لمقاومة الفتن الدنيوية، من الضروري تقوية الإيمان والتركيز على وعود الآخرة.
مقاومة الفتن الدنيوية تأتي في مقدمة التحديات التي يتعين على الإنسان مواجهتها في حياته. فالفتن تمثل تلك الإغراءات التي قد تحيد بالفرد عن الطريق المستقيم، قد تكون هذه الفتن تتمثل في المال أو السلطة أو الشهوات، وجميعها تبرز التحدّيات التي يمكن أن تعصف بإنسانية الإنسان وإيمانه. لذا، فإن المسلمون بحاجة ماسة إلى توجيه أنفسهم نحو الصراط المستقيم، متسلحين بالإيمان والعزيمة، من خلال فهم دينهم وتطبيق تعاليمه في حياتهم اليومية. إن القرآن الكريم هو المصدر الأول الذي ينصح بمعالجة هذه الفتن والمغريات، فهو يحتوي على الكثير من الآيات التي تذكّر المؤمنين بثوابت الحياة، وفي طليعتها أن الحياة الدنيا زائلة، وأن الآخرة هي الغاية التي ينبغي العمل من أجلها. يقول الله تعالى في سورة آل عمران، الآية 185: "كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز". هذه الآية تبيّن لنا كيف أن التوجه نحو الآخرة هو الفوز الحقيقي، فالحياة الدنيا ما هي إلا امتحان قصير. وبالإضافة إلى ذلك، نجد في سورة البقرة، الآية 155، قوله سبحانه وتعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين". هذه الآية تشير صراحة إلى أن الفتن والصعوبات في الحياة هي جزء لا يتجزأ من التجربة الإنسانية، والابتلاءات تأتي لتكون وسيلة لاختبار الإيمان. فالمؤمن في هذه الظروف عليه أن يكون صبره سلاحه، حيث تُعطي كل محنة الإنسان فرصة لإظهار صبره وثباته، مما يعزز إيمانه ويقوي عزيمته في مواجهة التحديات. مقاومة الفتن الدنيوية تتطلب إجراءات عملية، أولها تقوية الإيمان وتعزيز المعرفة بتعاليم الدين. ينبغي على المؤمن أن يسعى إلى تدبر القرآن، الذي يحتوي على العديد من الآيات التي تساعده في مواجهة المحن. فالتأمل في معاني الآيات يعد نقطة الانطلاق الأولى إلى الابتعاد عن الملهيات والسعي نحو الأهداف الحقيقية. كما يعتبر استحضار قصص الأنبياء من الوسائل الفعّالة لنغرس في نفوسنا معاني الصبر والثبات. فقصّة نبي الله يوسف (عليه السلام) تُعتبر نموذجًا يحتذى به، حيث قاوم يوسف الفتنة التي تعرض لها من امرأة العزيز، زليخا، وتمكن من تحقيق النصر بفضل الإيمان والصبر. إن إيمان يوسف العميق بالله وثقته في وعده هما من الأهم أسباب نجاحه في مواجهة الاختبار الصعب الذي واجهه. إن البيئة المحيطة بالشخص تلعب دورًا كبيرًا في مقاومة الفتن، لذا يجب على الفرد أن يحيط نفسه بأصدقاء إيجابيين يعززون الإيمان ويشجعونه على القيام بالأعمال الصالحة. يمكن أن تؤثر العلاقات الاجتماعية على الحالة النفسية والروحية للفرد، لذا فإن استثمار الوقت في بناء تلك العلاقات الصحية يعد جزءًا مهمًا من مقاومة الفتن. إلى جانب ذلك، يعد الدعاء أسلوبًا مهمًا ووسيلة فعالة لتوجيه النفس نحو الله، فالمسلم عندما يواجه التحديات يجب أن يتوجه إلى الله بالدعاء مستغيثًا ومستعيذًا. يقول الله تعالى في سورة غافر: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم". إن الدعاء يعكس حالة الاعتماد على الله والافتقار إليه، ويعزّز روح الإيمان في قلب المؤمن. وفي الختام، علينا أن نعي أن عدم ارتكاب الأخطاء هو أمر غير ممكن، وقد يتعرض البعض للضعف أمام الفتن. لكن الأهم من ذلك هو ان نعود إلى الله ونسعى جاهدين للثبات على الطريق الصحيح. الجهاد في سبيل الله يتطلب مجهودًا مستمرًا، ويجب أن يكون السعي لتقوية الإيمان عملاً يومياً لا ينقطع. وبالاستعانة بالله والتوكل عليه، يستطيع كل مؤمن تحويل الفتن إلى فرص للنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة. إن التمسك بالإيمان هو السبيل الوحيد للعبور إلى بر الأمان.
في يوم من الأيام، قرر شاب يدعى علي قضاء المزيد من الوقت في الصلاة والدعاء للهروب من الفتن الدنيوية. كان دائمًا يعزز نفسه بتذكر آيات القرآن. في أحد الأيام، أثناء قراءته للقرآن، صادف آية وعد الله بالصبر والمكافأة. أثرت هذه الآية عليه بشكل كبير، وقرر أن يستمر في حياة أنظف. تدريجيًا، تمكن من الابتعاد عن الفتن من حوله وتحقيق السلام الداخلي.