يمكن أن تشمل علامات قبول الأعمال مشاعر الرضا وتحسين السلوك الأخلاقي.
إنّ علاقات الأعمال الصالحة التي نقوم بها في حياتنا اليومية وتأثيرها على مسيرتنا الروحية تعتبر من الأمور الهامة في حياة المسلم. يشير القرآن الكريم بشكل غير مباشر إلى علامات قبول الأعمال، وذلك رغم عدم وجود آية معينة تتناول موضوع قبول الأعمال بشكل مباشر. فقد أشار العديد من العلماء والمفسرين إلى علامات تدل على قبول الأعمال، يمكن استنتاجها من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية. من بين هذه العلامات تحسين وتطوير السلوك الشخصي والأخلاق، حيث أن العمل الصالح له تأثير كبير على الفرد. فعندما يتوجه الشخص إلى طاعة الله وأداء الأعمال الصالحة، يشعر عادة بمزيد من السلام الداخلي والرضا في حياته. تعد سورة الفرقان، الآية 70، من الآيات التي تبشر المؤمنين بقبول أعمالهم الطيبة. يقول الله تعالى: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا". هذه الآية تشير إلى وعد الله للمؤمنين بأن أعمالهم الجيدة ستكون مقبولة، وأن النتيجة النهائية ستكون دخولهم الجنة. تُظهر هذه النقطة أن قبول الأعمال الصالحة من قبل الله ليس فقط يعد مؤشراً على الإخلاص والنية الطيبة، بل تؤدي أيضاً إلى سعادة الفرد في حياة الآخرة. بالإضافة إلى ذلك، نجد في سورة آل عمران، الآية 185، إشارة مهمة تدل على تقويم الأعمال قائلاً: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۖ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". هذه الآية تُظهر أن كل فرد سيخضع لمحاسبة أعماله يوم القيامة، وأن النتيجة ستكون مبنية على نواياهم وحقائقهم الداخلية. وبالتالي، يمكن استنتاج علامات قبول الأعمال من مشاعر الرضا والسعادة في الحياة، وتحسين السلوك الأخلاقي والروحي. إن العمل الصالح لا يقتصر على العبادات فحسب، بل يتعدى ذلك إلى كل فعل يُقرب العبد من ربه ويعزز من أخلاقه. فعندما يتحلى المسلم بمكارم الأخلاق، مثل الصدق، والكرم، والتواضع، فهو في الحقيقة يسعى لتحقيق رضى الله. لقد ذكرت السنة النبوية العديد من الأحاديث التي تدل على أهمية حسن الخلق، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". إن علامة قبول الأعمال لا تقتصر فقط على الشعور الداخلي، بل ممكن أن يظهر في حياة الفرد بشكل مادي أيضاً. فالأعمال الصالحة تجلب الطمأنينة والراحة النفسية، كما تعزز من العلاقات الاجتماعية والسلم المجتمعي. لذلك، نجد العديد من الأشخاص الذين يقومون بأعمال صالحة في حياتهم اليومية يشعرون بأنهم في حالة من الهدوء والسكينة، وهذا برهان على قبول الأعمال من قبل الله. على الرغم من أن الله قد وعد المؤمنين بالجنة نتيجة لأعمالهم الصالحة، إلا أنه علينا أن نتذكر أن النيات تلعب دوراً أساسياً في تقييم الأعمال. إن النية الخالصة لله وحده هي ما يجعل الأعمال مقبولة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى". لذلك، يجب علينا أن نتأكد من أن نوايا أعمالنا صادقة وخالصة لله سبحانه وتعالى. كذلك، يُعَدّ العطاء والمشاركة من بين أبرز العلامات التي تدل على قبول الأعمال. فعندما يكون الشخص مبادراً في تقديم العون والمساعدة للآخرين ويدعم مجتمعه، فهذا يعكس مدى إخلاصه وتقربه إلى الله. فكما يُقال، "اليد العليا خير من اليد السفلى"، بمعنى أن العطاء يعود بالنفع على المعطين أنفسهم، وهو دليل على قبول الأعمال أيضاً. من الضروري أيضاً أن ندرك أن قبول الأعمال ليس فقط مرتبطاً بالكثافة أو العدد، بل يتعلق بالنوعية والإخلاص في كل عمل نقوم به. لذا، علينا ألا ننشغل بالأعمال الكثيرة للفخر أو العجب، بل يجب أن نركز على القيام بالأعمال الصالحة بمشاعر خالصة وقلب طاهر. في الختام، إن علامات قبول الأعمال تتجلى في عدة أمور، منها: الشعور بالسلام الداخلي، السعادة والطمأنينة في الحياة، التحسين في السلوك والأخلاق. تقبل الأعمال يعود بالنفع على الفرد في هذه الدنيا والآخرة، لذا يجب أن يسعى المسلم دائماً للتقرب إلى الله من خلال الأعمال الصالحة والتخلي عن الأفعال التي لا ترضي الله. فالأعمال الصالحة هي التي تُعطي الحياة معنى وتُعزز من مكانة الفرد في نظر الله، وتجعل منه نموذجاً يُحتذى به في مجتمعه.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب باسم سينا، مشغول بالعبادة والصلاة. كان يبحث عن علامات أعماله المقبولة وكان يشعر ببعض عدم السعادة في حياته. بعد تفكير قليل وتفكر في آيات القرآن، توصل إلى أن علامات قبول الأعمال هي السلام في القلب والرضا عن سلوكياته الأخلاقية. قرر سينا تخصيص المزيد من الوقت لمد يد العون للآخرين، ومنذ ذلك اليوم، شهد هدوءًا أكبر في حياته. أدرك أن الأعمال الخيرة والصالحة التي يقوم بها تؤدي إلى قبول الله، وبالتالي شعر بتحسن أكبر.