عندما فعل ذلك، شعر بإحساس عميق بالسلام، وأخذت حياته معنى جديداً.