القرآن يجيب على الأسئلة الفلسفية المتعلقة بالوجود وهدف الحياة.
القرآن الكريم، بصفته كتابًا سماويًا، يمثل مرجعًا غنيًا للفلسفة الوجودية والتأمل في معنى الحياة. منذ أن أُنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أصبح القرآن مصدراً للإلهام والتوجيه للمؤمنين في جميع أنحاء العالم. يتناول القرآن العديد من الأسئلة الفلسفية المهمة التي تتعلق بالوجود، والهدف من حياة الإنسان، وكيفية التعرف على الله، فضلاً عن العلاقات بين البشر. في كثير من السور، يطرح القرآن أسئلة عميقة تتعلق بأصل الإنسان ودوره في هذا الكون. فمثلاً، في سورة الذاريات، الآية 56، يقول الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". تعكس هذه الآية بوضوح الهدف الأساسي من خلق الإنسان: عبادة الله. تعتبر العبادة هنا ليست مجرد طقوس دينية، بل هي حالة من وجود الإنسان تسعى إلى تحقيق التوازن بين الجوانب الروحية والمادية. العبادة، بحسب الفهم القرآني، تعني الوعي بوجود الله والإقرار بحمده وشكره، وبالتالي ينطلق الإنسان في حياته من هذا الأساس. هذا الوعي يساعد الإنسان على تشكيل نظرته للعالم من حوله ويساهم في بناء علاقاته مع الآخرين. من خلال العبادة، يتحصل الإنسان على الإلهام والإرشاد اللازمين للعيش حياة متوازنة ومليئة بالمعنى. انتقالاً إلى سورة آل عمران، الآية 191، يُذكر أن "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب". هذه الآية تدعو البشر للتأمل في الكون وما فيه من مخلوقات وآيات. إن التفكير في عظمة خلق الله وحكمة تصميمه للكون يعد من أفضل العبادات التي يمكن أن يقوم بها الإنسان. يوجه القرآن مجتمع المؤمنين إلى الاعتماد على التفكير العقلاني والتأمل العميق لفهم الحياة ودور الإنسان فيها. من بين التحديات الفلسفية التي يستعرضها القرآن، نجد مفهوم الوجود والكمال. يتناول القرآن هذه المفاهيم من خلال الدعوة إلى العقل والتفكر، مما يسمح للقارئ بأن يستنبط من الآيات معانٍ أعمق حول ذاته وعلاقته بالعالم. إن النقص والضعف جزء من طبيعة الإنسان، ولكن القرآن ينبه أن الكمال في المعرفة لا يتحقق إلا من خلال البحث المتواصل عن الحقائق. الفلسفة الوجودية، التي تدور حول الأسئلة المتعلقة بوجود الإنسان ومعناه، تجد في القرآن تأصيلاً عميقاً. يعتبر القرآن الإنسان كائنًا فريدًا له القدرة على التفكير والإبداع، وبالتالي يشجعه على السعي لفهم ذاته ومكانته في الكون. إن الالتفات إلى هذه الجوانب الوجودية تنعكس في العديد من الآيات، التي تبين أن الإنسان محاسب على أعماله وأن لكل إنسان هدف يختلف عن الآخر. أيضًا، على مستوى علم النفس الإنساني، يقدم القرآن تصوراً يتسم بالتوازن بين الروح والجسد. حيث يشير إلى أهمية الصحة النفسية والعاطفية والروحية. إن البحث عن سلام داخلي وتحقيق الهدوء النفسي يعد من أسس حياة إحسانية في القرآن. وكذلك، المعاملات الإنسانية، مثل السلام، والتسامح، والمحبة، تعتبر من الأبعاد الحيوية التي تدخل في فهم الحياة وفقًا للتعاليم القرآنية. في النهاية، يؤكد القرآن الكريم على أن العلم والتفكير والتعقل هي أدوات حيوية لفهم الحقيقة ومعنى الحياة. وهذا يدعونا إلى البحث عن الحقيقة في حياتنا اليومية، من خلال التأمل في الآيات والتفكر في مختلف جوانب الوجود. إن الكتاب العزيز يبقى المصدر الرئيسي الذي يمكن أن نستلهم منه كيفية عيش حياة مليئة بالمعاني، وكيفية التواصل مع الله، ومع الذات، ومع الآخرين. كما يشجعنا على السعي نحو المعرفة والتغيير من أجل بناء مجتمع أكثر وعيًا وتسامحًا. القرآن يمثل أكثر من مجرد نص ديني؛ إنه دعوة للتأمل، والتفكير، والنمو. إنه رسالة تتحدث إلى كل إنسان على وجه الأرض وتحثه على تحقيق الأفضل لنفسه ولعالمه. بفضل هذه الرؤية الشاملة، يصبح القرآن الكريم مرشدًا في رحلة البحث عن المعنى، والهدف، والحقيقة في الوجود.
في يوم من الأيام في السوق، سأل صديق عادل: "ما هو السؤال الأكثر أهمية في الحياة برأيك؟" فكر عادل قليلاً وأجاب: "أعتقد أننا بحاجة إلى فهم هدف حياتنا. يقول القرآن إننا خُلقنا للعبادة، وهذا يشير إلى أن لدينا فهمًا أعمق يجب استكشافه." قرر عادل أن يكرس بعض الوقت كل يوم للتفكير في هذه الأسئلة واكتشاف معنى أعمق في حياته.