الله على علم بمعاناتنا ويجلب اليسر مع كل عسر.
تُعتبر العذابات والصعوبات من السمات البارزة في الحياة الإنسانية، حيث يتعين على كل فرد منا مواجهة مجموعة متنوعة من التحديات التي تؤثر بصورة مباشرة على مسيرته اليومية. في خضم هذه المعاناة، يبرز دور الدين كنافذة تضيء لنا الطريق نحو التعافي والتفاؤل. يقدم القرآن الكريم رؤية عميقة حول حالة الوعي الإلهي بمعاناة عباده، ومدى قرب الله تعالى منهم وعنايته بحالتهم. إن الآية 186 من سورة البقرة تشير بوضوح إلى هذا القرب، حيث ورد فيها: "وإذا سألك عبادي عني، فإني قريب، أجيب دعوة الداع إذا دعاني." تعكس هذه الآية فكرة القرب الإلهي، حيث توضح أن الله دائمًا حاضر في حياة عباده، يستمع إلى دعواتهم ويستجيب لها. ومن هنا، يشعر العبد بأنّه ليس وحيدًا في صراعاته بل يحظى برعاية خاصة. وعندما ننظر إلى مفهوم المعاناة وفقًا للقرآن، نجد أنه لا يُنظر إليه على أنه خسارة أو عذاب نهائي، بل كجزء من التجربة الإنسانية التي تساعد الأفراد على التقرب إلى الله. هذا ما تم الإشارة إليه في سورة الإنشراح، تحديدًا في الآيات 5 و6: "فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا." في هاتين الآيتين، يتجلى تأكيد واضح على أن الله يُساند العبد في صراعاته ويوفر له السهولة والراحة بالتزامن مع كل صعوبة يواجهها. هذه الرسالة تعكس حكمة الله تعالى في خلق التوازن بين الخير والشر، واليسر والعسر، مما يمكن الأفراد من تجاوز تحدياتهم بمرونة وصبر. إن الآيات اللاحقة توضح لنا عمق الفهم الإلهي للمعاناة والتجارب الصعبة. على سبيل المثال، في سورة يوسف، ترد الآية 18: "ودمغوا قميصه بدم كاذب." تسلط هذه الآية الضوء على بعض المؤامرات التي تعرض لها يوسف عليه السلام، مما يُظهر أن الله كان حاضرًا وشاهدًا على هذه الأحداث حتى في أصعب الأوقات. إن الإيمان بأن الله يراقب كل شيء ويعلم ما يجري يمكن أن يُعزز من روح الأمل لدى العبد ويمده بالقوة لمواجهة صعوباته. وعلاوة على ذلك، تشير سورة الذاريات في الآية 56 إلى الآية: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون." تعكس هذه الآية هدف الخلق وماهيته، موضحةً أن الهدف الأسمى من وجود البشر والجن هو العبادة والخضوع لله. وبالتالي، فإن التحديات التي تواجه الأفراد ليست مجرد آلام وعذابات، بل تُعتبر فرصًا للتقرب إلى الله ولتعزيز عبوديتهم له. إذًا، تقديم العذاب كوسيلة للاختبار والاقتراب من الله هو أمرٌ مُشجع، إذ يمنح الأمل ويحفز على تجاوز المحن. من هنا نستخلص من هذه الآيات العظيمة أن الله تعالى يراقب جميع أحوال عباده ويدرك آلامهم ومعاناتهم، وأنه في كل الأوقات يعدهم بمعونة ورعاية لا تتوقف. في ختام هذا الحديث، يجب علينا أن نتذكر أن الإيمان بقرب الله منا، ورؤيته وسماعه لأدعيتنا، يعطينا القدرة على مواجهة المصاعب برحابة نفس وأمل. يجب علينا أن نعتبر كل اختبار واجهناه خطوة نحو تعزيز الروح والنمو الشخصي، بحيث نخرج من كل تجربة أقوى وأقرب إلى الله، مع العلم بأن الصبر والتفاؤل هما مفتاح النجاح في رحلة الحياة. فلكل إنسان معاناته وتجاربه الخاصة، ولكنها ليست بلا معنى، بل هي دروس تُثري الروح وتساعدنا على الاستمرار في بوصلة الحياة. على العبد أن يسعى لتحقيق التواصل الروحي مع الله، أن يُظهر الاستسلام له، وأن يستمد الأمل من كل ظرف صعب يواجهه. وبالتالي، يجب أن نفهم أن الحياة ليست مجرد سلسلة من الأحداث المتقطعة، بل هي رحلة متكاملة، تتخللها دروس واختبارات، تقربنا أكثر إلى الخالق وتعزز من إيماننا ووجودنا في هذا الكون. وعليه، يُعد الفهم العميق لدور الله في حياتنا وسط المعاناة والعذاب دلالة على مستوى وعي الروح، حيث تُساعدنا في معالجة التحديات؛ لتكون الحياة أكثر ثراءً ومعنىً. وهكذا يصبح الإيمان بالله والاحتفاظ بالأمل في قلوبنا مفتاح الخروج من ظلمات الشدائد نحو النور، فكلما شعرنا بعطف الله ورحمته، طمأنت نفوسنا بأن الإنجازات والفلاح ليسا بعيدين عنّا.
في يوم من الأيام، كان هناك شاب يُدعى علي يتأمل في حياته ويشعر بالحزن بسبب المعاناة التي واجهها. قرر أن يتوجه إلى القرآن ويدرس آياته. بعد التفكير في آيات مختلفة، أدرك أن الله يعي مشكلاته وأنه لن يتركه وحده في صراعاته. دعا علي على الفور ووجد ثقة متجددة، لأنه كان يعلم أن الله دائماً بجانبه.