البشر أحرار في خياراتهم وأفعالهم ، لكن قدرة الله وإرادته تؤثر أيضًا في مصيرهم.
إن قضية إرادة الإنسان وقدرته في القرآن الكريم تُعتبر من الموضوعات الحيوية التي تثير الكثير من النقاشات والتأملات. فعندما نتحدث عن إرادة الإنسان، يجب أن نفهم أنها ليست مطلقة أو غير محدودة، بل هي مرتبطة بإرادة الله وقدرته. إن الله سبحانه وتعالى هو القادر على كل شيء، وهو الذي يقرر مصائر العباد. فالآيات القرآنية تؤكد أن كل شيء قد قُدر من الله، لكن في الوقت نفسه، يُعطى الإنسان مما يُعرف بالحرية في الاختيار. في سورة الأنعام، الآية 17، يقول الله تعالى: "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو"، وهذه الآية تدل على أن كل ما يحدث في حياة الإنسان من خير أو شر هو بتقدير الله. وعندما يُصاب الإنسان بمكروه، لابد أن يدرك أن ذلك سببه إرادة الله، وهذا يُظهر عجز الإنسان أمام قدرة الله اللامتناهية. ولكن السؤال الذي يُطرح هنا: هل يعني ذلك أن الإنسان ليس له دور أو تأثير فيما يجري له؟ بالتأكيد لا. ففي الآيات القرآنية نجد إشارات واضحة إلى أهمية إرادة الإنسان. في سورة القلم، الآية 33، يقول الله: "وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك..."، وهذا يعني أن هناك اختبارات وتحديات في حياة الإنسان قدرها الله له، ولكنه في نفس الوقت يُطالب بأن يتحلى بالصبر والثبات. تلك المعاناة والاختبارات ليست فقط حتمية، بل هي جزء من الحياة لتقوية الإنسان وزيادة إيمانه. وهناك آية أخرى تنبّه الإنسان إلى أهمية خياراته، في سورة الزمر، الآية 7، يقول الله: "إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر". من خلال هذه الآية، يتحمل الإنسان مسؤولية اختياراته، ويُظهر أن الله ليس بحاجة إلى عبادته أو شكره، بل هو الذي يُرسم مصير عباده بناءً على اختياراتهم. وهذا يبرز المفهوم الذي يُسمى حديثًا بمسؤولية الإنسان. إن مفهوم الإرادة والمسؤولية يتشابك مع ضرورة إدراك الإنسان لعجزه في مواجهة بعض الأمور. فعلى الإنسان أن يكون واعيًا ومتيقظًا خلال حياته، لأنه ما يزال بمقدوره أن يتخذ قرارات قد تحدد مستقبله. إن فهم العلاقة بين إرادة الله وإرادة الإنسان يساعد في بناء شخصية قوية وجريئة تُحسن استخدام الخيارات المتاحة لها. لذا فإن الناس ليسوا سلبيين فيما يجري لهم، بل يساهمون بحرياتهم وإرادتهم في تشكيل مساراتهم. نجد أن هناك توازنًا بين القدر الذي كتبه الله للإنسان وبين حريته في الاختيار. وهذا التوازن هو ما يجعل الإنسان مُكلفًا ومُسؤولاً. إضافة إلى ذلك، فإن سعي الإنسان نحو تحقيق إرادته يُعتبر عبادة، لأن الفعل الإنساني المتوازن مع الإرادة الإلهية يُعزز الإيمان ويقود الشخص نحو الفلاح. وعليه، نجد الكثير من الآيات القرآنية التي تدعو إلى التفكر والتأمل، مما يعزز من مسؤولية الإنسان أمام الله. وفي ظل هذا التوازن، يجب أن يُدرك الإنسان أن مشيئة الله قد تتجلى في حياته من خلال الأحداث اليومية، مما يشجع على اتخاذ القرارات الصائبة تنزيلًا لمنهج التفكر الذي يُعززه القرآن. فكلما بذل الإنسان جهدًا أكبر في اتخاذ قرارات صحيحة == يتلقى دعم الله وإلهامه في مسارات حياته. في النهاية، يمكن أن نستنتج أن قضية إرادة الإنسان وقدرته في القرآن الكريم تُعبّر عن توازن مهم بين الإرادة الإلهية وإرادة الإنسان. فالإنسان يمتلك قدراً من الحرية، وهو مسؤول عن اختياراته وأفعاله، بينما تبقى قدرة الله وإرادته مؤثرين بشكل دائم في حياة البشر. وبالتالي، يعود الإنسان في كل خطوة من خطوات حياته إلى الله، آملاً في أن يوفقه في اختياراته، مُدرَكًا أن الإرادة والإخلاص تنعكسان على مصيره النهائي.
في يوم من الأيام ، كان هناك رجل اسمه حسين درويش يجلس بجانب نهر يتأمل في حياته. كان يبحث عن الحقيقة التي من شأنها أن توضح له الطريق الصحيح. مرت الأيام والليالي ، لكنه ظل في بحثه عن الإجابات. حتى جاء يوم واحد ، عالم وحكيم إليه وقال: 'يا حسين ، الحياة مثل نهر يمكنك تحديد مسارها باختياراتك الصحيحة ، ولكن في النهاية ، الله هو الذي يدير المسار الرئيسي.' وكان حسين في دهشة من هذا وأدرك أنه في حين أنه مسؤول عن خياراته ، يجب أن يحترم أيضًا إرادة الله.