يمكن أن يساعد تعزيز العلاقة مع الله والتوكل عليه في التغلب على انعدام الأمن النفسي.
في عالمنا المعاصر، يعاني الكثير من الناس من انعدام الأمن النفسي والقلق. هذه الحالة النفسية التي أصبحت مألوفة لدى العديد تمثل تحديًا كبيرًا في حياة الأفراد. فعلى الرغم من التقدم التكنولوجي والمعرفي، إلا أن الضغوط النفسية تزداد يوماً بعد يوم. فالحياة السريعة والضغوط اليومية، إضافة إلى التوتر الناتج عن المنافسة والسعي لتحقيق الأهداف، تساهم في تعزيز الشعور بالقلق والعجز عن التأقلم مع ضغوط الحياة. ومع ذلك، يقدم القرآن الكريم توجيهات هامة حول كيفية التغلب على هذه المشاعر السلبية وزيادة الثقة والأمان النفسي. إذ يحتوي على الكثير من التعليمات والنصائح التي تعزز من الإيمان وتساعد في مد يد العون للمؤمنين في أوقات الضغوط. تعتبر السور والآيات القرآنية مصدراً غنياً بالحكمة والمعرفة، لذا يجدر بالناس استغلال هذه الكنوز الروحية لتحسين صحتهم النفسية. في سورة الطلاق، الآيتين الثانية والثالثة، يقول الله سبحانه وتعالى: "و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب." هذه الآية تعتبر دليلاً جلياً على أن التقوى والامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى يشكلان مفتاحا للأمان النفسي. فهي تذكرنا بأن من يتق الله سيكون له مخرجا من مصاعبه، ويرزقه الله من أماكن غير متوقعة. إن فهم هذه الآية يساعد في تعزيز شعور الأمان، حيث أن الالتزام بالتقوى يعني الاعتماد على الله والثقة بأنه سيوفر الدعم والمخرج من الأزمات. عندما يشعر الفرد بالقلق أو الخوف، يمكنه اللجوء إلى الله والتوكل عليه. فالتقرب إلى الله وتنمية الإيمان به تهدف إلى إنسيابية الحياة وتوفير شعور بالأمان. لذا، يجب على المؤمنين تعزيز إيمانهم بالله من خلال الدعاء والصلاة والتأمل في عظمته. إن هذه الممارسات تعزز من الروابط الروحية مع الله، مما يساعد الفرد في تجاوز الفترات الصعبة. علاوة على ذلك، في سورة البقرة، الآية 286، يقول الله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها." هذه الآية تعكس حقيقة هامة حول كيفية تعاملنا مع الشدائد والتحديات في حياتنا. فعادة ما نرى الصعوبات على أنها أعباء ثقيلة، لكن الله يؤكد لنا أن كل ما يواجهه الإنسان يتناسب مع قدرته. هذا الفهم يعزز الأمل في النفس ويذكّرنا بأننا لسنا وحدنا في مواجهة التحديات. فالاعتراف بأن الله لا يكلف النفس إلا ما يمكنها تحمله يساعد على تخفيف الضغوط النفسية ويعزز من الصحة النفسية بصفة عامة. عندما يدرك الشخص أن كل صعوبة يواجهها هي جزء من خطط الله وأنه لديه القدرة على التغلب عليها، سيبدأ في الشعور بالأمان والثقة بنفسه. هذا الإيمان يسهل عليه التعامل مع الضغوط الحياتية، حيث يصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات والصمود أمام الظروف الصعبة. إن الإيمان العميق بأن الله قريبٌ من عباده ويستجيب لدعواتهم يعد بمثابة درع واقي يوفر الأمان النفسي. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نؤكد على أهمية الدعاء والاستعانة بالله في مختلف جوانب حياتنا. قال الله في سورة الإسراء، الآية 80: "و قل رب أدخلني مدخل صدق و أخرجني مخرج صدق و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا." هذا الدعاء يجسد الثقة في الله، ويحثنا على طلب العون منه في الأوقات الصعبة. من خلال هذا الدعاء، يتم توجيه القلب إلى الله بصورة مباشرة، مما يعزز من شعور الأمان والثقة في النفس. إن الارتباط الروحي مع الله يساهم بشكل كبير في تحسين الصحة النفسية للفرد. فالإنسان الذي يشعر بوجود قوة أكبر منه، تسانده وتساند ثباته، يكون أكثر قدرة على مواجهة مصاعب الحياة. لذا، ينبغي أن تكون تقواهم ورعاية الله محورا في حياتنا اليومية، كي نتمكن من التغلب على انعدام الأمن النفسي. بنهاية المطاف، يمكن القول إن القرآن الكريم يوفر إرشادات قيمة تساعد الأفراد على تجاوز الأوقات الصعبة وتعزيز شعور الأمان النفسي. من خلال التقوى، الدعاء، والامتثال لأوامر الله، يمكن للفرد أن يشعر بمزيد من السلام الداخلي والقدرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وثبات. لذا، يعتبر تعزيز العلاقة مع الله وتعزيز الإيمان به، من الأسس الضرورية للتغلب على انعدام الأمن النفسي والقلق. فلنجعل من القرآن الكريم رفيقنا في الأوقات الصعبة، ونعتمد عليه كمصدر للطمأنينة والأمان النفسي، ولنستحضر دوما ما ورد في الآيات الكريمة لكي نكون قادرين على مواجهة جميع التحديات التي تعترض طريقنا.
في يوم من الأيام، شعرت مريم بالقلق بسبب انعدام الأمن ولم تكن متأكدة من كيفية التعامل معه. تذكرت آيات القرآن وقررت أن تقضي وقتها في الصلاة والاقتراب من الله. في الأيام التالية، وجدت سلامًا أكبر في التواجد مع عائلتها والانخراط في الأعمال الخيرية. علمتها هذه التجربة أنه من خلال الإيمان بالله والتركيز على التقوى، يمكنها التغلب على مشاعر انعدام الأمن.