لتكون مفعمًا برحمة الله ، يجب أن تؤمن برحمته وأن تسعى للتقرب منه من خلال الأعمال الصالحة والتوبة.
لتكون مفعمًا برحمة الله، من الضروري أن نفهم بعمق رحمته وتأثيراتها في حياتنا. إن الله سبحانه وتعالى هو الرحيم، والعزيز، والذي يفيض الرحمة والبركة على عباده. تأتي هذه الرحمة من إدراكنا لصفات الله، التي تعكس جوده وعطفه على خلقه. الرحمة الإلهية ليست مجرد شعور؛ بل هي رصيد يشمل الفطرة الإنسانية، ويظهر جليًا في تفاصيل حياتنا اليومية. في القرآن الكريم، يتكرر الحديث عن رحمة الله بشكل متكرر، حيث تشير الآيات الكريمة إلى أن رحمته تسبق غضبه وعذابه. الله تعالى يذكر لنا في سورة الزمر، الآية 53: 'يا عبادي الذين آمنوا، لا تقنطوا من رحمة الله. إن الله يغفر الذنوب جميعًا.' هذه الآية تعطي الأمل لكل من يبتعد عن الله ويريد العودة إلي قلبه، فليست هناك ذنوب، مهما بلغت، تعجز عن مغفرتها رحمة الله. بل إن الله سبحانه في انتظار المؤمنين ليستقبلهم عند كل توبة نصوح. تفسير هذه الآية يظهر لنا أن الله دائمًا في انتظار عودة عباده إليه، ولا ينبغي لأحد أن يفقد الأمل في رحمته. فالله أقرب إليك من نفسك، ويُراقبك في كل لحظة، وكلما شعرت بالذنب والخوف، عُد إليه بصدق، واطلب منه الصفح والعفو. من هنا، يأتي دور التوبة في حياتنا كوسيلة لتقريبنا من الله وجعله مصدرًا رحمتنا ودعمنا في جميع أمور حياتنا. علاوة على ذلك، فإن طاعة الله وخدمته تقربنا من رحمته. الطاعة ليست مجرد أفعال تُؤدى، بل هي استجابة للقلب الذي ينبض بحب الله. عندما نقوم بأداء العبادات المفروضة كالصلاة والزكاة والصوم، فإننا نصنع صلة قوية مع الله. هذه الصلة تجعلنا نُقرب أنفسنا من رحمة الله الواسعة التي تشمل كل شيء. وبالتالي، فإننا نجد السلام الداخلي والطمأنينة في قلوبنا، مما يجعلنا نواجه تحديات الحياة بأمان وثقة. الأعمال الصالحة وإظهار اللطف للآخرين هي أيضًا علامات القرب من الله ونيل رحمته. في سورة المؤمنون، الآية 56، يعد الله المؤمنين بأن 'من يفعل عملًا صالحًا سيحصل على مكافأة أفضل.' لا تقتصر الرحمة على الإنسان فقط، بل تمتد لتشمل جميع المخلوقات. عندما نُظهر اللطف للآخرين، نكون قد أخضعنا قلوبنا لتكون مفعمة برحمة الله. فالكلمة الطيبة، البسمة، الصدقة، وغيرها من الأفعال تصنع فارقًا عظيمًا في حياة الآخرين، وتجعلنا أيضًا نكتسب رحمة رب العالمين. كلما نفكر في كيفية تجسيد هذه الرحمة في حياتنا، يجب علينا أن نتذكر أن كل عمل صالح يُعَد دعوة للرحمة. في كل يوم نواجه فيه قرارات، تذكر أن الاختيار الذي يقربك من الله هو الذي يجلب لك الرحمة. حاول أن توازن بين عبادتك وسلوكياتك اليومية؛ فالحياة ليست مجرد عبادة، بل هي عبادة وسلوك. فالتفاعل مع الآخرين، والدعوة إلى الخير، وتجنب الأذى، كلها أمور تعزز من قبولنا في رحمة الله. إضافة إلى ما سبق، فإن الصبر هو أحد المظاهر العظيمة لرحمة الله. عندما يجد المؤمن نفسه في مواقف صعبة، يعزز صبره وتقواه إيمانه برحمة الله. يقول سبحانه وتعالى في سورة البقرة، الآية 153: 'إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.' لذا، فإن كلما صبر الإنسان على مصائبه، زادت رحمة الله عليه، وعادت عليه بالخير والبركة. لنأخذ من هذه المعرفة نقطة انطلاق نحو سلوك حياتي مفعم بالحياة والإيمان. عندما نشكر الله على نعمه، ونعبّر عن شكرنا بالعمل الصالح، فإننا نكون قد استجبنا لنداء الرحمة الإلهية. لنحاول كل يوم إيجاد طرق جديدة للتعبير عن رحمة الله من خلال أفعالنا وأفكارنا، ولنجعل محبتنا للناس تجسد هذه الرحمة. في نهاية المطاف، بالأمل والصبر والعمل الصالح، نستطيع جميعًا أن نكون مفعمين برحمة الله. علينا أن نفكر في كيفية إظهار رحمة الله في حياتنا وكيف تجعلنا هذه الرحمة أكثر تواصلًا مع الله ومع الآخرين. إننا بحاجة إلى توجيه رحمتنا نحو بعضنا البعض، لبناء مجتمع محب ورحيم يعكس صفات رب العباد. لذا، دعونا نسعى لتحفيز أنفسنا من رحمته الإلهية ونسعى لجذبها من خلال أعمالنا. تأمل في كل فعل تقوم به، وتأمل في كل همسة صادقة تُعنى بالآخرين، فإن كل ذلك رضى الله وبلوغ رحمته العظيمة. لنحرص على أن نكون ممن يفتح لهم باب الرحمة، ونكون من عباده المختارين الذين يدخلون رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة.
في يوم من الأيام ، كان عيسى يسير مع رفاقه في حي. جاءت امرأة شابة وجميلة تبدو حزينة جدًا لاستقبالهم. قالت: 'يا نبي الله ، أنا حزينة جدًا بسبب ذنوبي وأشعر باليأس.' ابتسم عيسى لها وقال: 'لا تيأسي ، فرحمة الله أكبر من ذنوبك.' مُشجعة برحمة الله وأملها ، بدأت تلك المرأة من جديد.