جدارة الهداية تعتمد على إرادة الإنسان ، ويمكن لكل إنسان أن يكون جديرًا بها من خلال البحث عن الحقيقة.
في القرآن الكريم، يعتبر موضوع الهداية من المواضيع الجوهرية التي تناقش جوانب الإيمان والروحانيات والمصير البشري. إن الهداية تُعتبر نعمة من الله، وهي متاحة لكل من يسعى وراءها بصدق وإخلاص. في هذا المقال، سنقوم بتناول مفهوم الهداية من خلال الآيات القرآنية، وكيف تُظهر صفات الناس تجاهها، وما يتعلق بعدها من حرية الاختيار. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الشعراء، الآية 56: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ". من خلال هذه الآية، يتضح لنا أن الله قد أرسل النبي محمد صلى الله عليه وسلم كدليل وهداية لكافة البشر. مما يُبرز لنا أن الهداية ليست محصورة على فئة معينة من الناس، بل هي للجميع. فقد آمَنَ النبي، ومن ضمن رسالته كان يتوجب عليه تحذير الناس وبشارتهم. غير أن الواقع يظهر أن الكثير من الناس لا يأخذون بهذا التوجيه، وبالتالي يبقون مغفلين عن الحقائق الإلهية. وفي سياق حرية الاختيار، نجد في سورة الإسراء، الآية 15: "وَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ، إِنَّا أَعَدَّنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَتْ بِهِمْ سُرَادِقُهَا". تؤكد هذه الآية على حق الأفراد في اختيار ما يؤمنون به، سواءً من خلال إيمانهم بالهداية أو من خلال كفرهم. إن هذا يمثل أحد أركان الإيمان الإسلامي، حيث أن الإنسان مُخَيَّرٌ في سلوكه، ولا يُجبر على الإيمان. وهذا يعكس رؤية الإسلام للأخلاق والاختيار، حيث يُسمح لكل فرد أن يحاسب نفسه على خياراته. أما في سورة البقرة، الآية 213، يقول الله: "كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ". في هذه الآية، نجد إشارة إلى وحدة البشر، إذ كان الناس في البداية أمة واحدة ولديهم إمكانية تقبل الهداية. ولكن مع مرور الزمن واختلاف الأجيال، ظهر الاختلاف بين الأفراد في استقبالهم للدعوات الإلهية. وهذا يدل على أن الهداية ليست شيئاً يُحتكر على فئة معينة، بل هي إمكانية عامة تتعلق بإرادة الأفراد ورغبتهم في السير على طريق الحق. من خلال هذه الآيات، يتبين لنا أن الدين الإسلامي يتيح للناس الفرصة للبحث عن الحقيقة واستكشافها. ولكن في ذات الوقت، يحذرهم من تداعيات الكفر ورفض الهداية. فالحياة قصيرة جداً ولا يملك الإنسان سوى فترة زمنية محدودة ليختار فيها طريقه. لذلك، فإن السعي وراء الهداية يجب أن يكون هدفاً أساسياً لكل إنسان يسعى للنجاح في الحياة الدنيا والآخرة. خلاصة القول، إن الهداية في القرآن الكريم هي حق مكتسب لكل إنسان، وهي متاحة لمن يسعى بجد وإرادة. وبالتالي، ينبغي على كل فرد أن يشعر بالمسؤولية تجاه خياراته، وأن يختار طريق الإيمان بصدر مفتوح، وأن يبحث عن الهداية في كل خطوة يخطوها. فالإنسان ليس بمفرده في هذا العالم، بل هو جزء من جماعة كبيرة، ولهذا فإنه من واجبه أيضاً تقديم العون للآخرين في مسعاهم نحو الحق والهداية. إن الإسلام يدعو إلى الرحمة، والتفاهم، والمساعدة المتبادلة، مما يجعل من الهداية مشواراً جماعياً نحتاج فيه إلى دعم بعضنا البعض في مساعي البحث عن الحق والنجاة. في النهاية، يجب أن نتذكر أن الهداية ليست كسباً مادياً أو شيئاً يُشترى، بل هي نعمة من الله. لذا، ينبغي لنا أن نعمل على تزويد أنفسنا بالمعرفة والإيمان، وأن نبذل كل جهد لنسير في الطريق الصحيح الذي يرضي الله، مستعينين بتعاليم القرآن الكريم التي تعكس رحمة الله ورعايته للناس. وبذلك، ستكون الهداية حظًا يستحقه كل فرد سعى إليه بجد واجتهاد، صادقًا في نيته وإيمانه.
كان هناك رجل يُدعى علي يبحث عن إجابات لأسئلته الروحية. كان دائمًا يفكر في آيات القرآن وكان يشعر بشدة بالحاجة إلى الهداية. قرر أن يهتم بروحه وأن يسعى وراء الحقيقة. مرت الأيام، وانخرط في التعلم والبحث. أسفرت جهوده عن وصوله إلى الهداية الإلهية ووجد السلام الداخلي. أدرك أنه يمكن لأي إنسان، من خلال السعي وراء الحقيقة، أن يصبح إنسانًا مهديًا.