للانتقال من الظلام إلى النور، يجب أن نركز على القرآن و أوامره، مع تجنب ظلام الذنوب.
يُعَدُّ القرآن الكريم دليلاً موضعيًا يقدم رؤى عميقة لنقل البشر من الظلام إلى النور، حيث يتناول هذا الموضوع بأسلوب مبدع ومؤثر. فإن فهم هذه الرحلة الروحية والنفسية التي ينتقل من خلالها الإنسان نحو النور يعد من الأمور الهامة التي ينبغي علينا التماسها في حياتنا، لما لها من تأثيرات عميقة على مسار حياتنا اليومية وسلوكياتنا. في سورة الأنعام، الآية 122، يطرح الله سؤالاً مثيرًا للتفكير حين يقول: "أفمن كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن هو في الظلمات ليس بخارج منها؟"، وهذا السؤال يبرز بوضوح القيمة والمحور الأساسي في حياة المؤمن. فالله سبحانه وتعالى يقارن هنا بين حالتين: شخص قد أحيى الله قلبه بالإيمان والنور، وآخر يعيش في ظلمات الجهل والكفر. وبالتالي، تبرز هذه الآية أهمية السعي نحو المعرفة والهداية التي يوفرها القرآن الكريم. إن الإيمان بالله يُضيء دروب البشرية ويفتح أمامها آفاقًا جديدة، تشجعهم على البحث عن الحقيقة والسعي وراء النور وسط ظلام الحياة. تعتبر الطقوس الدينية كالصلاة والصوم من الأدوات والدعائم التي تساعد الفرد في الانتقال من حالة الجهل إلى المعرفة والنور. فالصلاة تُعمق الصلة بين العبد وربه وتتيح له فرصة التأمل والتفكر في عظمت الله سبحانه وتعالى، مما يؤدي إلى تجديد الإيمان وتقوية الروابط الروحية. في سورة البقرة، الآية 257، يُؤكد الله على هذه الحقيقة عندما يصرح: "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور." تعكس هذه الآية الدور الكبير للإيمان في تغيير واقع الأفراد والمجتمعات، فمَن يجد في نفسه الولاية الإلهية، يتجاوز الانكسارات والظلمات ويتمكن من النظر إلى المستقبل بعين التفاؤل والرجاء. علاوة على ذلك، تأتي سورة النور، الآية 35 لتضيف بعدًا جديدًا لفهمنا؛ حيث يقول الله: "الله نور السماوات والأرض." من خلال هذه الآية، يُظهر الله قدرة النور الإلهي على تغيير الحياة وتحويلها إلى مسار مسدد نحو الخير. إن النور المشار إليه هنا ليس مجرد ضوء مادي، بل هو ضوء روحي يشع من الإيمان والعلم، مما يساعد المسلم على تجاوز المعوقات والصعوبات. إن دراسة وفهم آيات القرآن والتأمل في معانيها تُعطي المؤمن القدرة على الفهم والتوجه بشكل صحيح في الحياة، فتتحول كل آية إلى دروس تتطلب التفكير والتأمل والعمل. وكما نعلم، فإن سيرة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تُشكل نموذجًا حيًا ومثالًا يُحتذى به في كيفية الانتقال من الظلام إلى النور. كان النبي يحمل رسالة إلهية تهدف إلى إنقاذ البشرية من شباك الكفر والضلال، وعليه فإن التعرف على سيرته والتأمل في نهجه يمكن أن يكون له تأثير عميق على السلوكيات والأفكار. كانت حياته مليئة بالتحديات، ولكنه بفضل إيمانه الراسخ بمبادئ القرآن وهدايته، استطاع أن يتجاوز تلك التحديات. إن التعلم من حياته النبيلة يمكن أن يؤدي بنا إلى عيش حياة مفعمة بالنور والإيمان، مما يتطلب منا تبني القيم النبيلة والعمل بها في مجتمعاتنا. وفي النهاية، يجب أن ندرك أن أسلوب الحياة الدينية السليم يمثل أحد المفاتيح الأساسية للعبور إلى الحياة المفعمة بالنور. الابتعاد عن الخطايا والاعتماد على الهداية الإلهية يشكلان أساسًا رئيسيًا لترسيخ النور في قلوب المؤمنين. لذا، يجب على كل مؤمن أن يسعى جاهدًا لنيل النور من القرآن الكريم من خلال البحث والدأب في تعاليمه والسعي لتطبيقها في شتى مجالات الحياة. إن هذا النور لا يقتصر فقط على الجانب الروحي، بل إنه يمتد ليشمل جميع جوانب الحياة، مما يسهم بشكل كبير في بناء مجتمع متماسك وقوي يستند إلى قيم الإيمان والعدالة. إن التحول من الظلام إلى النور ليس مجرد أحداث عابرة، بل هو مسار يتطلب العزم والإرادة، وأن يشعر كل فرد بمسؤوليته نحو هذا السعي العظيم، الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة للأفضل. فالتأمل في آيات القرآن والالتزام بتعاليمه ليست مجرد واجبات دينية، بل هي مفاتيح لتغيير حياتنا وتحسينها. إن هذا المسار الروحي يحمل في طياته الكثير من الوعود بالدعائم النفسية والروحية التي تقودنا نحو حياة مفعمة بالأمل والنور، مما يجعلنا نتجاوز الصعوبات ونحقق الأهداف النبيلة التي نسعى إليها.
في يوم من الأيام، دخل رجل حديقة ولاحظ ثمارًا لذيذة تتدلى من الأشجار. فكر في نفسه: 'كم تبدو هذه الثمار جميلة ولذيذة!' ولكنه تذكر سريعًا أنه للوصول إلى هذه الثمار، كان عليه بذل جهد والانتباه إلى التربة الصلبة تحت الأشجار. عمل بجد وسقى النباتات، وفي النهاية حصد الثمار الحلوة. هذا المثال يشبه حياتنا؛ في بعض الأحيان علينا أن نعمل بجد ونمارس تعاليم القرآن للانتقال من الظلام إلى النور.