يغفر الله للقلوب المنكسرة ويظهر لهم رحمته ، ويستجيب لندمهم بسرعة.
يتحدث القرآن الكريم بشكل صريح عن رحمة الله ومغفرته لعباده، وهو أحد أبرز المفاهيم التي تميز الرسالة الإسلامية. العلامات الإلهية على الرحمة والمغفرة واضحة في الكثير من الآيات القرآنية، حيث يأتي النداء الإلهي لعباده تحفيزاً للرجوع إليه، معبراً عن ترحيب الله ورحة التي لا تنضب. في سورة الزمر، الآية 53، يقول الله تعالى: "يا عبادي الذين آمنوا! اتقوا ربكم. إن الذين أحسنوا في هذه الدنيا لهم حسن. وإن أرض الله واسعة. إنما يُجازى الصابرون أجرهم بغير حساب." هذه الآية تعكس عمق الرحمة الإلهية، حيث أن الله يُظهر رحمته حتى للمذنبين، وخاصة في أوقات الانكسار والندم. كما أن الآيات القرآنية تدعونا دائمًا إلى الصبر والإحسان، مؤكدةً أن جزاء الطائعين والمستقيمين سيكون عظيمًا في الآخرة. الحمل على أكتاف الله وحده، يشعر الإنسان بالسكينة عندما يتذكر أن الله رحيم، فيفرغ قلبه من الهموم، ويُخفف من الأعباء التي يحملها. إن مفهوم المغفرة يتجاوز مجرد الاستغفار؛ فإنه يعكس قدرة الله على قبول الندم، ولذا يجب أن يكون الأمل حاضراً دائماً. في سورة البقرة، الآية 286، نجد تعبيراً عن هذه الرحمة العظيمة، حيث يقول الله: "الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها." هذه العبارة تُظهر أن الله لا يُكلف عباده ما لا طاقت لهم به، وبالتالي تمنح الإنسان شعوراً بالأمل والقدرة على تجاوز الذنوب والخطايا. في الحديث القدسي، ورد عن الله سبحانه وتعالى أنه قال: "أنا عند ظن عبدي بي. إن جاء إليّ مشيًا، جئت إليه هرولة." هذا الحديث يُذكّرنا بأن الله يفتقدنا عندما نبتعد عنه، ويستجيب لنا متى عدنا إليه. إذن، عندما يشعر المرء بأنه أخطأ وازداد قلبه انكساراً، فأن الله دائماً ينتظر عودته بكل حب ورحابة. إن العودة إلى الله تتطلب جرأة وشجاعة، ولكنها أيضاً طريق إلى مغفرة لا تنضب. الرحمة الإلهية هي مخرج للنفوس المتعبة، ومنارة تضيء الدروب المظلمة. فعندما تنكسر القلوب، وتُثقلها آثامها، تفتح أبواب السماء لنور المغفرة. إن كان القلب مثقلاً بالذنوب، فما عليه إلا أن يُنادي ربه بصدق، ويثق أن الله لن يُخيب ظنه. لقد وردت الكثير من الأمثلة في تاريخ الأنبياء والصالحين الذين واجهوا التحديات والآثام، واستطاعوا بنعمة الله أن يتجاوزوا العديد من العقبات في دربهم الروحي. مثل هذا الإيمان الصادق بالله يجعل البشرية تجد الأمل حتى في أصعب الظروف. فالأنبياء، رغم الرسالة التي حملوها، عانوا من أحياناً الشدائد، لكنهم كانوا دائماً يتوجهون إلى الله بالدعاء، فيجدون الرحمة والمغفرة. إن مغفرة الله تتجلى في قصص التائبين، فالتوبة الحقيقية هي العودة الخالصة إلى الله، ورغبة في الاعتصام بحبله إذ تظهر آثارها في النفس، حيث تشعر بسلام داخلي وبراحة تدفعها للابتعاد عن الذنوب. مثلاً، نجد قصة نبي الله يونس عليه السلام، الذي دعا الله من بطن الحوت، فاستجاب له الله لأن دعوته كانت صادقة، رغم أنه كان في أضعف حالاته. أيضاً، تأتي الآفاق الأخرى للرحمة من خلال شد الأواصر بين الناس، حيث أن التعايش في سلام ومحبة يؤديان إلى نشر قيم الرحمة والمغفرة في المجتمعات. فالتسامح مع الأخر يتيح لنا فرصة لمراجع أنفسنا، مما يؤدي إلى العيش في وئام. وفي النهاية، إن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان نموذجاً للإحسان والعفو، وقد دعا إلى التسامح وفتح باب المغفرة في قلوب الأخرين. بالمجمل، يمكن القول إن رحمة الله ومغفرته لا حدود لها وأن العودة إليه هي الأساس للتغيير الروحي. إن الكلمة الطيبة والدعاء العميق قد يصبحا جسرًا إلى رحمة الله الواسعة. فالبشر اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى إدراك قوة المغفرة وأهمية التسامح والإحسان لنشر هذه القيم. إن أفعال الرحمة على الأرض مثل مردودها في السماء، فينبغي لقلوبنا أن تظل مفتوحة ورحيمة، لأنه كما نحسن للغير، كذلك ستحسن لنا السماء. في الختام، إن رحمة الله ومغفرته هما جزء لا يتجزأ من رسالة الإسلام، ويجب على كل مسلم أن يعكس هذه القيم في حياته اليومية، وأن يكون مثالاً للرحمة والمغفرة، فتكون القلوب متسامحة، والنفوس صادقة، والله هو أعلم بحالنا ونياتنا. فكلما انكسرت قلوبنا، دعونا نتذكر أن أبواب الرحمة فُتحت لنا، وأن العودة إلى الله هي السبيل الوحيد لتجديد الندم وغفران الذنوب.
في يوم حار من أيام الصيف ، كان هناك رجل يدعى حسين يشعر بالتعب من الحياة وكان غارقًا في الحزن. سأل نفسه: "يا الله ، هل لا زلت أتمتع بالقدرة على المغفرة؟" في هذه اللحظة ، تذكر آيات القرآن وقرر أن يدعو الله. مع الندم على أفعاله الماضية وقلب محطم ، وقف للصلاة. مع كل ركعة ، شعر أن عبئًا ثقيلاً يرتفع عن كاهله. بعد الصلاة ، سكن السلام الغريب في قلبه ، ومع إيمانه القوي برحمة الله ، تساقطت دموع الفرح. من ذلك اليوم فصاعدًا ، قرر حسين أن يتوجه إلى الله كل يوم بقلب مكسور ودعوات صادقة ، مؤمنًا أن الله سيسامحه دائمًا.