إن القيام بالأعمال بنية رضا الله يجلب بركات عديدة ويعزز النمو الروحي.
إن القيام بأعمالنا بنية رضا الله هو أحد المبادئ الأساسية في الإسلام، وهذا ما يُعدّ نقطة المحور في حياة المسلم. إن النية من الأعمال تعتبر الأساس الذي يُبنى عليه قبول العمل، وقد أكد الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز على أهمية النية في جميع أعمالنا. في سورة البقرة، الآية 264، يقول الله تعالى: 'يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَىٰ'، وهذا يعني أنه عندما نقوم بأعمال الخير، يجب علينا أن نبتعد عن الأنانية أو إحراج الآخرين. وبالتالي، ينبغي أن تكون نية الإنسان موجهة نحو رضا الله وابتغاء وجهه الكريم. إن أهمية النية في العمل لا تقتصر على الفرد فحسب، بل تؤثر أيضًا على المجتمع بأسره. فالأعمال الصالحة التي تُؤدى بنية خالصة تكون مصدر خير وبركة للمجتمع، حيث إن انتشار الخير والثقة بين أفراد المجتمع يزداد عندما تكون النية كلها موجهة نحو إعانة الآخرين وإدخال السرور على قلوبهم. يصرح الله في سورة آل عمران، الآية 29: 'قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ'، وهذا يؤكد على أن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في قلوب العباد، وأن النيات تتراوح بين الخير والشر، وأن العمل الذي يُؤتى بنية سليمة هو الذي يُقبل عند الله. عندما نعمل من أجل مرضاة الله، يصبح الجهد الذي نبذله ذو قيمة عالية. إن العمل بنية رضا الله يمكننا من السير نحو الكمال ومراعاة الأخلاق الإسلامية. فكما ورد في سورة السجدة، الآية 16: 'إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذُكِّروا بها خرّوا سجداً وسبّحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون'، فهذا يدل على أهمية الخشوع والتواضع في قلوب المؤمنين، وهذه الصفات تنبثق من نية صادقة ومخلصة. إن النية السليمة لها تأثير جلي في حياتنا اليومية. فالذين يجعلون نيتهم رضا الله يسعون دائماً إلى تحسين أنفسهم وأعمالهم، سواء كانت تلك الأعمال عبادات أو معاملات اجتماعية. فعلى سبيل المثال، عندما نتبرع بالصدقات أو نقدم المساعدة للآخرين، فإن ذلك يصبح عبادة ووسيلة لتقربنا إلى الله، شرط أن تكون النية خالصة له وحده. وإذا نظرنا إلى الوقت الحاضر، نجد أن العالم اليوم مليء بالتحديات والأزمات، مما يتطلب منا جميعًا أن نقوم بأعمال الخير بنية صادقة. إن الفقر والحرمان والمعاناة البشرية تتطلب من كل واحد منا أن يشعر بمسؤولية تجاه مجتمعه. وبالتالي يجب أن تكون نيتنا هي تعزيز المحبة والتعاون والإخاء بين الناس. إن مجتمعاتنا بحاجة إلى المزيد من التلاحم والتكافل الاجتماعي، وهذا لن يتحقق إلا إذا كانت النيات طاهرة ومخلصة. فتوجيه النية نحو الخير، ورغبة العطاء للآخرين، سيحول الحياة إلى بيئة صحية ومشجعة، حيث يمكن للجميع أن يحقق ذاته ويساهم في بناء مجتمع أفضل. بالإضافة إلى ذلك، يتحقق النماء الروحي عندما تكون نيتنا خالصة لوجه الله. فعباداتنا وأعمالنا تتماشى مع المبدأ الإسلامي "إنما الأعمال بالنيات"، مما يعني أن مقياس القيمة الحقيقية لأي عمل هو النية التي تكون خلفه. علينا أن نتحلى بالنية الطيبة في جميع معاملاتنا الشخصية والاجتماعية. من خلال هذا النهج، نستطيع أن نحقق التوازن بين حياتنا وأعمالنا اليومية. إن القيم الأخلاقية والمعاني السامية ستحفزنا على أن نكون أفضل مما نكون عليه الآن. فبدلاً من الانغماس في الأنانية وفكر "أنا"، يجب أن نسعى معاً لتحقيق "نحن". فكل هذه الخطوات والتوجهات يجب أن تكون قائمة على النية الصادقة في جميع ما نفعله ونقدمه. إن الله يرسل لنا بركة وأجر كبيرين عندما نقصد بعملنا وجهه الكريم. في خاتمة المطاف، إن الرغبة في رضا الله تعزز من شغف الشخص في تحسين نفسه والمجتمع. فالأعمال التي تؤدى بنية صادقة ستترك آثاراً إيجابية ليست فقط في هذا العالم، بل في الآخرة أيضا. علينا أن نتذكر أن كل مجهود يُبذل من أجل الآخرين ومن أجل إرضاء الله هو مجهود له قيمته وأهميته. فلنستمر في العمل بنية صادقة، ولنحرص على أن تكون أعمالنا خالصة لله وحده، ولنحاول أن نجعل كل ما نقوم به وسيلة لنيل رضا الله والفوز في الدارين.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يُدعى حسن مشغولاً بعمله في أحد الأحياء. كان يعمل بجد، لكنه دائماً ما كان يشعر بأن جهوده لا جدوى منها. ذات يوم، قال له صديق: "حسن، إذا قمت بأعمالك بقصد رضا الله، ستشعر بشعور أفضل." تأمل حسن في هذا القرار وأراد أن يبدأ من الآن فصاعداً في القيام بكل أعماله فقط لرضا الله. بعد فترة، بدأ يشعر برضا أكبر وسلام في حياته. كان يساعد الآخرين بنوايا خالصة ولاحظ أن البركات بدأت تتدفق إلى حياته.