لماذا أقارن نفسي بالشيطان أحيانًا؟

مقارنة النفس بالشيطان تعكس صراعًا مع الكبر والوساوس. الإنسان، على عكس الشيطان، يمتلك القدرة على التوبة ويمكنه التغلب على نفسه بذكر الله والاستغفار.

إجابة القرآن

لماذا أقارن نفسي بالشيطان أحيانًا؟

إن الشعور بمقارنة النفس بالشيطان أحيانًا هو تجربة عميقة ومؤلمة غالبًا، تنبع من فهمنا للخير والشر، والصراع الإنساني الداخلي، وتأثير وساوس الشيطان. إنه إقرار صادق بوجود صراعات داخلية يمكن دراستها من جوانب متعددة في التعاليم القرآنية. القرآن الكريم يُعرف الشيطان (إبليس) بأنه العدو الواضح للبشرية، ويُحدد صفاته الأساسية في الكبر والحسد والعصيان للأمر الإلهي، والوسوسة. عندما يشعر الإنسان بمثل هذا الشعور، قد يكون ذلك لأنه يلاحظ بعض الصفات أو السلوكيات في نفسه تتوافق لا شعوريًا مع الصفات الشيطانية، أو لأنه يتأثر بشدة بالوساوس التي تدفعه نحو الخطيئة أو الأفعال غير المرغوبة. من المنظور القرآني، طُرد إبليس من رحمة الله بسبب كبره ورفضه السجود لآدم. فقد رأى نفسه أسمى من آدم، لكونه خُلق من النار وآدم من الطين. هذا الكبر كان السبب الرئيسي لسقوطه. والإنسان بدوره قد يصيبه الغرور أو العجب بالنفس أو الحسد أحيانًا؛ هذه صفات يمكن أن تكون في جوهرها مصدرًا للخطيئة والعصيان. عندما يرى الفرد في نفسه هذه الميول، قد يثير هذا التشابه قلقه ويؤدي إلى مقارنة غير مريحة بالشيطان. القرآن يحذر الإنسان مرارًا من التكبر ويحثه على التواضع. على سبيل المثال، في سورة لقمان (الآية 18)، يقول الله تعالى: "وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ". تتصدى هذه الآية مباشرة لأعمق سمات الشيطان: الكبر. نقطة أخرى يمكن أن تؤدي إلى هذا الشعور هي وساوس الشيطان. فقد أقسم الشيطان على إضلال البشر عن الصراط المستقيم. يعمل من خلال غرس الأفكار السلبية، والتشجيع على الذنوب، وإثارة الشكوك في الإيمان، وتزيين الأفعال السيئة. عندما يكافح الفرد داخليًا مع الأفكار السلبية، أو وساوس الذنوب، أو الميل إلى فعل ما لا يرضي الله، ويعرف أن هذه الوساوس من الشيطان، فقد يشعر أنه هو نفسه "يتحول إلى شيطان". ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن هذه الوساوس خارجية ولا تنبع من جوهر الطبيعة البشرية النقية. فقد خلق الله الإنسان على فطرة نقية ومنحه القدرة على تمييز الحق من الباطل. (سورة الشمس، الآيات 7-8: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا"). إن الصراع ضد هذه الوساوس علامة على الإيمان ومحاولة للحفاظ على نقاء الفطرة، وليس علامة على التشابه مع الشيطان. الفرق الجوهري بين الإنسان والشيطان هو أن الشيطان قد أغلق على نفسه باب التوبة والعودة إلى الأبد. فقد عصى أمر الله بعناد ولجاجة ولم يندم قط. أما الإنسان، فمهما أخطأ ووقع في فخ الوساوس، فإن باب التوبة والعودة إلى الله مفتوح دائمًا له. هذه القدرة على التوبة هي امتياز عظيم للإنسان يميزه عن الشيطان. القرآن الكريم يحث الإنسان مرارًا على التوبة والاستغفار، واعدًا بالمغفرة الإلهية. (سورة الزمر، الآية 53: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ"). تُظهر هذه الآية أنه مهما شعرنا بالذنب أو التشابه مع الشر في أنفسنا، فإن هناك دائمًا طريقًا للعودة والنقاء. إذا انتابك هذا الشعور، فقد يكون علامة على سلامة ضميرك. هذا الشعور بمثابة جرس إنذار يدفعك نحو وعي ذاتي أعمق ومكافحة الجوانب السلبية لوجودك. هذه المقارنة لا تعني أنك شيطاني بطبيعتك، بل هي مؤشر على يقظتك لتأثيرات الشيطان وصراعك الداخلي مع النفس الأمارة بالسوء. القرآن يشجع الإنسان على الجهاد الأكبر (مكافحة النفس). هذا الصراع لا مفر منه لكل إنسان وهو علامة على الديناميكية الروحية والسعي نحو الكمال. للتغلب على هذا الشعور وتعزيز الجوانب الإيجابية في نفسك، يقدم القرآن حلولاً عملية: الخطوة الأولى والأهم هي الاستعاذة واللجوء إلى الله من شر الشيطان. (سورة الناس: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ... مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ"). هذا الفعل ليس مجرد ذكر لفظي، بل هو استجارة قلبية وعملية بالقوة الإلهية. ثانيًا، كثرة ذكر الله، الذي يزيد نورانية القلب ويقلل من تأثير الوساوس الشيطانية. ثالثًا، التوبة والاستغفار المستمرين، الذي يطهر الروح من الشوائب. رابعًا، تدبر آيات القرآن والعمل بالأوامر الإلهية، مما يثبت الإنسان على الصراط المستقيم. خامسًا، الابتعاد عن البيئات والعوامل التي تشجع على الذنوب ومصاحبة الصالحين. بالعمل بهذه الحلول، يمكن للإنسان التغلب على هذا الشعور وتحقيق الطمأنينة الروحية والقرب من الله، ومعرفة أن أي شعور سلبي أو مقارنة للنفس بالشيطان، هو مجرد جزء من الاختبار الإلهي وإيقاظ لضميره للوصول إلى الكمال.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

يُروى أنه في الأزمنة القديمة، كان هناك شاب يُدعى فريد، يجد في قلبه أحيانًا شعورًا غير مريح. عندما يغضب أو يصيبه الغرور، كان يقع عليه ظل من اليأس، يخشى أن يكون قلبه قد اقترب من شر الشيطان. في يوم من الأيام، وصل إلى حكيم شيخ وعالم، وأخبره عن حاله. ابتسم الحكيم بلطف وقال: "يا بني، اسمع قصة من سعدي الحلو الحديث. يُذكر في كتاب گلستان أن رجلاً رأى كلبًا وحسده، وقال: 'هو ليس عليه سوى واجب الوفاء، ولا يُتوقع منه شيء آخر. أما الإنسان، فله طريق التوبة والعودة، حتى لو أخطأ.'" وتابع الحكيم: "الفرق بينك وبين الشيطان يكمن في هذا بالضبط: يمكنك التحرر من هذا الشعور السيء والعودة إلى النور. مجرد أن قلبك يرتجف من هذا التشابه يدل على وجود نور فيك. الشيطان لم يندم أبدًا، لكنك تشعر بالندم وترغب في التغيير. لذا، هذه الدعوة الداخلية تدعوك إلى إصلاح الذات، وليس إلى الظلام." عند سماع هذه الكلمات، وجد فريد سلامًا عميقًا، وأدرك أنه كلما ظهر فيه شعور مشابه لطبيعة شيطانية، فهذه فرصة للتوبة والعودة إلى فطرته النقية.

الأسئلة ذات الصلة