ما هي العلامات المذكورة في القرآن للتعرف على النبي الحق؟

يقدم القرآن علامات للتعرف على النبي الحق، منها المعجزات الإلهية، اتساق الرسالة مع التوحيد، الأخلاق النبوية المثالية، والبشارات في الكتب السابقة. أعظم معجزة للنبي محمد (ص) هي القرآن نفسه، الذي تحدى البشرية أن تأتي بمثله.

إجابة القرآن

ما هي العلامات المذكورة في القرآن للتعرف على النبي الحق؟

في القرآن الكريم، قد وضع الله تعالى طرقاً متنوعة للبشر للتعرف على الأنبياء الحق من المدعين الكاذبين. هذه العلامات لا تُعد معياراً لأهل زمان النبي فحسب، بل لكل الأجيال، لتمييز صدق الدعوة الإلهية. من أهم هذه العلامات وأبرزها، المعجزات الإلهية التي تتم بقدرة وإذن الله تعالى على يد الأنبياء. المعجزة هي أمر خارق للعادة، خارج عن قدرة البشر، ولا يستطيع أحد أن يأتي بمثله، وهدفها إثبات اتصال النبي بقوة فوق طبيعية وإلهية. على سبيل المثال، قصة عصا موسى (عليه السلام) التي تحولت إلى حية، أو انفلاق البحر، هي أمثلة على المعجزات الحسية والمرئية التي أشير إليها في القرآن. كانت هذه المعجزات دليلاً قاطعاً لأهل زمانه على صدق دعوى موسى (عليه السلام) للنبوة. وكذلك، فيما يخص نبي الله عيسى (عليه السلام)، يتحدث القرآن عن معجزات مثل إحياء الموتى، وشفاء المرضى المستعصين، وخلق الطير من الطين بإذن الله. تشير هذه الأمور إلى أن الأنبياء يتمتعون بقدرة إلهية تفوق القدرات البشرية، ولذلك، تُعد المعجزات من أقوى أدلة إثبات النبوة. ولكن المعجزات الحسية ليست العلامة الوحيدة للنبي الحق. فبالنسبة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم)، فإن أعظم معجزة وعلامة صدق هي القرآن الكريم نفسه. فالقرآن، بصفته كلام الله، يتمتع ببلاغة وفصاحة وعمق معنوي وتناسق يفوق قدرة البشر. في آيات متعددة، تحدى الله تعالى الإنس والجن أن يأتوا بسورة واحدة مثل القرآن، وأخبرهم أنهم لن يستطيعوا ذلك أبداً، حتى لو تعاونوا فيما بينهم. هذا التحدي القرآني (التحدي)، لم يقتصر على زمن النزول فحسب، بل هو باقٍ إلى الأبد، ولم يستطع أحد حتى الآن أن يستجيب له. حفظ القرآن وصيانته من التحريف والتغيير عبر العصور، هو جانب آخر من إعجازه الذي يدل على مصدره الإلهي. علاوة على ذلك، يحتوي القرآن على علوم وحقائق لم تكن معروفة للبشر في زمن نزوله، ثم ثبتت صحتها لاحقاً بالاكتشافات العلمية، مما يظهر جانباً آخر من إعجازه العلمي. من العلامات الأخرى للأنبياء الصادقين، التناسق والوحدة في رسالتهم. فقد دعا جميع الأنبياء الإلهيين، من آدم إلى خاتمهم، الناس إلى التوحيد، وعبادة الله الواحد الأحد، واجتناب الشرك. كانت رسالة التوحيد، والعدل، والتقوى، والإحسان هي المحور الأساسي لرسالة جميع رسل الله. تشير هذه الوحدة في الرسالة إلى أن مصدر كل هذه التعاليم واحد، وهو ذات الله القدسية. الأنبياء الحق لا يدعون لأنفسهم مقام الألوهية أبداً، بل يقدمون أنفسهم دائماً كعبيد ورسل من الله. يدعون الناس إلى عبادة الله، لا إلى عبادة أنفسهم. وأي دعوى من فرد يدعو الناس إلى عبادة نفسه أو غير الله الواحد الأحد، فهي علامة على كذب ادعائه. علاوة على ذلك، تُعد شخصية وسيرة الأنبياء العملية دليلاً آخر على صدقهم. فالأنبياء الإلهيون، حتى قبل أن يُبعثوا بالرسالة، كانوا معروفين في أقوامهم بالصدق، والأمانة، والعفة، والأخلاق الحميدة. كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) معروفاً قبل النبوة بـ«محمد الأمين»، حتى أعداؤه كانوا يقرون بأمانته. النبي الصادق لا يدعي النبوة أبداً للحصول على منافع دنيوية، أو شهرة، أو سلطة، أو ثروة. إنهم لا يطلبون أجراً أو مكافأة من الناس؛ هدفهم الوحيد هو هداية البشر نحو السعادة الأخروية ورضا الله. عدم التعلق بالدنيا، والزهد، والتواضع من أبرز الخصائص الأخلاقية للأنبياء. هذه الصفات تمكن الإنسان من إدراك الفرق بين القادة الحقيقيين والمدعين الكاذبين. يشير القرآن الكريم أيضاً إلى نبوءات الكتب السماوية السابقة حول قدوم الأنبياء. على سبيل المثال، في سورة الأعراف، الآية 157، يُذكر صراحة أن أهل الكتاب يجدون النبي الأمي (الذي لم يتعلم القراءة والكتابة) مذكوراً عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. هذه النبوءات والبشارات تُعد حجة أخرى على صدق الأنبياء المتأخرين. بالإضافة إلى ذلك، الوحي الإلهي وعدم التحدث من الهوى، من العلامات الهامة الأخرى. ففي سورة النجم، الآيتين 3 و 4، جاء أن النبي لا يتحدث من هواه، بل ما يقوله هو وحي يوحى إليه. هذا يعني أن النبي ليس هو مصدر الرسالة، بل هو مجرد ناقل للرسالة الإلهية. هذه العلامات توفر مجموعة من المعايير المنطقية والموضوعية التي يمكن بواسطتها تمييز النبي الحق عن المدعين الكاذبين، واتباع طريق الهداية الإلهية ببصيرة. هذه الخصائص ليست للمسلمين فحسب، بل لكل باحث عن الحقيقة، ليتأمل فيها ويؤمن بالأنبياء الإلهيين ويتبع طريق هدايتهم.

الآيات ذات الصلة

قصة قصيرة

يُحكى أنه في قديم الزمان، كان رجل تقي وعالم يعيش في مدينة، يُعرف بورعه وعلمه. كان الكثيرون يأتون إليه لطلب التوجيه. وذات يوم، ذهب ملك تلك المدينة، الذي كان يسعى لإيجاد الصدق، إليه وسأله: «كيف يمكن للمرء أن يميز القول الحق والطريق الصحيح بين هذا العدد الكبير من المدعين والخطباء البارعين؟» ابتسم الرجل التقي وقال: «يا أيها الملك! القول الحق والطريق الصحيح لا يُعرفان بالكلام اللطيف فحسب، بل بالأعمال الصالحة، والتواضع، واجتناب الخداع. الكاذب دائماً يسعى وراء مصالحه ويرى نفسه متفوقاً، أما الصادق فلا يريد إلا خير الناس ورضا الله.» فتأمل الملك في كلماته، وأدرك أن الأنبياء الإلهيين يُعرفون بنفس البساطة والصدق في سلوكهم وكلامهم، لا بالادعاءات العظيمة أو طلب الأجر، بل برسالتهم وإخلاصهم في هداية الخلق.

الأسئلة ذات الصلة