الله قريب من عباده ويستجيب لدعواتهم ويعرف حالتهم.
في القرآن الكريم، يتكرر الحديث عن قرب الله من عباده بشكل مستمر، حيث تعكس هذه الآيات عمق العلاقة بين الخالق والمخلوق، وتوضح كيف أن الله، سبحانه وتعالى، دائماً قريب من عباده ويستجيب لدعواتهم. وتعد الآية 186 من سورة البقرة من أبرز الآيات التي تتناول هذا الموضوع. يقول الله في كتابه الكريم: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّْي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ". هذه الآية تشير بوضوح إلى قرب الله الدائم من عباده، وأنه يجلب الأمن والراحة لمن يلجأ إليه بالدعاء. إن هذه الآية تدل على أن الله لا يحتاج منا أن نقطع مسافات كبيرة للوصول إليه، فبمجرد أن نرفع أيدينا إليه بالدعوات، نكون قد أقمنا جسرًا من التواصل المباشر بيننا وبينه. فالحاجة إلى قرب الله هو شعور إنساني طبيعي، وهذا القرب ليس محصورًا في أوقات الصلاة فحسب، بل يمتد إلى شتى جوانب حياتنا. فهو، سبحانه وتعالى، مدرك لحالات عباده وفهمه للمشاعر الإنسانية بما يفوق ما نستطيع التعبير عنه. في سياق قريب من هذا الشعور، نجد في سورة طه، الآية 46، قول الله لموسى: "فَلا تَخْشَ إنَّنِي مَعَكُمْ أَسْمَعُ وَأَرَى". هنا نرى أن الله ليس فقط قريبًا منا، بل هو أيضًا مستمع لكل ما يتصاعد من قلوبنا وأرواحنا. إنه يعرف كل ما نشعر به حتى قبل أن نتفوه بكلمة. ولذلك، فإن الشعور بالقرب من الله يمكن أن يغمر قلوبنا بالطمأنينة والسلام الداخلي. تظهر أهمية تعزيز العلاقة مع الله من خلال الصلاة والدعاء والعمل الصالح. فبالممارسة المنتظمة للصلاة، نحن لا نقوم فقط بأداء واجب ديني، بل نرسخ علاقاتنا مع خالقنا. فالصلاة هي الطريق الذي يؤدي إلى قرب الله، حيث يشعر المؤمن بأنه في رحلة دائمة نحو الله، يتناقش معه ويتفاعل مع مشاعره وأشواقه. وعندما ندعو الله ونسأله، نجد أن أنفسنا تنفتح على فهم أعظم لقدره ورحمته. علاوة على ذلك، يجب أن نذكر أن قرب الله أيضًا يتطلب وعيًا وإحسانًا تجاه الآخرين. إن الإحسان إلى المجتمع والاعتناء بحاجاته يساعد على تعزيز الروابط الروحية ويزيد من قرابتنا لله، حيث يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه". فالحب الذي نبديه للآخرين هو بمثابة جسر آخر يقربنا من حب الله. فهذا القرب والحب الذي يعبّر عنه الله تجاه عباده لا يقتصر على بعد عاطفي أو روحي فقط، بل يتجلى في كيفية توجيهنا في كل لحظة من حياتنا. إنه إحساس دائم بأن الله هو السمو الذي نتعرف من خلاله على معنى الحياة، ويجب علينا السعي الدائم لتحقيق الذكاء النفسي والعاطفي عبر الطاعات والأفعال الحميدة. كما أن طريق القرب من الله يمتد أيضًا إلى سعي الفرد للتحصيل العلمي والديني. فكلما زادت معرفتنا بالله وبعظمته، زادت درجة قربنا منه. إن القرآن الكريم والحياة النبوية كلاهما مصادر غنية للتعلم الذي يقربنا من الله. كلما تعمقنا في فهم نصوصه ومعانيها، زاد فهمنا لما يريده الله منا، مما يقودنا إلى الالتزام بالأخلاق والصفات الحميدة التي جاء بها الإسلام. في النهاية، إن قرب الله هو مصدر القوة والتوجيه لكل إنسان يسعى إلى حياة مليئة بالسلام والسكينة. فتقوية علاقتنا بالله، من خلال الدعاء والإحسان إلى الآخرين وتحسين سلوكياتنا، تفتح لنا آفاقًا جديدة نحو النور والهدى. لننظر إلى كل لحظة من حياتنا كفرصة لنقترب من الله، ونشكر الله على قربه، ونسأله الدوام في الحسنى ورحمته. كما ينبغي علينا أن نسعى جاهدين لأن نكون سببًا في قرب الآخرين من الله، لنعم جميعًا برحمته وكرمه. فلنبدأ كل يوم بدعاء قربنا من الله ولنحيا حياتنا بقلب ملؤه حب الله وعباده.
في يوم من الأيام ، كان شاب اسمه أمير يتأمل في حياته. أراد أن يعرف ما إذا كان الله قريبًا منه حقًا. بعد فترة ، قرر زيادة صلواته ودعواته. ومنذ ذلك اليوم فصاعدًا ، كلما صلّى ، شعر بوجود الله واستجابته. أعطاه هذا الشعور بقرب الله وحبه سلامًا عظيمًا ، وأدرك كم أصبح أكثر سعادة في حياته.