يمكن للإنسان أن يتواصل مع الله مباشرة ، وهو يستجيب لدعوات عباده.
في القرآن الكريم، نجد الكثير من الآيات التي تؤكد على مفهوم أن الإنسان يمكنه التواصل مباشرة مع الله تعالى دون الحاجة إلى وسيط. هذا المفهوم يبرز جمال عبادة الله ويجعل المؤمن يشعر بالقرب منه. في سورة البقرة، تأتي الآية 186 كدليل واضح على هذا المبدأ، حيث قال الله تعالى: 'وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌۭ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعَانِ'. من خلال هذه الآية، تلقي الضوء على أن الله قريب من عباده ويستجيب لدعواتهم في أي وقت. فالمؤمن ليس بحاجة إلى وسيط ليطلب ما يحتاجه أو يُعبر عن مشاعره، بل بإمكانه دعاء الله في لحظات الشدائد والفرح، وفي كل تفاصيل حياته اليومية. علاوة على ذلك، فإن قرب الله من عباده لا يعني فقط الاستجابة للدعوات، بل يعني أيضاً أن الله يعلم ما يدور في قلوبهم ومشاعرهم. وبالتالي، فإن أهم جزء من هذه العلاقة هو الصدق والإخلاص في الدعاء. يجب على المؤمن أن يضع ثقته في الله وأن يؤمن بأنه سيسمع دعوة في الوقت المناسب. هنا تكمن قيمة الإيمان، فكلما زاد الإيمان، زادت قدرة الإنسان على التواصل مع الله. في سورة المؤمنون، نجد الآية 60 التي تقول: 'وَالَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ'. هذه الآية أيضاً تساهم في توضيح كيف أن المؤمنين يمكنهم الاقتراب إلى الله بكل إخلاص وثقة. اللفظ 'يُشْرِكُونَ' هنا يشير إلى أن المؤمنين لا يعتمدون على القوة البشرية أو الوسائط في معرض دعائهم، بل يُشركون الله سبحانه وتعالى في جميع أمورهم. ومعنى هذا هو كيف يُعبر المؤمن عن احتياجاته والأفكار التي تجول في نفسه، مما يعكس عمق إيمانه ومدى اعتماده على الله به. التواصل المباشر مع الله له أهمية كبيرة في حياة المؤمن. فهو يُساعد على تعزيز الروحانية ويزيد من الإيمان. عندما يتوجه العبد إلى ربه بالدعاء، يُعبر عن احتياجه ويطلب العون. هذا يجعل المؤمن يشعر بالراحة والسكينة حتى في أصعب الأوقات، حيث أن لديه يقين بأن الله يسمعه ويراه. أيضاً، يُعتبر الدعاء أحد أكبر العبادات في الإسلام. فقد حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على الدعاء في كل الأوقات، قائلاً: 'أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة'. هذا الحديث يُظهر لنا مدى أهمية الدعاء في حياة المسلم. إن الدعاء لا يُعتبر مجرد كلمات تُقال، بل هو انعكاس للعلاقة بين العبد وربه. فكل من يستجيب الله لدعواته يُعتبر من المحظوظين الذين يتمتعون برحمة الله وبالقرب منه. في سياق آخر، يمكننا أن نتأمل في دعوات الأنبياء والصالحين الذين ذكرت قصصهم في القرآن. مثلاً، نجد دعاء النبي يونس حينما كان في بطن الحوت، فقد قال: 'لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ' (الأنبياء: 87). هذا الدعاء جاء في وقت كان فيه النبي في أسوأ حالاته، ودعاءه يعبر عن إخلاصه ورغبته في التواصل مع الله. الله استجاب له، وأخرجه من الظلمات إلى النور. بما أن القرآن يوضح أهمية الدعاء، فإنه يشجع على التوجه لله في كل حين. فالنصوص القرآنية تُظهر لنا كيف أن المؤمنين يُدعون لله في كل شيء، سواء كان خيرا أو شرا. وبذلك، يُصبح الدعاء جزءاً لا يتجزأ من حياة المسلم. ويتوجب على المسلم أن يتذكر دائماً أن الله قريب، ويجب أن يحترم هذا القرب من خلال الإخلاص في عبادته والدعاء. لذا، يمكن أن نستنتج من خلال آيات القرآن الكريم أن التواصل مع الله هو أمر ممكن وضروري. هو ليست وسيلة للحصول على حاجة فحسب، بل هو حلقة وصل بين العبد وربه، ويُعزز من العلاقة الروحية التي يأمل المؤمن أن يحظى بها. في الختام، علينا جميعاً أن نُقدر هذه العلاقة وأن نُدرك أهمية الإخلاص في دعائنا وسعينا للتواصل مع خالقنا، لأنه هو القريب السميع الذي يُجيب دعاء الداعي إذا دعاه.
كان هناك رجل يُدعى حسن ، الذي كان يُقدّر كثيرًا اتصاله بالله. كان يصلي يوميًا ويتذكر الآيات القرآنية التي تقول ، 'أنا قريب وأسمع دعوات عبادي.' قرر حسن قضاء المزيد من الوقت في الصلاة والعبادة. قال لأصدقائه: 'لا نحتاج إلى وسيط؛ يمكننا أن نتحدث إلى الله كل يوم وفي أي لحظة!' وقد ملأت هذه العلاقة البسيطة ولكن العميقة حياته بالسلام والأمل.