هل الشعور بعدم الأهلية للعبادة نوع من الكبر؟

إذا أدى الشعور بعدم الأهلية للعبادة إلى تركها، فقد يكون ذلك نابعاً من الكبر الخفي أو اليأس من رحمة الله، وكلاهما مذموم. العبادة واجب على الجميع وطريق للتقرب والتوبة، وليست مكافأة للمثاليين.

إجابة القرآن

هل الشعور بعدم الأهلية للعبادة نوع من الكبر؟

من منظور القرآن الكريم والتعاليم الإسلامية، فإن السؤال: 'هل الشعور بعدم الأهلية للعبادة هو نوع من الكبر؟' سؤال عميق ومتعدد الأوجه، والإجابة عليه تعتمد على جذور هذا الشعور وعواقبه. بشكل عام، يدين الإسلام أي شعور يعيق اتصال العبد بخالقه أو يدفعه إلى اليأس من رحمة الله الواسعة. قد يبدو الشعور بعدم الأهلية للعبادة للوهلة الأولى شكلاً من أشكال التواضع، ولكن إذا أدى هذا الشعور إلى ترك العبادة، فقد تكون له جذور في الكبر أو اليأس، وكلاهما يعتبران من العلل الروحية والمعنوية الخطيرة. أولاً، يجب تناول طبيعة العبادة وهدفها. في القرآن الكريم، تم تعريف الغرض الأساسي من خلق الجن والإنس على أنه العبادة: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (الذاريات: 56). تشير هذه الآية إلى أن العبادة ليست امتيازًا محصورًا لأفراد معينين، بل هي واجب وحق للعبودية لجميع البشر، بغض النظر عن سجلاتهم أو حالتهم من الخطيئة. العبادة هي وسيلة للتعبير عن العبودية، الشكر، التوبة، طلب المساعدة، والتقرب إلى الله. لذلك، فإن كل إنسان، حتى لو كان مثقلاً بذنوب عظيمة، مأمور بالعبادة. هذا يعني أن باب الرحمة الإلهية مفتوح دائمًا، والله لا يطرد أحدًا من بابه أبدًا، إلا إذا تولى هو بنفسه. ثانياً، إذا أدى الشعور بعدم الأهلية إلى ترك العبادة، فقد يكون شكلاً خفياً من الكبر. الكبر من كبائر الذنوب في الإسلام، وإبليس هو المثال الأبرز على ذلك؛ عندما رفض السجود لآدم واعتبر نفسه أفضل منه: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» (البقرة: 34). الكبر لا يعني بالضرورة الإعجاب الواضح بالنفس؛ ففي بعض الأحيان، اعتبار المرء نفسه خاطئًا للغاية لدرجة عدم كفاية رحمة الله يمكن أن يكون شكلاً من أشكال تضخيم الذنوب، وبالتالي شكلاً خفيًا من الغرور. الشخص الذي يقول: 'أنا مذنب جدًا لدرجة أنني لا أستطيع أن أعبد أو أحظى بالرحمة'، قد يضع، ربما دون وعي، قوة ذنوبه فوق قوة الغفران الإلهي. هذا التصور الخاطئ يضعف صفتي 'الغفور' و 'الرحيم' لله، ويمكن اعتباره نوعًا من 'الكبر في الذنب'؛ أي أن الشخص يعتبر ذنوبه عظيمة جدًا لدرجة أنه يعتقد أن محيط الرحمة الإلهية اللامتناهي غير كافٍ لغسلها. بينما من منظور القرآن، لا يوجد ذنب عظيم لدرجة أن الله لا يستطيع أن يغفره، بشرط أن يتوب العبد توبة نصوحًا ويتوجه إلى الله. ثالثاً، يمكن أن ينشأ هذا الشعور من اليأس والقنوط من رحمة الله. وقد نُهي عن اليأس من رحمة الله بشدة في الإسلام. يقول الله في القرآن: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الزمر: 53). تخاطب هذه الآية صراحةً المذنبين والذين أسرفوا على أنفسهم، وتأمرهم بألا ييأسوا من رحمة الله، لأن الله يغفر الذنوب جميعًا. إذا وصل الشعور بعدم الأهلية إلى نقطة اليأس من رحمة الله وبالتالي ترك العبادة، فإنه يعتبر تطبيقًا واضحًا لهذا النهي القرآني. يعتبر اليأس من رحمة الله بحد ذاته ذنبًا أعظم من العديد من الذنوب الأخرى، لأنه يدل على عدم فهم لسعة رحمة وقدرة الغفران الربانية. في المقابل، التواضع الحقيقي هو أن يتوجه الإنسان، بالرغم من إدراكه لعيوبه وذنوبه، بكليته إلى الله، لأنه يعلم أن طريقه الوحيد للخلاص والنمو يكمن في ظل هذا الاتصال والعبودية. التواضع الحقيقي يدفعه إلى المزيد من العبادة وطلب المغفرة من الله، وليس تركها. الشخص المتواضع يرى نفسه محتاجًا وفقيراً خالصاً أمام الغنى المطلق لله، وهذا الفقر نفسه هو الذي يدفعه نحو العبادة. لذلك، إذا كان الشعور بعدم الأهلية للعبادة يعني الاعتراف بالتقصير والخطأ، ويقود الإنسان نحو التوبة والاستغفار والسعي لعبادة أكثر إخلاصًا، فهذا شعور إيجابي وعلامة على التواضع. أما إذا تحول هذا الشعور إلى ذريعة لترك العبادة واليأس من رحمة الله، فإنه قد تكون له جذور في الكبر الخفي (الذي يرى ذنوبه أكبر من المغفرة الإلهية) أو اليأس والكفر العملي (عدم الثقة في وعد الله بالمغفرة). الحل هو ألا ييأس الإنسان أبدًا من فضل ربه ومغفرته، ومهما بلغت ذنوبه، أن يعود إليه بصدق وقوة، وينخرط في العبادة، لأن العبادة هي بوابة الطهارة والتقرب، وليست شرطًا مسبقًا لها.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

في قديم الزمان، كان هناك شاب مثقل القلب بذنوبه. كلما نوى أن يقف في الصلاة، كان صوت داخلي يثنيه: 'أنت قذر جدًا لتقف أمام الأطهر! كيف يجرؤ من غرق في الأخطاء على مخاطبة الرب القدوس؟' كان هذا الشعور بعدم الأهلية يمنعه من الذهاب إلى المسجد والعثور على السكينة في العبادة. ذات يوم، رأى شيخ حكيم معروف ببصيرته الروحية الشاب جالساً حزيناً. سأله: 'يا بني، لماذا لا أراك بين المصلين؟' فتنهد الشاب واعترف بشعوره العميق بعدم الأهلية. ابتسم الشيخ بلطف وقال: 'يا بني العزيز، المسجد ليس مكاناً للمتطهرين بالفعل، بل هو مكان لمن يطلبون الطهارة. الصلاة ليست مكافأة على الجدارة، بل هي وسيلة لتحقيقها. هل يُشفى المريض الذي يشعر بأنه مريض جداً لدرجة أنه لا يستطيع زيارة الطبيب؟ اذهب يا بني، واطلب السلوى في حضن الرحمن، فإن رحمته أوسع من جميع ذنوبك، وبابه مفتوح لكل من يطرق بصدق، بغض النظر عن ماضيه.' استنار الشاب بهذه الكلمات، ووجد الشجاعة. دخل المسجد متواضعًا ولكن يملؤه الأمل، ووجد في العبادة طريقًا إلى السلام الداخلي والرحمة اللامتناهية لربه.

الأسئلة ذات الصلة