يعتبر القرآن البركة في العمل والجهد مهمة للغاية ويظهر أن هذه البركات تأتي من الله.
في القرآن الكريم ، يعد مفهوم البركات والنعم التي يمنحها الله لعباده موضوعًا مهمًا وعميقًا. فإننا نجد في آيات القرآن الكريم إشارات واضحة إلى أهمية العمل والجهد في الحياة اليومية. فكلما أظهر المؤمن جدية في عمله وسعيه لكسب الرزق الحلال، كانت البركة حليفته. في هذا السياق، يجسد العمل الصادق الطابع الإيماني الذي ينبغي أن يتحلى به الفرد في وجوده اليومي. عندما ننظر إلى سورة البقرة، نجد أن الآية 261 تعبر عن معنى عميق في هذا السياق. حيث يقول الله تعالى: 'مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة، والله يضاعف لمن يشاء'. تشير هذه الآية ليس فقط إلى عظمة الأجر والثواب الذي يناله المحسنون في الآخرة، بل أيضاً إلى البركة التي تتحقق في حياتهم الدنيا من خلال إنفاقهم. في هذه الآية، يتجلى لنا كيف أن العمل والإنفاق في سبيل الله تجلب الكثير من الخيرات، مثلما تنبت حبة واحدة إلى سبع سنابل. وهذا يعكس أن الجهود التي يبذلها الإنسان ليست هباءً، بل تحمل في طياتها نتائج إيجابية، سواء كانت دنيوية أو أخروية. فتخيل مدى عظمة البركة عندما يتمثل الجهد في مساعدة الآخرين، ودعم الضعفاء والمحتاجين. فإن هذه الأعمال الخيرية تمثل استثماراً روحياً ومادياً يجلب الخير والبركة في الحياة. أما في سورة الأنفال، نجد آية 28 التي تقول: 'واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم'. تُظهر هذه الآية أن الأموال والأبناء يعتبران من مظاهر الفتنة التي يختبر الله بها عباده. لكن، من جهة أخرى، فإن هذه الفتنة ليست سلبية دائماً، بل تُعتبر بركة عندما يدرك الإنسان قيمتها الحقيقية ويستخدمها في طاعة الله. فالمال قد يفتح الأبواب للبركة إذا استخدمه الإنسان في سبيل الله، بينما الأبناء يمكن أن يكونوا مصدر سرور وسعادة وتعزيز للخير والدعوة. فالتربية السليمة للأبناء وتوجيههم نحو العمل الصالح يمكن أن يكون له تأثير عميق في إحداث البركة في الحياة. عمل المؤمن المستمر مع الله، سواء من خلال العبادة أو من خلال العمل الجاد، يعكس الإيمان الصادق. فالعمل بجهد ونية صادقة، لهما أثر كبير في تحقيق الأهداف المنشودة. لنفترض أن الإنسان يعمل بجدية ويصرف جهده في مشروعات تخدم مجتمعه، فإن هذا الجهد يثمر بركة وفيراً. وعندما يتبع الإنسان مبدأ الصدق في عمله، لا بد أن يلاقيه شعور بالطمأنينة والراحة، مما يزيد من بركة حياته. بالإضافة إلى ذلك، إن الإنسان عندما يسعى لتحقيق رغباته وأهدافه بعزيمة وإصرار، يكون الله في عونه. فالقرآن الكريم مليء بالوعود الإلهية للمجتهدين. ففي كل جهد صادق، هناك وعد بالبركة والتوفيق. لذلك، من المهم أن يتحلى المؤمن بالصبر والاجتهاد، وأن يتذكر دائماً أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يفتح أبواب الرزق ويجلب الخير. من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل الجانب الروحي في مسألة البركة. فالتواصل مع الله من خلال الصلاة والدعاء والذكر يعزز العلاقة الإيمانية. وهذا التواصل يعتبر من أهم أنواع الجهد، فهو ينعكس على قلب المؤمن، فيشعر بالسعادة والرضا، مما يساهم في زيادة بركة حياته. فالذكر ينير القلب ويسمح للمؤمن باستقبال دعوات الله والشعور به في جميع جوانب حياته. وفي نهاية المطاف، التأكيد على أهمية العمل والإخلاص في الجهد يتجلى في كلمة الله تعالى. فالله وعد عباده الصالحين بالبركات والأرزاق. لذلك، يجب أن نحافظ على عزيمتنا وأملنا في الله، ونسعى دائماً نحو الخير. فكل عمل صادق يبذله الإنسان في حياته، بداية من تنشئة الأسر إلى مساعدة المحتاجين، هو طريق إلى البركة والنعم التي لا تحصى. إن العمل بجد بنيّة خالصة وارتباط مستمر مع الله هو الوسيلة لتحقيق البركة والنجاح في الحياة. ولذا ينبغي على كل فرد أن يسعى لتحقيق هذه الأهداف، وأن يتخذ من القرآن الكريم دليلاً يرشده نحو السبيل القويم. وبهذه الطريقة، تصبح البركة في حياة المؤمن نوراً يضيء له الدروب في كل جانب من جوانب الحياة، ويجعل من العمل في هذه الدنيا عملاً مقدسًا يتوج بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى.
في أحد الأيام، كان علي مشغولا في العمل في مزرعته ويتأمل في النعم التي يمتلكها في حياته. تذكر آيات القرآن التي تقول إن جهوده في سبيل الله لا تبارك فقط عمله ولكنها أيضًا استثمار في الآخرة. قرر علي أن يكون أكثر نشاطًا في الأعمال الخيرية ومساعدة الآخرين، ومع مرور الوقت، لاحظ أن مزرعته تعطي محصولًا أكبر، وأصبح لديه روح أكثر هدوءًا.