الإيمان التقليدي لا يُعتبر إيمانًا كاملاً، ومن المهم أن يكون لكل فرد معرفة شخصية بالله.
يعتبر القرآن الكريم من أعظم الكتب السماوية التي تحمل بين طياتها مواضيع دينية وعبر أخلاقية وتوجيهات روحية تلامس مشاعر وأفكار البشرية. إن القرآن الكريم لم ينزل فقط ككتاب هداية، بل يحمل في جوهره فلسفة عميقة حول الحياة، الإيمان، والمعتقدات. ومن بين المواضيع المهمة التي تناولها القرآن الكريم هي موضوع الإيمان وأهميته في حياة المسلم. حيث يضع القرآن الكريم أهمية كبيرة على المعرفة وفهم الإيمان، ويشدد على ضرورة أن يكون الإيمان قائمًا على أساس من المعرفة والوعي. إن الإيمان التقليدي، الذي يعتمد على ما يقوله الآخرون أو يفعله الآخرون فقط، بدون أن يكون لدى الفرد فهم عميق لهذه التعاليم، هو إيمان غير مكتمل وغير قابل للقبول في أعين الله. فالأمر يتطلب رؤية واضحة حول المعتقدات، وتفهم أعمق لجوهر الرسالة الدينية. وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة في سورة آل عمران، الآية 83، حيث يقول الله: "هل يسعون إلى دين غير دين الله؟" إن هذه العبارة تدعو المؤمنين إلى ضرورة الالتزام بالدين بناءً على فهم عميق ومعرفة حقيقية لمعانيه، وليس فقط تقليدًا أعمى لكلمات أو أفعال الآخرين. فالتقليد بدون وعي يعود بالفرد إلى دائرة الإيمان السطحي، الذي لا يعبر عن ارتباط حقيقي مع الله. فالإيمان يتطلب قربًا من الله، وفهمًا لما يريده من عباده. أيضًا، نجد تحذيراً واضحاً في سورة البقرة، الآية 165، حيث يتحدث الله عن بعض المؤمنين الذين يختارون أصدقاء غيره ويتجهون نحو ما لا ينفعهم. إذ يقول: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ". هذا يعني أن الإيمان ينبغي أن يأتي من الحب والعلاقة الروحية العميقة التي تجمع بين المؤمن وربه، وليس فقط من التقليد أو الضغط الاجتماعي. إن الإيمان الحقيقي يتطلب أن يصبح الفرد قريبًا من الله، ويدرك عظمته وجلاله، ولذلِكَ يجب أن يسعى كل فرد إلى بناء معرفة حقيقية ومنتجة مع الله. إن إيمان المحب الذي يتكل على المعرفة والعلاقة القلبية مع الله يمنح الفرد القوة والثبات في مواجهات الحياة. إن المؤمن الذي يدرك أهمية المعرفة في إيمانه، يعرف كيف يتعامل مع التحديات والمشكلات التي تواجهه في حياته. يتجلى الإيمان في عالمنا اليوم في أشكال وطرق متعددة، ولكن يبقى الأساس نفسه؛ المعرفة تلعب دورًا محوريًا في تشكيل فهمنا للعقيدة. فالذين يملكون العلم والمعرفة هم الذين يستطيعون تقدير وتعزيز إيمانهم والإيمان بمعانيه الحقيقية. ويذكرنا القرآن بمكانة العلم والمعرفة في تطور المجتمع واستمرارية الإيمان. إن الثقافة والمعرفة ليستا مجرد أدوات لفهم النصوص الدينية، بل هي آليات تعين النفس على التعامل مع مشكلة الهوية، الأزمات الاقتصادية، والأخلاقية. فقد أمنت المعرفة الحقائق الكونية وعززت الإيمان بمواعيد الله. بجانب ذلك، فإن الإيمان المعتمد على المعرفة يُعزز العلاقة بين العبد وربه. معرفة العبد لربه تفتح له آفاق واسعة لفهم أسرار الكون وإلى أين يتجه. لا شك أن المؤمنين الذين يذهبون في طريق البحث عن المعرفة، هم الذين يستطيعون حقًا أن يعبروا عن إيمانهم بصدق ووضوح. في هذا السياق، نجد أن العبادة الحقيقية ليست فقط أداءً طقوسياً، بل هي تجسيدٌ لحب المؤمن لله. عندما تكون الصلاة والصوم والزكاة مرتبطين بفهم عميق لمعانيها، فإنها تتحول إلى وسائل لتعزيز العلاقة الروحية وتوطيد الصلة مع الخالق. لذلك، نجد أن العبادة تتطلب مستوى أعمق من الوعي والإدراك. وأخيراً، يمكن القول أن الإيمان التقليدي، الذي يعتمد فقط على ما يقوله الآخرون، لا يمكن اعتباره إيمانًا كاملاً وقابلًا للقبول. بل يجب على كل فرد أن يسعى لتحقيق تفرده واكتساب المعرفة الحقيقية عن الله وإيمانه، من خلال دراسة الكتاب والسنة وفهم معانيها بعمق. لذا، يمكن القول أن الاكتفاء بالتقليد هو طريق يوصل إلى انقطاع الصلة مع الله، بينما الفهم والمعرفة هو ما يقود إلى علاقة وروحانيتنا مع خالقنا. في هذا السياق، ندعو الجميع إلى الاهتمام بتعميق إيمانهم عبر التعلم والتفكر، مما يجعلهم قريبين من الله، ويمنحهم القوة والثبات في الحياة. إن هذا الفهم العميق يؤدي إلى إدراك معنى العبادة الحقيقية، حيث تصبح الصلاة والصوم والزكاة وغيرهم من العبادات مرآة تعكس التوجه القلبي لله، وليس مجرد واجبات تُؤدى. لذا فإن السعي إلى معرفة الله وفهم معاني الإيمان هو السلاح الحقيقي للمؤمن في رحلة حياته الروحية، فهو السبيل إلى بركة الدار الآخرة وعمارة الدنيا.
كان هناك شاب يدعى علي الذي كان دائمًا يفكر في إيمانه ومعتقداته. كان يسمع الآخرين يتحدثون عن الله ويتساءل عما إذا كان يجب عليه الإيمان مثلهم. ذات يوم، تذكر آيات القرآن وقرر أن يسعى لمعرفته بنفسه. من خلال الدراسة والتفكير في الآيات، أدرك أن الإيمان الحقيقي يحتاج إلى عمق ووعي. كان علي يشعر أنه يقترب من الله يومًا بعد يوم، وكان يحس أن حياته تتغير.