لتحقيق شعور بمحبة الله، يجب أن نتقرب منه ونطيعه. حب الآخرين يمكن أن يكون أيضًا علامة على محبة الله.
إن الشعور بمحبة الله هو أحد أعمق المشاعر التي يسعى المسلمون لتحقيقها في حياتهم اليومية. إن محبة الله لا تأتي من فراغ، بل تحتاج إلى خطوات عملية ونوايا خالصة تقود الإنسان إلى تعزيز علاقته بربه. فالمؤمن عندما يشعر بمحبة الله، فإن قلبه يأنس، ونفسه تطمئن، ويتدفق عليه الشعور بالسعادة والسكينة. إن المسيرة نحو الشعور بهذه المحبة العظيمة تبدأ بتكوين رابطة قوية بين العبد وبارئه. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا} (مريم: 96). هذا يدل على أن الله تعالى يعد المؤمنين الأتقياء بأن محبته ستُوضع في قلوبهم، وهذا وعد عظيم يستدعي من المسلم العمل على تحقيقه. في سورة آل عمران، الآية 31، يقول الحق تبارك وتعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم؛ والله غفور رحيم." توضح هذه الآية بشكل مباشر أن محبة الله لعباده مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بطاعتهم لأوامره والتزامهم بتعاليم دينه. إذاً، فإن الخطوة الأولى نحو محبة الله تتطلب منا فهم معاني العبودية الحقيقية. العبادة في الإسلام لا تقتصر على الصلاة والصيام فحسب، بل تشمل جميع جوانب الحياة اليومية. إن الصلاة تمثل حلقة الوصل بين العبد وربه، فهي ليست مجرد حركات جسدية، بل هي تعبير عن حب خالص وشعور بالاعتماد على الله. وفي كل ركعة نركعها، نستشعر قرب الله منا، مما يعمق في قلوبنا شعور المحبة. فالصلاة تُعَدُّ فرصة ذهبية للقرب من الله، حيث نناجيه ونسأله حاجاتنا، فنجعل من هذه اللحظات أوقاتًا لتجديد علاقتنا به. علاوة على ذلك، فإن الدعاء هو من أعظم الوسائل للتقرب إلى الله. عندما ندعو الله سبحانه وتعالى ونسأله ما نحتاج إليه، نحن نعبر عن ثقتنا الكبيرة به وإيماننا بقدرته على تلبيتنا لاحتياجاتنا. الدعاء يفتح لنا أبواب رحمة الله، ويساعدنا على بناء علاقة وطيدة مع الرب، مما قد يؤدي إلى شعور عميق بمحبته في قلوبنا. يقول الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60). وهذا يُشعرنا بأن الله قريب منا، وأنه يستمع لنا ويعينا في أوقات الضيق. ولكن، ليس العبادات وحدها هي الطريق لتجربة محبة الله، بل إن ذكر الله باستمرار هو من أهم العوامل لتعزيز هذا الشعور. عندما نذكر الله في قلوبنا وألسنتنا، نخلق مساحة من السلام الداخلي والطمأنينة. وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أحب الأعمال إلى الله، عز وجل، سرور تدخله على مسلم". فهذا يشير إلى أهمية حب الآخرين والإحسان إليهم كوسيلة طبيعية للشعور بمحبة الله. فالإحسان إلى الناس يعكس حسن النيّة ويدل على صدق الإيمان، مما يجعلنا نعيش بسلام داخلي. ولكي نحقق محبة الله في قلوبنا، يجب علينا أن نتخلص من البغضاء والكراهية، وأن نؤمن بأن الجميع مخلوقون من تراب مخلوقين بيد الله. فبذل الرحمة والإحسان للآخرين يمثلان أحد أسمى صور الحب. وعندما نساعد الآخرين، نتحلى بقيم الكرم واللطف ونكون مصدر فرح وسعادة لمن حولنا، فإننا نفتح قلوبنا لننعم بمحبة الله. يقول الله تعالى في القرآن: {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والأنبياء وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين} (البقرة: 177). لقد أكد الإسلام على ضرورة التواصل الإنساني وتعاون الجميع؛ إذ إن ذلك علامة على محبة الله. فالأشخاص الذين يعتنون بمشاعر الآخرين ويعملون على إسعادهم يشعرون بوجود محبة الله في قلوبهم. ومن هنا، يجب أن نتبع خطوات عملية لمساعدة الآخرين، سواء كان ذلك بمد يد العون للفقراء أو بمساعدة الأصدقاء في الأوقات العصيبة. إن الاستجابة لنداء المساعدة تبرز معاني المحبة والتعاطف، وتزيد من إحساسنا بوجود الله من حولنا. وفي الختام، فإن محبة الله تحتاج إلى جهد وإخلاص، فهي عمل يتطلب منا الالتزام بأداء الفرائض والنوافل، وكوننا رحماء مع الآخرين. إن شعور المحبة ليس شيئًا يُدرك من خلال التفكير، بل يجب أن يكون ناتجًا عن أعمال ونيات وعلاقات قوية تُبنى على طاعة الله واعتراف بعظمته. لذا، يجب أن نستمر في السعي نحو القرب من الله وتعزيز هذه المحبة في قلوبنا من خلال الالتزام بالدين والأخلاق الحميدة والرحمة. ومن خلال كل ما سبق، ندرك أن رحلة السعي نحو محبة الله هي رحلة ذات أبعاد متعددة، تتطلب الإخلاص والتفاني في كل جوانب الحياة. وعلينا أن نعمل من أجل تعزيز هذه المحبة في حياتنا اليومية، لنصبح نماذج حية تعكس محبة الله في تعاملاتنا وسلوكياتنا.
في يوم من الأيام، كان هناك رجل يشعر بحزن عميق في قلبه وكان يبحث عن محبة الله. تذكر كلمات القرآن وبدأ في الصلاة. أثناء الدعاء، شعر بأن وزناً ثقيلاً قد أزيل عن قلبه، وعم هدوء عميق. منذ ذلك اليوم، شعر بمحبة الله في قلبه من خلال كونه لطيفًا مع الآخرين، وتغيرت حياته.