يبرز القرآن كل من الجمال الدنيوي والروحي، داعيًا البشرية للتركيز على هذه الجماليات.
إن القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الذي أنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يعد من أهم المصادر التي تُعبر عن القيم والفضائل الإنسانية. يتسم القرآن الكريم ببلاغته وعمقه، ويتناول مواضيع شتى تشمل جوانب الحياة المختلفة. ومن بين تلك المواضيع، يأتي مفهوم الجمال كمحور أساسي في فهم طبيعة الإنسان ورغباته. إذ يعد الجمال من العناصر الحيوية التي تترك أثراً عميقاً في حياة الناس وتفاعلهم مع المحيط الذي يحيط بهم. ### الجمال في القرآن الكريم يعتبر الإحساس بالجمال من الفطريات الأساسية في الإنسان، وهو ما يعكس حب الله سبحانه وتعالى لعباده. فالقرآن الكريم ينظر إلى الجمال من جوانب متعددة، تشمل الجمال الدنيوي والجمال الروحي. ففي الآيات القرآنية، نجد دعوة مستمرة للتأمل والتفكر في جمال الكون وما يحتويه من مظاهر الحياة. يقول الله تعالى في سورة آل عمران: "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث" (آية 14). هذه الآية تبرز الجانب المادي للجمال وتدل على رغبة الإنسان الفطرية في الاستمتاع بالملذات الجميلة في الحياة. #### الجمال المادي يتضح من الآية السابقة أن الله سبحانه وتعالى خَلق الجمال ليكون زينةً للحياة. فالمدلول على حب الإنسان للجمال يمكن تلمسه في رغباته العميقة، بل إن الله أودع في فطرته هذه القيم النبيلة التي تدفعه نحو الجميل والممتع. يستمتع الإنسان بجمال الطبيعة ومظاهر الجمال في الحياة اليومية، وهذا ما يدفعه للبحث عن التوازن في حياته. ### التأمل في الجمال وفي سورة الرحمن، يتجلى مفهوم الجمال عندما يسأل الله تعالى الإنس والجن: "فبأی آلاء ربکما تکذبان" (آية 13). هنا، يتوجه الله سبحانه وتعالى إلى عباده ليذكرهم بعظمته وجمال خلقه. إن هذه الآية تدعونا للتفكر في كل ما خلق الله من جمال وعجائب في الطبيعة، والتي تدل على قدرته العظيمة. إن التأمل في جمال الطبيعة يعزز من روح الإنسان ويعينه على تقدير النعم التي أنعم الله بها عليه. ### الجمال الروحي والأخلاقي مع ذلك، يأتي الجانب الروحي للجمال ليكون محورًا آخر يُعزز السلام الداخلي والسعادة. الجمال ليس مقتصرًا على المظاهر الخارجية فقط، بل يشمل الأخلاق والفضائل أيضًا. يقول الله تعالى: "إن الله جميل يحب الجمال" (حديث نبوي)، مما يعني أن الله يحب كل ما هو جميل في الأرواح والأخلاق. تتجلى القيم النبيلة في الرحمة، التسامح، العطاء، مما يعكس جمال العلاقات الإنسانية. #### تأثير الجمال على المجتمع ليس الجمال شيئًا يُنظر إليه وكانه فردي فقط، بل إنه ينشر تأثيره على المجتمع ككل. إذ يساعد إنشاء بيئة جميلة على تحسين نوعية الحياة. ولذلك، على المسلمين أن يسعوا إلى خلق بيئة مليئة بالجمال، سواء من خلال الزراعة أو الحفاظ على النظافة أو التزيين. ### الفنون الإسلامية تعبّر الفنون الإسلامية بشكل خاص عن هذا الإحساس بالجمال. تعتبر العمارة والزخرفة والخط العربي من الأشكال الفنية التي تجسد القيم الجمالية في المجتمعات الإسلامية. إن هذه الفنون ليست مجرد تعبيرات خارجية، بل تحمل في طياتها تعبيرات عميقة عن الثقافة والدين. إن الجمال في الفنون الإسلامية يعكس الروح الإبداعية ويمثل التواصل بين الفنون والقيم الإنسانية. ### أهمية التوازن بين الجمال الخارجي والداخلي إن القرآن الكريم يدعو إلى احترام الجمال في جميع أشكاله ويحث على تقديره. وهذا يعني أنه يجب على الإنسان أن يسعى إلى تحقيق التوازن بين الجمال الخارجي، مثل المظاهر الجمالية، والجمال الداخلي، الذي يشمل القيم والأخلاق. الإحساس بالجمال يجب أن يتحول من مجرد رؤية إلى فعل، إذ يتطلب الجمال الداخلي التمسك بالقيم الإنسانية. ### خلاصة في الختام، نجد أن الإحساس بالجمال في القرآن الكريم يُعد دعوة قوية للمسلمين للعمل على تحقيق الجمال من خلال الفضيلة والأخلاق الحميدة. فالجمال ليس مجرد عنصر سطحي، بل هو جوهر يعكس العلاقة بين الله وخلقه، وهو ما يعيد بناء الحياة ويغذي الروح. يجب على كل فرد مسلم أن يعيش حياته مستمدًا القيم الأخلاقية، ومحبًا للجمال في جميع جوانب الحياة، ليصبح جزءًا من تلك الرؤية الكاملة التي يطرحها الإسلام للوجود. إن الجمال في القرآن يعتبر عنصراً تجميلياً يُحسن من روح الإنسان ويعكس السلوك الإنساني المبني على قيم الجمال.
كان هناك رجل يدعى حسن يعيش في يوم من الأيام، وكان دائمًا مهتمًا بجمال الطبيعة والفن. حاول أن يرى الجمال في كل ما ينظر إليه. في يوم من الأيام، بينما كان يمر بجوار حديقة جميلة، أعجب بالأزهار والأشجار بسرور. فجأة، جاءت إلى ذهنه آية من القرآن: 'فبأي آلاء ربكما تكذبان؟' قال حسن لنفسه: 'هذه الجماليات كلها من لطف الله'، وعاد إلى منزله بالشكر. قرر أن يفضل ليس فقط تقدير الجمال الخارجي بل أيضًا الانتباه إلى الجمال الداخلي لنفسه وللآخرين.