الإيمان الحقيقي قائم على التفكير والاستفسار ولا ينبغي قبوله دون سؤال.
الإيمان هو أحد أهم المفاهيم في حياة الإنسان، حيث يمثل الرابط الروحي الذي يجمع الفرد بخالقه سبحانه وتعالى. فكما هو موصوف في القرآن الكريم، يُعتبر الإيمان القبول القلبي بوجود الله ورسله وما جاء به من تعاليم وأحكام تهدف إلى توجيه الإنسان نحو الخير والصواب. غير أن الإيمان ليس مجرد قبول أعمى أو استسلام دون تفكير، بل هو دعوة للتفكير والتأمل والتساؤل. على مر العصور، دعا الأنبياء العظام البشر إلى التأمل والتفكير في قضايا إيمانهم، مؤكّدين على أهمية العلم والمعرفة. هذا الفهم الدقيق للإيمان يتضح بجلاء في الآيات القرآنية التي تحث على التفكير والتأمل، مثل قوله تعالى في سورة آل عمران، الآية 191: "إن في خلق السماوات والأرض... لآيات لقوم يتفكرون". تتحدث هذه الآية عن أهمية استكشاف عظمة الخلق والتفكر في الكون من حولنا، وتحثنا على ان نكون قادرين على تأمل ما يحاوطنا في حياتنا اليومية. يظهر لنا القرآن أن الإيمان الحقيقي يتم بنيانه على المعرفة العميقة والسؤال المستمر، حيث يُعَد التساؤل والاستفسار من أدوات البحث عن الحقائق. نحن كبشر قد نواجه تحديات في الإيمان بالله ومبادئ الدين، إلا أن الأسئلة والشكوك في بعض الأحيان تقودنا إلى فهم أعمق للمسائل، خصوصًا عندما نواجه شتى أنواع المشاكل والاختبارات في حياتنا. فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يؤكد في كثير من أحاديثه على أهمية التفكير والتأمل في مسائل تتعلق بمعرفة الله وتفاصيل الدين. وقد اعتبر العقل والتفكير أدوات رئيسية لفهم الدين، حيث قال: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم". هذه الدعوة للتفكير العميق تعكس أهمية الفهم الذاتي لإيماننا وكيفية العمل به في حياتنا. في سورة النحل، الآية 125، يُذكرنا الله تعالى بقوله: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة...". هذه الآية توضح أهمية استخدام العقل والتفكير العقلاني في نشر دعوة الله، وهذا ما يعكس أهمية الفهم في الإيمان. لا يكفي مجرد قبول الدين بل يجب أن يكون مدعومًا بفهم عميق مبني على أساس قوي. إن الإيمان العلمي لا يتناقض مع الاعتقاد الديني، بل يتكامل معه، حيث يُشجعنا على استخدام المعرفة والمعطيات العلمية لفهم عوالم أخرى من الخلق. فعندما ننظر إلى الظواهر الطبيعية والعلمية من منظور ديني، نستطيع أن نرى كيف تتطور العلاقة بين الإيمان والعلم، وكيف يمكن أن يُعزز كل منهما الآخر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإيمان بحاجة إلى الدعم بالأدلة القوية التي تعزز من موقف المؤمن وتمنحه اليقين. هذا الدور الهام يُظهر كيف أن الأسئلة التي نطرحها سواء كانت عن وجود الله، أو عن ما ورد في كتب الأنبياء، يمكن أن تؤدي بالحوزين إلى فهم أعمق وإيمان أقوى. لذلك، ليس غريبًا أن نرى أن كثير من العلماء ورجال الدين عبر التاريخ قد شجعوا البحث واستكشاف الأمور التي قد تجول في أذهاننا. علاوة على ذلك، تعتبر الشكوك التي قد تطرأ على الإنسان جزءًا من الرحلة الإيمانية. قد تأتي هذه الشكوك في أوقات معينة كاختبار لقوة إيمان الفرد، وهذا يتطلب منه البحث عن الأجوبة والتفسيرات التي تعزز إيمانه وتقوي فهمه. يعتبر هذا البحث الدائم عن الحقائق مرادفًا لحب الاستطلاع والرغبة في المعرفة، مما يُعزز من يقين الفرد وإيمانه. في النهاية، يمكننا القول إن الإيمان ليس مجرد تصديق لقضية أو فكرة، بل هو مفهوم عميق يتطلب منا التحليل والتفكير والمراجعة. وبالتالي، فإنه يجب على كل مؤمن أن يسعى للحصول على المعرفة والحقائق التي تدعمه في مسيرته الإيمانية. في كل خطوة نخطوها نحو فهم أعمق للمسائل الدينية وأنفسنا، نجد أننا نستطيع الوصول إلى إيمان نابع من معرفة ووعى، وليس مجرد تقليد أو قبول أعمى. كما أن هذا المفهوم يعكس صورة حقيقية عن طبيعة الإيمان في الإسلام، والذي يشجع على التفكير والعقلانية في الدين، ويُرسخ أهمية السعي نحو العلم والفهم.
في يوم من الأيام ، كان طالب يُدعى علي في الجامعة ، يقرأ القرآن ويفكر في آياته. أدرك أن القرآن يدعوه للتأمل والتفكير في إيمانه. فكر في نفسه: "لماذا يجب أن أقبل ذلك دون سؤال؟ يجب أن أعرف ما أؤمن به ولماذا!" من ذلك اليوم ، قرر علي أن يستكشف أكثر ويتعلم عن إيمانه ومعتقداته. ذهب إلى أساتذته بأسئلته وفي النهاية ، عزز إيمانه وأصبح أعمق.