هدف خلق الإنسان هو عبادة الله والاختبار في الحياة.
إن الهدف من خلق الإنسان هو موضوع عميق ومعقد، يتضمن الكثير من المعاني والدلالات التي تتجاوز مجرد وجودنا المادي في هذه الحياة. إن هذه المسألة تم تناولها بشكلٍ كبير في القرآن الكريم، حيث يسعى النص القرآني إلى توضيح السباب الأساسية التي جعلت من الإنسان كائنًا مميزًا في هذا الكون. في سورة الذاريات، الآية 56، يقول الله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". تعكس هذه الآية بوضوح أن الهدف الأساسي من خلق الجن والإنس هو عبادة الله وحده. وفي هذا السياق، يجب أن نفهم أن العبادة لا تعني فقط الطقوس التعبدية مثل الصلاة والصيام، بل تشمل أي عمل يُرضي الله ويدخل في نطاق البِر والإحسان. فالعبادة هنا تمثل الشكل الأرقى من العلاقة التي يتوجب على الإنسان أن يُقيمها مع خالقه، الأمر الذي يعكس كرامة الإنسان ودوره المهم في الحياة. عندما ننظر إلى آية أخرى في سورة الملك، نجد أن الله تعالى يقول في الآية 2: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً". هذه الآية تعكس أن الحياة والموت هما جزء من اختبار إلهي مفصل يقيس مستوى إيماننا وأعمالنا. فالاختبار هنا هو بمثابة فرصة لنثبت لأنفسنا ولله ماذا نحن capable of doing. فالحياة تعد ميدان العمل، حيث أننا مُكلفون بإنجاز أعمال تُظهر طاعتنا لله، بينما يمثل الموت انتقالاً إلى العالم الآخر، حيث نتلقى نتيجة لهذه الأعمال. إذاً، فإن الإنسان مطالب بالسعي نحو تحقيق أفضل الأعمال، مع اليقظة لمتطلبات ذلك الاختبار الإلهي. إن القرآن الكريم أيضاً يُشدد على أهمية الإيمان والأعمال، كما يتضح من سورة البقرة، الآية 177، حيث يقول الله تعالى: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والأنبياء وآتى المال على حبه ذو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة". تبيّن هذه الآية أن مجرد الإيمان ليس كافياً، بل يجب أن يتبعه عمل يُترجم هذا الإيمان إلى سلوكيات وأعمال تُحقق الخير. يُعتبر العمل الصالح خطوة أساسية في طاعة الله، حيث أن الإيمان الجاد يجب أن يظهر في أفعال الإنسان وتفاعلاته اليومية. تُعتبر هذه الآيات القرآنية دعوة ملحة للمسلمين للسعي نحو العبادة والأعمال الصالحة، لأنها تعكس احتياجات الإنسان للبحث عن الاستقامة والنجاح في الاختبار الإلهي. فالحياة ليست مجرد أيام تمر بلا هدف، بل هي أكثر من ذلك بكثير. إن الحياة تعتبر فرصة عظيمة لتحقيق التقرب من الله، مما يساعدنا في تطوير ذواتنا ومساعدتنا على إنجاح المجتمع الذي نعيش فيه. من الجدير بالذكر أن الأعمال الصالحة لا تقتصر على الأمور العظيمة فقط، بل يمكن أن تتجلى في أبسط الممارسات اليومية. فعلى سبيل المثال، يُمكن أن نعبّر عن حب الله من خلال الابتسامة في وجه الآخرين، أو مساعدة الجيران، أو حتى قول كلمة طيبة. إن هذه الأعمال الصغيرة تعبر عن عبادة حقيقية وتؤكد التزامنا بالقيم الأخلاقية التي جاء بها الإسلام. لذا، يتوجب علينا أن نغتنم الفرص المتاحة في حياتنا لتحقيق الأفضل. إن السعي نحو حياة ذات معنى يتطلب منا السعي في مجال العبادة، والالتزام بقيم الخير والرحمة، ومواظبة تحسين أنفسنا ومحيطنا. رغم أن الحياة مليئة بالتحديات، إلا أنه بالتوجه القلبي نحو الله وبالتزامنا بالأعمال الصالحة، نستطيع أن ننجح في هذا الامتحان الإلهي ونحقق الهدف الأسمى من وجودنا. في النهاية، من المهم جداً أن نفهم أهداف خلقنا ككائنات بشرية بشكل صحيح، حيث إنها تمثل الحل والجواب على العديد من الأسئلة الوجودية. فالعبادة والأعمال الصالحة ليست مجرد شعائر تُؤدى على شكل طقوس، بل هي أسلوب حياة ومتطلب وجودي يتطلب منا جهدًا والتزامًا دائمًا. لنجعل من حياتنا رحلة نحو الله، رحلة مليئة بالأعمال الحسنة والطاعة لله، وبذلك نكون قد حققنا الأهداف النبيلة التي خُلقنا من أجلها، ونظفر برضاه في الدنيا والآخرة.
ذات يوم ، كان رجل يسير في الشارع وشهد جدالًا بين شابين. اقترب منهما على الفور وقال: "أصدقائي الأعزاء ، الحياة تمر بسرعة ، ويجب علينا الاستفادة منها إلى أقصى حد. ما الفائدة من قتالكما؟ سيكون من الأفضل أن نتضامن معًا وندعم بعضنا البعض للاقتراب من هدفنا النهائي." فكر الشابان للحظة وقررا توجيه حياتهما نحو العبادة والخير بدلاً من النزاع.