أحد طرق تليين القلب هو ذكر الله وفعل الخير.
تليين القلب هو موضوع ذو أهمية كبيرة في المناقشات الأخلاقية والروحية، حيث يُعتبر القلب مركز المشاعر والأحاسيس في الإنسان. قال الله تعالى في كتابه الكريم: "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" (ق: 37) مما يُظهر أهمية القلب في تلقي الرسائل الربانية. ومن المعروف أن القلوب قد تكون قاسية أو لين، والمجتمعات في حاجة إلى قلوب لينة لتعيش في أجمل حالاتها. تتعدد أسباب قساوة القلب، من أهمها الابتعاد عن ذكر الله والتفكر في آياته، كما جاء في حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "إن القلوب لتستوحش كما تستوحش الحقول". وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بقراءة القرآن والتأمل فيه، حيث يعتبر القرآن الكريم من أكثر الأمور تأثيراً في تليين القلب. في هذا المقال، سنتناول عدة جوانب تتعلق بموضوع تليين القلب وكيفية تحقيقه من خلال ما ورد في القرآن والسنة النبوية. في القرآن، يشير الله تعالى إلى عباده بأن يتحركوا نحو الخير والأعمال الصالحة في حياتهم. ومن الآيات التي تدل على ذلك سورة آل عمران، الآية 159، حيث قال الله: "فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". هذه الآية توضح أهمية اللين في التعامل مع الآخرين، حيث أن الرحمة واللين يقربان القلوب ويجعلانهما أكثر تقبلاً للخير. إن اللين في الأخلاق والمعاملات يجعل العلاقات الاجتماعية والمهنية أكثر نجاحًا ويسهل التواصل بين الأفراد. كذلك، في سورة المزمل، الآية 20، يأمر الله نبيه محمد بالاستعانة به في الدعاء، مما يُعتبر وسيلة لتليين القلب. الذكر والدعاء لهما دور كبير في ترويض النفس وتهذيبها، حيث يُساعدان الإنسان على التواصل مع الله ويبعثان فيه السكينة والطمأنينة. لذلك، ينبغي على المسلم أن يُكثر من الدعاء والذكر، سواء كان ذلك في صلاته أو في أوقاته الخاصة. إن الانتباه إلى قراءة القرآن والتفكر في آياته، له أثر كبير في تليين القلب، فالتدبر في المعاني العميقة للقرآن يُساهم في الوصول إلى حالة من الهدوء والسلام الداخلي. كما أن القيام بالأعمال الخيرية والتصدق يعزز من صفات اللين والرحمة في النفس. قال الله تعالى في سورة البقرة: "الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم" مما يُظهر أن الإنفاق في سبيل الله يعكس اللين والكرم. من الضروري أيضًا التركيز على حسن الخلق وتجنب النقاط السلبية التي تؤدي إلى قساوة القلب، مثل الكذب والغيبة والنميمة. هذه الأفعال تؤدي إلى انحدار الأخلاق وتضر بالعلاقات، مما يجعل القلوب تميل إلى القسوة. ينبغي على كل إنسان أن يتحلى بالصبر والرفق، ولنا في النبي محمد صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، حيث كان يُعامل الجميع باللين والرحمة. بالإضافة إلى ذلك، التواصل مع الله وذكره له أثر عميق على قلب الإنسان. الحديث مع الله من خلال الصلاة والدعاء يفتح أبواب الرحمة والإيمان، ويمنح الشخص شعورًا بالأمان والاطمئنان. إن القلب الذي يذكر الله ويعيش في أجواء الإيمان يكون بعیدًا عن الآلام الناتجة عن القسوة. وفي هذا السياق، يُمكن للإنسان أن يدعو الله بصدق، يتوسل إليه ويرجو رحمته، مما يساعد في تليين قلبه. لكل من يرغب في تليين قلبه، عليه أن يتذكر الله سبحانه وتعالى في كل وقت وحين، ويُوسع من أعمال الخير في حياته. التحلي بالنية الصالحة والسعي نحو الأعمال المباركة يزيد من تلك اللين في القلب، ويجعله أكثر انفتاحًا على الرحمة والمودة. كما ينبغي الابتعاد عن أي شكل من أشكال الإثم والشر، فالمعاصي تُثقل القلب وتُكسبه القسوة. في ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أرتبكت في شيء من الأشياء، فتذكر أن القلب هو ملك الأعضاء، فإن صلح الملك صلحت الأعضاء". أخيرًا، تليين القلب ليس هدفًا بسيطًا، بل هو رحلة مستمرة تتطلب الجهد والمثابرة. تبدأ هذه الرحلة بالتفكر في عظمة الله، ورحمته، وقراءة القرآن، وأداء الطاعات، وسلوك الطريق الصحيح في العلاقات مع الآخرين. صلاح القلوب وتليينها يُعتبر من الأمور التي تعود بالنفع ليس فقط على الفرد، بل على المجتمع ككل. لذا، عليه أن يتذكر دومًا أن اللين صفة من صفات المؤمنين، وأن القلب اللين هو الطريق إلى رضا الله ورحته.
في زمن بعيد، كان هناك رجل يدعى حسن يمتلك قلبًا قاسيًا مليئًا بالضغينة. يومًا ما ذهب إلى المسجد وسماع خطبة من عالم كبير. قال العالم: "إن قسوة القلب تأتي من بعد عن ذكر الله، ومع التقوى وفعل الخير تجاه الآخرين، سيتلين قلبكم." فكّر حسن في هذا وقرر أن يذكر الله يوميًا ويساعد الآخرين. مع مرور الوقت، شعر حسن بليونة في قلبه ووجد الحب والسلام في حياته.