للتغلب على النفس الأمارة ، فإن التقوى والذكر والامتناع عن الطعام هي من الوسائل الرئيسية.
إن النفس الأمارة هي واحدة من المفاهيم الجوهرية التي يوضحها القرآن الكريم، وتعتبر من الظواهر الإنسانية اليومية التي يتعامل معها المسلم. فقد خلق الله النفس البشرية بحكمة وتركيبة معقدة الأمر الذي يستدعي من الإنسان البحث عن التوازن بين رغباته الروحية والجسدية. وتُعد النفس الأمارة بالسوء أصدق تعبير عن التحديات الأخلاقية والروحية التي تواجه الإنسان، إذ تظل نبض الحياة البشرية مستمرة في اختبار الإيمان والقناعة. في سورة يوسف، الآية 53، نجد إشارة قوية إلى طبيعة النفس البشرية، حيث قال الله: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ." فهذه الآية تؤكد وجود نزعات داخل النفس تدفع الشخص نحو الخطايا والآثام، مما يجعله مضطراً للتوجه نحو مسارات روحانية وقيمية هامة تساعده على تجاوز تلك النزعات. فكما أن السهم يحتاج إلى اتجاه ثابت للرجوع إلى الهدف، يحتاج الشخص أيضًا إلى التوجيه الروحي الذي يساعده في مقاومة النفس الأمارة. أبعاد النفس الأمارة بالسوء: إن النفس الأمارة تُشبه الطفل المشاغب الذي يحتاج إلى تربية وإشراف دائم فحتى تتحقق ذاتية الإنسان في أقصى درجاتها، يجب عليه أن يتوجه بإرادته وعزيمته نحو توجيه النفس بعيدًا عن الخطايا. فكما يحتاج الطفل إلى التوجيه والإشراف، تحتاج النفس أيضًا إلى التهذيب والتهذيب من خلال القيم الدينية والروحية. وفي كثير من الأحيان، نجد أن النفس الأمارة تدفع الناس إلى الشهوات والملذات، وتجعلهم يلجأون إلى الكذب والغش والأنانية، وهي سلوكيات تُعد بمثابة إشارات تحذيرية تعلن عن وجود مشكلة داخل النفوس. طرق التغلب على النفس الأمارة: العلاج الفعال لمواجهة النفس الأمارة يأتي من الالتزام بمبادئ التقوى. إذ يقول الله في سورة البقرة، الآية 183: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون." فالصيام له دلالة عميقة تتجاوز كونه عبادة، فهو وسيلة لتقوية الإيمان وتعزيز الإرادة، حيث يساهم في فرض السيطرة على النفس ومنهجيتها. وعندما يمتنع الإنسان عن تناول الطعام والشراب والشهوات لفترة، يشعر بقدرته على مواجهة التحديات الحياتية وكل ما يواجهه من ضغوط نفسية. ذكر الله كوسيلة للتحصين: من جهة أخرى، فإن الذكر يعد أحد الأساليب الرئيسية لمحاربة النفس الأمارة. الإكثار من الذكر والصلاة يساعدان في تعميق الصلة بالله ويجعل الإنسان أكثر وعيًا بحاجته إلى التوجيه الإلهي. وعندما يُكثر الشخص من ذكر الله، يتجلى في قلبه شعور بالسكينة والطمأنينة مما يدفعه بعيدًا عن العثرات وخطوات الشيطان. فالذكر يُعتبر تلك الحصن الذي يحمي النفس من مغريات الحياة ومن الشهوات التي قد تفسدها. التوبة والاستغفار: كما ينبغي على الإنسان إذا وقع في الخطيئة بفعل انقياده وراء رغبات النفس الأمارة، أن يسارع بالتوبة والاستغفار. قال الله في كتابه الكريم: "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين." وقد بدأت هذه الآية تؤكد على أهمية العودة إلى الله وطلب المغفرة، مما يسهم في تصحيح المسار الروحي وتعزيز الإرادة. التوبة ليست فقط مجرد كلمات تقال، بل هي نية صادقة نحو تغيير السلوك والتوجه نحو العبادة والخير. القرآن والسنة كمصادر للإرشاد: إن دراسة القرآن الكريم والسنة النبوية هي من وسائل التنبيه الفعالة لتقوية الإيمان وتعميق الولاء لله. حيث تحتوي تلك المصادر على كنوز من الحكمة والنصائح التي تعين المسلم على تجاوز مصاعب الحياة ومواجهة تحديات النفس الأمارة. فالتأمل في قصص الأنبياء والأخلاق السامية التي دعا إليها الدين الحنيف يكفي لتوجيه الإنسان نحو الطريق القويم. إن دراسة هذه النصوص تجسد كيف يمكن لشخص أن يتغلب على الهوى ويرتقي بنفسه إلى مستوى أعظم. الختام: في ختام هذا الطرح، يجب على كل إنسان أن يسعى بجد لبناء علاقة قوية مع الله وتطوير نفسه بشكل مستمر. فالنفس الأمارة تعد هاجسًا لكن يمكن التغلب عليها عبر التقوى وذكر الله والتوبة الراسخة. إن كل إنسان يواجه تحديات النفس بشكل أو بآخر، وما يوجهنا نحو الله هو الرغبة الحقيقية في القرب والمغفرة. لذا علينا أن نتحلى بالصبر والإرادة القوية لمواجهة نوازع النفس والمضي قدمًا في بناء حياة روحية متوازنة تكون طريقنا نحو السمو الروحي والتحصيل الأخروي.
كان هناك طفل يدعى سجاد يعاني من مشكلات في دراسته. كلما واجه درسًا لم يكن يفهمه ، شعر باليأس. في يوم من الأيام ، اقتبس معلمه عبارة من القرآن: 'النفس تأمر بالسوء' ، وأدرك سجاد أن الجميع يتعاملون مع هذه النفس. قرر أن يصلي كل صباح قبل الذهاب إلى المدرسة. مع مرور الوقت ، لم يتحسن سجاد في دراسته فحسب ، بل أعطى أيضًا أهمية أكبر لصداقاته وسرعان ما أصبح طالبًا ناجحًا.