هل توجد علامات ليوم القيامة في القرآن؟

يتحدث القرآن الكريم صراحة عن قيام الساعة وعلاماتها الكبرى، بما في ذلك التحولات الكونية الهائلة وظهور يأجوج ومأجوج، لكن توقيتها الدقيق يعلمه الله وحده.

إجابة القرآن

هل توجد علامات ليوم القيامة في القرآن؟

السؤال عما إذا كانت هناك علامات ليوم القيامة في القرآن يمكن الإجابة عليه بـ "نعم" مدوية. يتحدث القرآن الكريم بوضوح وتفصيل عن وقوع يوم القيامة أو "الساعة"، ويشير إلى جوانب مختلفة منها، بما في ذلك العلامات التي تسبق حدوثها، والتحولات الكونية الهائلة وقتها، وعواقبها على البشرية. هذه العلامات ليست فقط لتحذير الناس من قرب هذا الحدث العظيم، بل هي أيضًا لتذكيرهم بقوة الله المطلقة وحقيقة البعث والحساب. من أبرز الحقائق التي يذكرها القرآن عن يوم القيامة هو حتمية وقوعها. يؤكد القرآن مرارًا أن هذه "الساعة" ستأتي بلا شك، ولا أحد يعلم وقتها المحدد إلا الله وحده. وقد تم التعبير عن هذه النقطة بوضوح في عدة آيات، مثل سورة الأعراف، الآية ١٨٧، التي تقول: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً..." وكذلك في سورة لقمان، الآية ٣٤، التي تقول: "...وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ..." وهذا الجهل بالوقت الدقيق يحمل حكمة عظيمة؛ فهو يبقي الناس في حالة دائمة من الاستعداد والوعي بأعمالهم، بدلاً من البحث عن تاريخ ووقت محدد قد يؤدي إلى الغفلة. الهدف الأساسي هو تشجيع البشرية على التقوى والتوبة وإصلاح الذات، وليس مجرد الفضول حول توقيت الحدث. ويشير القرآن أيضًا إلى "علامات كبرى" وتحولات كونية وطبيعية هائلة ستحدث قبل أو على عتبة يوم القيامة. هذه العلامات ذات طبيعة درامية وصادمة للغاية، وتدل على انهيار النظام العالمي الحالي وبداية نظام جديد. على سبيل المثال، تصف سورة التكوير بشكل جميل ومفصل بعض هذه التغييرات: "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ" (الآيات ١ إلى ٦). هذه الأوصاف المذهلة تصور مشهدًا من الرهبة والعظمة التي ستعم العالم، وتشير إلى أن لا شيء في هذا الكون دائم إلا الذات الإلهية. وبالمثل، تشير سورة الانفطار إلى هذه التغييرات الكونية: "إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ" (الآيات ١ إلى ٤). تؤكد هذه الآيات على عظمة ونزول نهاية العالم الحالي بشكل مفاجئ، وتهدف إلى إيقاظ البشرية من الغفلة ولفت انتباههم إلى مصيرهم المحتوم. ومن بين العلامات الكبرى الأخرى المذكورة في القرآن هو خروج "يأجوج ومأجوج". في سورة الأنبياء، الآيتين ٩٦ و ٩٧، يقول تعالى: "حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ". هاتان المجموعتان من المخلوقات، اللتان بني لهما سد من قبل ذي القرنين لمنع فسادهما وشرورهما، سيتم إطلاقهما في آخر الزمان وستسببان فوضى عارمة على الأرض. يعد هذا الحدث أيضًا من العلامات القطعية لاقتراب الساعة الكبرى، مما يشير إلى الفوضى الواسعة والتغيرات غير المتوقعة في المستقبل. ويشير القرآن أيضًا إلى النفخ في الصور بواسطة ملك، والذي سيكون على مرحلتين: إحداهما للفناء والأخرى للبعث. في سورة الزمر، الآية ٦٨، نقرأ: "وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ". تشير هذه الآيات إلى المرحلة النهائية قبل الحساب، حيث يموت جميع الكائنات الحية ثم يجمعون للبعث. بالإضافة إلى العلامات الكبرى والكونية، يلمح القرآن أيضًا إلى علامات أكثر عمومية وأخلاقية، والتي يمكن اعتبارها "علامات صغرى"، على الرغم من أنها ليست مفصلة كما في أحاديث السنة النبوية. على سبيل المثال، يشير القرآن إلى انتشار الفساد والظلم والجور والابتعاد عن الحق بين الناس. وعلى الرغم من وجود هذه المشاكل عبر التاريخ، فإن تكثفها وانتشارها يمكن أن يكون نذيراً وعلامة على اقتراب النهاية. يؤكد القرآن أن على البشر التركيز على إصلاح أنفسهم ومجتمعاتهم بدلاً من التركيز على التوقيت المحدد للأحداث، وأن يتعلموا الدروس من علامات الطبيعة ومصير الأمم السابقة. باختصار، يتحدث القرآن الكريم، بلهجة حازمة وتحذيرية، عن حتمية يوم القيامة وعلاماتها الكبرى. تشمل هذه العلامات تحولات هائلة في البنية الكونية، وخروج يأجوج ومأجوج، ومرحلتي النفخ في الصور. الهدف الأساسي من هذه الآيات هو إيقاظ البشرية من الغفلة، ودعوتهم إلى التقوى، وإعدادهم ليوم الحساب، لأن علم الساعة لا يعلمه إلا الله وحده، والحكمة الإلهية تقتضي أن يظل هذا الوقت مخفياً عن البشر ليبقوا ثابتين على طريق الحق ويعودوا إلى ربهم. هذه التعاليم لا تهدف إلى بث الخوف أو اليأس، بل توفر دافعًا قويًا لتحسين الحياة الأخروية والدنيوية للفرد.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في يوم من الأيام، ذهب رجل فضولي إلى درويش حكيم، يسأله باستمرار عن الوقت الدقيق للساعة وعلاماتها. كان يقول: "يا سيدي، أخبرني، متى تنهار الجبال وتسقط النجوم؟" فأجاب الدرويش بابتسامة رقيقة: "يا بني، العلامات الحقيقية ليست بعيدة في الأفق، بل هي في كل نفس تتنفسه. فموتك هو قيامتك الشخصية، وأعظم علامة على اقترابها هو كل يوم تقضيه في غفلة. لا تقلق بشأن متى سينتهي العالم، بل اهتم بكيف سيكون حسابك عندما يحين أجلك. فالعاقل، كل لحظة بالنسبة له هي علامة للاستعداد."

الأسئلة ذات الصلة