يجب أن يكون الأمل في العلاقة مع الله متوازنًا مع الواقع ولا يتحول إلى توقعات غير واقعية. الأمل الحقيقي يؤدي إلى السلام بدلاً من المطالب غير المبررة.
الأمل هو شعور إنساني عميق يظهر في كثير من ميادين الحياة، وهو عنصراً أساسياً في حياة المؤمنين. يظهر بشكل واضح في القرآن الكريم، حيث يعكس الأمل التفاؤل والرجاء في رحمة الله وفضله. إن الأمل هو ما يدفع الإنسان للاستمرار في السعي رغم الصعوبات، فهو يمثل القوة الداخلية التي تساعدنا على مواجهة التحديات. إن الإنسان الذي يتمتع بالأمل، هو إنسان يستطيع أن يرى النور في أحلك اللحظات، فهو يعلم أن الله، عز وجل، رحيم وسميع للدعاء. فقد تحدث الله في كتابه العزيز عن الأمل تكراراً، حيث ذكر في سورة يوسف الآية 87: "إِنَّهُ لَا يَئَسَ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"، هذه الآية تشير إلى أهمية الأمل وإلى أنه يجب على المؤمن ألا يفقد الأمل في رحمة الله، مهما كانت الظروف صعبة. إن الأمل يضيء دروب حياتنا ويمنحنا القوة والمثابرة لمواصلة الطريق وتحقيق أحلامنا. لكن يجب أن نتحدث عن جانب آخر من الأمل، وهو الأمل المفرط أو الخيال. فمن الأمور التي قد تسبب خيبة الأمل، هو التوقعات غير الواقعية. فهناك أوقات يشعر فيها الإنسان بأن الله يجب أن يلبي جميع رغباته في الوقت الذي يتوقعه، وقد يغفل عن حقيقة أن الله سبحانه وتعالى له حكمة في كل شيء يحدث في حياتنا. فالقرآن الكريم ينبهنا دائماً إلى أن الله هو العليم، الذي يعرف ما هو الأصلح لنا وما هو الأنسب لمصلحتنا، لذلك فإنه قد يرفض بعض الدعوات التي نطلبها بشغف لأنها ليست في مصلحتنا. في سورة غافر، يقول الله تعالى: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"، وهنا نجد تأكيداً على استجابة الدعوات، ولكن ضمن المشيئة الإلهية. إن الله يستجيب للدعوات ولكنه يفعل ذلك وفقاً لما يراه مناسباً. فالتوكّل على الله والصبر يعتبران من الأسس المهمة في طريق المؤمن. إن الأمل يجمع بين الإيمان والصبر؛ فالفرد المؤمن يطلب من الله، ويؤمن بأنه ستحقق له أمنياته في الوقت المناسب، ولكنه أيضاً يتقبل ما قدره الله له. الأمثلة من حياة الأنبياء تمثل أقوى دليل على التمسك بالأمل في الظروف الصعبة. على سبيل المثال، نبي الله أيوب، الذي عانى فترة طويلة من المرض والفقد، لكنه لم يفقد الأمل بل كان يستمر في الدعاء والاستغفار، حتى منّ الله عليه بالشفاء. هذه الأمثلة توضح لنا كيف أن الأمل والقوة في الإيمان يمكن أن يجدا سبيلاً في شدائد الحياة. في عصرنا الحديث، يتعرض الكثيرون لضغوطات الحياة، سواء كانت مالية أو صحية أو اجتماعية، مما قد يؤدي إلى شعورهم بفقدان الأمل. لكن يجب علينا أن نتذكر دائماً أن الأمل هو الفرصة التي تجعلنا مستمرين في السعي نحو أهدافنا وطموحاتنا. كما أن الأمل يمدنا بالسلام الداخلي، ويشعرنا بالطمأنينة بأن الله معنا في كل خطوة نخطوها. لكن علينا أن نحذر من أن يتحول الأمل إلى خيال ووهْم. يجب أن يبقى الأمل واقعياً، أي أن نبقى واقعيين ومنفتحين على ما قد تجلبه لنا الحياة. إن الأمل يجب أن يُقابل بالإرادة والاجتهاد، فلا يكفي أن نأمل دون أن نبذل الجهد لتحقيق الآمال. وبالتالي، يتحقق التوازن بين الأمل والتوقعات في حياتنا، ونسعى نحو مستقبل أفضل بإذن الله. في ختام حديثنا، يمكننا أن نقول إن الأمل هو شعور نبيل وضروري لكل إنسان، ولكنه يجب أن يكون متوازناً وفي إطار الواقع. نحن بحاجة إلى الأمل في جميع جوانب حياتنا، لكن يجب أن يكون هذا الأمل مصحوباً بالإخلاص والاجتهاد. فلنظل في حالة من الأمل والتفاؤل مع وجود القبول لما قدره الله لنا، لنحقق التوازن المطلوب ونمضي نحو مستقبل أفضل بإذن الله.
كان هناك رجل يدعى سجاد يبحث عن الأمل والسلام في حياته. كان يصلي دائمًا ويطلب الكثير من الله. لكن مع مرور الوقت، أدرك أن أمله المفرط أدى إلى توقعات غير واقعية. ثم قرر أن يركز بدلاً من ذلك على الشكر والصبر بدلاً من المطالب التي لا تنتهي. فهم سجاد أن العيش بالأمل الصحيح وقبول إرادة الله يؤدي إلى مزيد من السلام. أخبر أصدقائه بحماسة: "الله يعرف كيف يلبي الدعوات؛ ما يهم هو أن ندعو بإيمان كامل ونكون صبورين في مواجهة تقديره."