يدعونا القرآن إلى السعي في الأعمال الصالحة وتجنب إهدار الوقت، مذكراً بأن كل لحظة من الحياة ثمينة.
يؤكد القرآن الكريم على أهمية الوقت ويحثّ على استغلاله بشكل جيد، حيث أن الوقت يعد من أثمن ما يملكه الإنسان في هذه الحياة، ومن هنا تأتي أهمية محاسبة الذات وتقييم مدى استخدامنا له. تشير العديد من الآيات في القرآن إلى هذا الموضوع، كما أنها تحمل في طياتها رسائل قوية تحفز المسلمين على العمل والارتقاء بمستوى حياتهم. في سورة العصر، نجد تأكيداً واضحاً على هذه الفكرة. يقول الله تعالى: 'وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ' (العصر: 1-3). هذه الآيات تبين لنا أن الكثرة العظمى من الناس تعيش في حالة من الخسارة، ما لم يسعوا إلى الإيمان الصحيح والعمل الصالح. إنّ هذه الآيات تشدد على ضرورة الانخراط في الأنشطة البناءة وأن نتأكد من توجيه وقتنا نحو الأمور التي تبني شخصيتنا وتقربنا إلى الله. كما أن العمل الجاد والتعاون في الحق والصبر من الأمور التي تضمن لنا النجاح في هذه الحياة، وتؤهّلنا لنيل الفلاح في الآخرة. يدعونا القرآن أيضاً إلى الوعي بأهمية الوقت. في سورة المؤمنون، يقول الله تعالى: 'أَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَىٰنا لَا تُحْشَرُونَ؟' (المؤمنون: 115). هذه الآية تذكّرنا بأن حياتنا ليست عبثاً، بل هي سبيلاً للعبادة والعمل لمرضاة الله، وأنه ستكون هناك محاسبة لكل شيء فعلناه في حياتنا. من المهم أن نتذكر أن كل لحظة من لحظات حياتنا هي هبة من الله، وعليه فنحن ملزمون بتحسين استغلال وقتنا واستثماره في الأمور التي تقرّبنا من الخالق، وتعمّر دواخلنا بالمعاني السامية. إن إدارة الوقت بحكمة هي مسؤولية يتحتم علينا جميعاً الالتزام بها. الحياة مليئة بالتحديات، وعلينا أن نكون جاهزين لمواجهتها بكل إيمان وصبر. فكما يؤكد الله في القرآن، العمل الصالح والتواصل بالحق والصبر هي المفاتيح الأساسية للنجاح. إن السعي لتطوير الذات، وطلب العلم، ومساعدة الآخرين، هي من الأمور التي تضمن لنا تحقيق الذات، وتنعكس بالإيجاب على المجتمع ككل. عندما نبدأ بفهم قيمة الوقت، سنجد أن أولوياتنا ستتغير. ستحل الأنشطة المفيدة محل الأنشطة الضارة، وسنسعى للتواصل مع الآخرين بشكل أكثر إيجابية. إن الوقت هو الحياة، وما نهدره من الوقت هو في الحقيقة نهدره من عمرنا. علاوة على ذلك، يجب أن نعي أن الوقت يمر بسرعة. كم من المرّات شعرنا بأن الوقت لا يكفي؟ علينا أن نضع استراتيجيات فعالة لكي نضمن ألا تذهب حياتنا سدى. من المهم وضع خطط أسبوعية من أجل تحقيق الأهداف سواء كانت في العمل أو الدراسة أو العائلة. كما يجب أن ندرك أن استخدام الوقت ليس فقط في الأمور الدنيوية، بل أيضاً في العبادة والقيام بالأعمال الخيرية. فالحسنات تضاعف، والوقت المستغل في طاعة الله له أجر عظيم لا يضاهيه شيء. سيتحقق ذلك عندما نجعل من صلاتنا وقراءة القرآن ومساعدة المحتاجين جزءاً من يومنا. الوقت هو النعمة التي منحنا الله إياها، فعلينا أن نكون حذرين في كيفية استغلاله. لنضع في اعتبارنا أن كل دقيقة تمر هي فرصة جديدة لبناء أنفسنا وتحقيق ما نريد، فالصبر والعمل الصالح هما السلاحان اللذان يمكننا من محاربة الفشل والهزائم. في الختام، يمكننا أن نستنتج أن القرآن الكريم يبعث برسائل قوية حول أهمية الوقت، ويحث المسلمين على أن ينظروا بعمق إلى كيفية قضاء أوقاتهم. باستخدام الوقت بحكمة، يمكننا تحسين نوعية حياتنا ونيل رضا الله في الدنيا والآخرة. لذا، يجب أن نبدأ منذ اليوم بتغيير أسلوب حياتنا والعمل على استغلال الوقت في ما يحقق لنا أحسن النتائج.
كان هناك يومًا، رجل اسمه سهراب قرر أن يدير وقته بشكل أفضل. كان دائمًا يجلس في زاوية ويسترجع أيامه الضائعة. في يوم من الأيام، بينما كان جالسًا مع صديق له، تحدثوا عن الحياة وتعاليم القرآن. قال صديقه: 'سهراب، نحن لا نعرف متى قد تنتهي حياتنا، لذا يجب أن نستفيد من كل لحظة.' هذه الكلمات ألهمت سهراب وقرر أن يقضي كل دقيقة من حياته في القيام بالخير وخدمة الآخرين.