ينص القرآن بوضوح على أن النجاة ودخول الجنة مشروطان بالإيمان والعمل الصالح. ولا يعد القرآن بالنجاة لأولئك الذين يموتون وهم كفار عن علم، بل يحدد مصيرهم بالنار.
القرآن الكريم، كتاب الهداية الإلهية، يحدد بوضوح وصراحة كاملة مسار الخلاص والنجاة الأخروية للبشرية. ينص هذا الكتاب السماوي بوضوح على أن النجاة ودخول الجنة مشروط بالإيمان الصادق بالله الواحد، ورسله (وخاصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بصفته خاتم الأنبياء)، وكتبه الإلهية، وملائكته، واليوم الآخر، والقضاء والقدر الإلهي، بالإضافة إلى العمل الصالح. من منظور القرآن، يُطلق مصطلح «غير المؤمن» أو «الكافر» في المقام الأول على من يُنكر الحقيقة عمداً أو يرفضها أو يتجاهلها، رغم وضوحها وإقامة الحجة الإلهية عليه. ضمن هذا الإطار، لا يتحدث القرآن أبداً عن «إمكانية النجاة» لأولئك الذين ماتوا وهم في حالة كفر وإنكار عن علم وقصد. بل يحدد مصيرهم الأبدي بالنار والعذاب الأبدي. هناك العديد من الآيات في القرآن الكريم التي تصف المصير النهائي للكافرين والمشركين بأنها جهنم. على سبيل المثال، في سورة البقرة، الآية 257، يقول الله تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور. والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات. أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). توضح هذه الآية بوضوح أن الذين يكفرون هم أهل النار وخالدون فيها. كذلك، في سورة آل عمران، الآية 85، نقرأ: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). تؤكد هذه الآية أيضاً على حصرية طريق النجاة في دين الإسلام، خاصة بعد بعثة النبي محمد. مفهوم الكفر في القرآن لا يعني مجرد عدم الإيمان، بل يشمل الإنكار المتعمد للحقيقة، والعناد، والاستكبار أمام الله، ومعارضة الأوامر الإلهية. يؤكد القرآن مراراً وتكراراً أن الله لا يظلم أحداً، وأن العدالة الإلهية تقتضي ألا يُعاقب إلا من قامت عليه الحجة واختار طريق الضلال بعلم ومعرفة. لذلك، لا يُرى في آيات القرآن أي أمل للنجاة لأولئك الذين يموتون وهم في حالة كفر أو شرك أو إنكار إلهي صريح. هذا يعني أن الطريق الوحيد «للنجاة» لغير المؤمن هو اعتناق الإيمان واعتناق الإسلام خلال حياته الدنيا. توجد مناقشات لاهوتية حول مصير أولئك الذين لم تبلغهم الرسالة الإلهية (أهل الفترة) أو الذين تلقوها بصورة محرفة، لكن هذه المناقشات منفصلة عن الآيات القرآنية الصريحة المتعلقة بنجاة «غير المؤمنين» (الذين وُضِّحت لهم الحقيقة). الآيات القرآنية تتحدث بشكل أساسي مع أولئك الذين وُضِّحت لهم الرسالة. لهؤلاء، الإيمان والعمل الصالح شرطان لا ينفصلان لدخول الجنة. يقول الله في سورة المائدة، الآية 72: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ» (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم. وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم. إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار). توضح هذه الآية صراحة تحريم الجنة على المشركين، بما في ذلك أي خروج عن التوحيد الخالص. ختاماً، يؤكد القرآن الكريم على محورية الإيمان والتوحيد كعمود فقري للنجاة. أما أولئك الذين، رغم تلقي الدعوة الإلهية، لم يقبلوها وماتوا في حالة الكفر أو الشرك، فإن القرآن لا يعدهم بأي نجاة في الآخرة، بل يحدد مصيرهم بالعذاب الأبدي في جهنم. وبالتالي، فإن الإجابة القاطعة على هذا السؤال بناءً على آيات القرآن هي أنه لا توجد إمكانية للنجاة لـ«غير المؤمنين» (بمعنى الكافرين الواعين والمعاندين) في الآخرة. الطريق الوحيد للخلاص هو قبول الإيمان والعمل بمقتضاه في الحياة الدنيا. هذا جزء من العدل والحكمة الإلهية التي تحدد المكافأة والجزاء على أعمال البشر ومعتقداتهم بناءً على خياراتهم الواعية. الإيمان هو الطريق الذي فتحه الله لعباده لكي يحققوا السعادة الأبدية، وإنكاره يستلزم عواقب وخيمة أشار إليها القرآن بوضوح. هذه التعاليم تشكل جوهر رسالة القرآن، وتوضح طريقاً واضحاً للخلاص، والانحراف عنه سيؤدي إلى عواقب لا يمكن إصلاحها في الآخرة. لا توجد آية في القرآن تدل على أن أحداً يمكن أن يدخل الجنة دون الإيمان بالله ورسالة أنبيائه، خاصة بعد أن تكون الحقيقة قد وضحت له. هذا مبدأ أساسي يتخلل القرآن كله وهو محور جميع الوعود الإلهية للصالحين وتحذيراته للكافرين. لذا، فإن طريق النجاة في القرآن طريق محدد بوضوح ومشروط؛ مشروط بالاستسلام لإرادة الله، وقبول الحقائق الغيبية، والعمل بما أمر الله به. كل من ينحرف عن هذا الطريق ويموت وهو على الكفر والشرك، فلا وعد له بالنجاة في القرآن. هذه الرسالة ليست مجرد تحذير، بل هي دعوة محبة من الرب لاختيار الطريق الصحيح والوصول إلى السعادة الأبدية التي لا تتحقق إلا في ظل الإيمان والأعمال الصالحة. لذلك، يؤكد القرآن على ضرورة الاختيار الواعي ومسؤولية الإنسان عن أفعاله ومعتقداته.
يُحكى أن مسافرين انطلقا في طريق. اختار أحدهما الطريق المستقيم والواضح، بينما اختار الآخر، ظناً منه أنه أذكى، طريقاً مختصراً ولكنه كان مظلماً وخطيراً. وصل المسافر الصادق إلى وجهته بسلام وسكينة، أما الآخر فتوه في الظلمات ولم يحصد سوى الخسران والندم. هذا بحد ذاته دليل على أن طريق الهداية، وإن بدا صعباً أحياناً، هو السبيل الوحيد للخلاص، ومن أعرض عنه فمآله الندم والضرر.