بالنيات الصافية وأداء الأعمال الجيدة، حتى أصغر الأعمال يمكن أن تصبح ذات قيمة.
في القرآن الكريم، تم التأكيد على قيمة وأهمية العمل والجهد في الحياة، حيث يشكل العمل أحد الأبعاد الأساسية التي تحثنا عليها الديانات السماوية. وبرزت في هذا السياق سورة العصر، التي تتحدث بوضوح عن حالة الإنسان ومدى فشله في حال عدم تحقيقه للإيمان والأعمال الصالحة. النص القرآني في سورة العصر ينص على: "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" (العصر: 1-3). تحمل هذه الآيات رسالة واضحة بأن الناس في خسارة ما لم engage بإيمان وأعمال صالحة، مما يعكس ضرورة إدماج العمل الجاد والمخلص في حياتنا اليومية. يُظهر هذا البعد الديني أهمية النية في العمل، حيث ينص الكثير من الفقهاء والمفكرين أن النية هي أساس العبادات، وأن تقوى الله في العمل هي ما يجعل من أي عمل صغير قيمة كبيرة. فإذا كنت ترغب في أن يصبح عملك الصغير ذا قيمة، يجب أن تنقي نياتك وتنفذها بإيمان وأعمال جيدة. من الواضح أن النظام الإيماني والأخلاقي في الإسلام يوجه كل فرد إلى أن يكون قدوة في مجتمعه، وأن يجعل من أعماله وسيلة لرفع مستوى الحياة لمن حوله. ويشير الحديث الشريف المعروف عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم): "من أراد الدرهم، عليه بإصلاحه في نصف"، إلى أهمية العمل الدؤوب والنية الصالحة. أي أن أي عمل صغير يتم بنية حسنة وتركيز على خدمة الآخرين سيكون له قيمة مزدوجة إن لم يكن أكثر. ولذا على كل فرد منا أن يأخذ بعين الاعتبار كيف يمكن لتصرفات صغيرة أن تُحدث فرقًا كبيرًا في حياة الناس من حوله. إن الإصرار على العمل الجيد، مهما كان حجمه، يعتبر من أهم القيم التي وردت في القرآن الكريم. في سورة الأنعام الآية 160، يقول الله: "مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا". تؤكد هذه الآية على أن كل عمل حسن أو صغير يمكن أن يتضاعف على نطاق أوسع. هذا يُظهر كيف أن جهودنا، مهما كانت بسيطة، يمكن أن تؤتي ثمارها. لذلك، بالنية الصافية والجهد المستمر، يمكن أن يصبح عملنا الصغير له تأثيرات كبيرة ولا حدود لها. من المهم أن نفهم أن العمل ليس مجرد واجب بل هو عبادة، وأحد الطرق التي يؤدي بها الإنسان رسالته في الحياة. فالأعمال الصالحة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، هي سبب لرضا الله وسبيل لجلب الطمأنينة في النفوس. وهذا ما يجعل العمل الجاد والعطاء من القيم النبيلة التي يجب علينا جميعًا تبنيها. لذلك، حرص كل فرد على تحسين ذاته وتطوير مهاراته يمكن أن يُعتبر من أشكال العمل الصالح. فالتعليم، على سبيل المثال، هو عمل يمكن أن يبدو بسيطًا، لكنه يفتح الأبواب لفرص جديدة ويُساهم في نشر الوعي. لذا يجب على كل شخص أن يسعى لتطوير نفسه وتمكين الآخرين من خلال التعليم والمشاركة في المبادرات الاجتماعية. إن التأمل في هذه القيم يعكس كيفية بناء مجتمع قائم على قيم التكافل والعطاء. فكل عملٍ، مهما كان بسيطًا، يجب أن يكون مصحوبًا بإرادة قوية للدفع نحو الأفضل. فلنتذكر أن العمل الجاد والإيمان الحقيقي هما السبيل لتحقيق الهدف الأسمى في الحياة. في النهاية، إن الفهم العميق لما يعكسه القرآن من قيم العمل والجهد يساعدنا في تشكيل نمط حياتنا الخاص، ويدعونا للتحلي بالإيجابية والسعي نحو الأفضل. إن العمل ليس مجرد وسيلة للعيش بل هو رسالة عظيمة مستقاة من تعاليم ديننا الحنيف، ولعلّنا نتمكن من تغيير نظرتنا تجاه الأعمال الصغيرة، ونُعطِيها قيمة حقيقية تجمع بين الإيمان والعمل الصالح. فلنجعل النية الطيبة هي البوصلة التي تهدينا في أعمالنا، ولنُدخل البهجة والنجاح إلى حياة الآخرين من خلال جهدنا المبارك.
ذات يوم، كان هناك شاب يُدعى أمير، وكان عاملًا بسيطًا وشعر أن عمله صغير. ذات يوم أثناء العمل، فكر، "كيف يمكنني جعل عملي أكثر قيمة؟" تذكر سورة العصر وتلقت فكرة في قلبه. من ذلك اليوم، قرر أن يعمل بعقلية إيجابية ونوايا صالحة وأن يساعد الآخرين. بعد عدة أشهر، لاحظ زملاؤه التغيير فيه واستمتعوا بالعمل معه. أدرك أن عملًا صغيرًا يمكن أن يتحول إلى شيء عظيم بالعزم والجهد.