نعم ، فإن ندم يوم القيامة حقيقي كما ورد في القرآن ويجب على الأفراد الانتباه إلى أفعالهم.
إن الندم يوم القيامة هو حقيقة جلية يمكن استخلاصها من النصوص القرآنية، وهو عنصر مهم في العقيدة الإسلامية. يتأمل المسلمون في هذا الموضوع بشكل عميق لأنه يشتمل على معاني إنسانية وروحية تلامس القلب والعقل. فكما هو مشاهد، فإن الندم لا يعتبر مجرد شعور من مشاعر الإنسان، بل هو حالة وجودية ناتجة عن ممارسات الإنسان وأفعاله التي أداها في حياته الدنيا. في سورة المؤمنون، الآيات 99 و100، يتحدث الله تعالى عن تلك اللحظة عندما تأتي الساعة، حيث يحس العبد بالندم بسبب ما فعل. فقد وصف الله تعالى حالة الإنسان في هذا اليوم، حيث يعبر عن أسفه على ما فاته وعما ارتكبه من آثام وخطايا. يقول الله تعالى: "حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِي مَا تَرَكْتُ". هنا، نحن نرى التوق الصادق للعودة إلى الحياة مرة أخرى، لكن الجواب يكون غير ممكن، حيث إن الأمور قد حُسمت. وفي سورة الزمر، الآية 56، نرى التأكيد على نفس الفكرة، حيث يشير الله تعالى إلى خداع النفس والتأجيل، إذ يقول: "لِكَأْلاَّ يَقُولَ أَحَدٌ إِنِّي كَانَتْ لِي أُولَـٰئِكَ أَصْحَابٌ". هذه الآية تعكس كيف أن اليأس والتقاعس عن العمل الصالح يمكن أن يؤديان إلى الشعور بالندم في آخرتنا. إن الندم في يوم القيامة يظهر كمظهر من مظاهر الفهم الحقيقي لعواقب أفعالنا. ولا يقتصر الأمر على الندم عن الأخطاء فحسب، بل يتعدى ذلك إلى الشعور بالفقد والندم عن الوقت الضائع الذي كان يمكن استثماره في فعل الخير والعبادات. فالإنسان الذي يضيّع حياته في اللهو واللعب، وغفلة عن ذكر الله، سوف يجد نفسه يوم القيامة في حال لا يُحسد عليها. عندما نتحدث عن الندم في الآخرة، نعرف أنه يوضح لنا ضرورة التوبة والعمل الصالح في حياتنا الدنيا. إن الندم الذي يتأتى من عدم الاهتمام والولع بالمصالح الدنيوية سيقود الإنسان إلى الهلاك. ورغم أن كل نفس ستمرّ بتجربتها الخاصة يوم القيامة، إلا أن هذه الحقيقة تتكرر في القرآن كمثل تحذير للناس لتفادي حالة الندم. التفكر في مصيرنا يوم القيامة قد يحث الفرد على العمل من أجل الأعمال الصالحة. كل مسلم مأمور بأن يكون واعيًا لأفعاله وسلوكه، وأن يصبح لنفسه حارسًا وعونًا. وعندما نتذكر أن عواقب أفعالنا ستظهر في الآخرة، يصبح التغيير الإيجابي أسهل ويصبح العمل الصالح دافعًا إلى الرضا والقبول من الله. كما يعتبر الندم يوم القيامة دعوة للتفكر في القيم الفطرية التي تحملها العقيدة الإسلامية. فالعبادات والطاعات ليست مجرد فرائض، بل تمثل أسلوب حياة يجعل الإنسان أقرب إلى الله ويجنب نفسه شعور الندم. النقطة المهمة هنا هي أن الإنسان لن يشعر بالندم على المواقف السلبية فقط، وإنما أيضًا على الفرص التي لم يُغتنمها للخدمة ونشر الخير. إن التثبت من الندم يوم القيامة ينقلنا إلى مصير البشر في الآخرة، فهو مصير يحتاج إلى تأمل عميق. يعيش الإنسان دورًا مهمًا في ضمن فطرة الله السليمة. على الإنسان أن يتذكر أن الحياة فرصة واحدة فقط، وأن الله قد أعطى لكل شخص وقتًا محددًا بالأداء الصالح ومراجعة النفس. في الختام، نستطيع أن نستنتج أن الندم يوم القيامة ليس مجرد حديث ديني، بل واقع يجسد أهمية التقوى والعطاء في الأعمال. إن العمل على تجنب الندم يتطلب نية صادقة وعزيمة لا تتزعزع على تغيير السلوك. الندم في يوم القيامة هو حافز لكل واحد منا ليعود إلى الله، وليراجع نفسه، وليرتقى في مراتب الصلاح والفلاح. يجب أن تكون حياتنا مرتبطة بأفعالنا، ولنتذكر دائمًا أن كل عمل نقوم به في هذه الدنيا سيسجل وسيحاسب عليه الإنسان يوم القيامة. لذا، ينبغي أن يكون شعور الندم دافعًا قويًا للإصلاح والتغيير، ووسيلة لتحقيق الرضا الإلهي.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل يجلس بين مجموعة من الناس ويتأمل في الآخرة ويوم القيامة. تذكر آيات القرآن واهتز خوفًا من ذلك اليوم. قرر أن يولي المزيد من الاهتمام لأعماله الآن وألا يدع أي فرصة لفعل الخير تفوته. قادته هذه الرؤية لتغيير حياته ، وفهم جيدًا أن الندم يوم القيامة هو واقع يجب أخذه على محمل الجد.